قصة أغنية.. “شدولو وركب ” واللاندروفر المتعطل..

الخرطوم – اليوم التالي
“الفارس الجحجاح” هو اسم قصيدة تحولت إلى أجمل أغاني الحماس في السودان، ومع شهرتها الفائقة عبر مر التاريخ يظن غالبية الشعب السوداني أن فنانها الراحل “سيد خليفة” غناها للرئيس الراحل “جعفر النميري”، ولكن في الواقع أن الأغنية التي ذاع صيتها، ولدت في منطقة القضارف على ظهر عربة” لاندروفر”، وتم تفصيل كلماتها وأبياتها على مقاس العمدة ” حسن عبد الله طه” الذي يعد بطل القصة برمتها..
وتعود تفاصيل قصة الأغنية التي انتشرت بشكل كثيف على منصات التواصل، وتم تناولها بأكثر من رواية، إلى رحلة وعرة بمنطقة “المفازة “جنوب مدينة القضارف جنوب شرق السودان ترافق فيها الشاعر الكبير “عمر ود الحسن” مع الفنان ” سيد خليفة”، وصادف الرفيقين في الطريق يوم خريفي غزير الأمطار، وقد عطلت المياه الجارفة (وحلت) العربة ماركة “لاند روفر” التي كانت تحمل على ظهرها الشاعر والفنان، اللذين اضطرا وسألا أحد رعاة الماشية في تلك المنطقة فأشار إليهما أن يذهبا إلى المفازة لطلب النجدة..
وبحسب الرواية، ذهب الراعي وأخبر عمدة المنطقة وسرد له ما حدث فعجل الرجل بالفزع، ووصل إلى مكان اللاند روفر على عجل ومعه عدد من شباب المفازة الذين حاولوا إخراج العربة من الوحل؛ ولكنهم فشلوا، حينها أمر العمدة حالاً بتجهيز “تراكتور” قام بسحب العربة إلى المنطقة اليابسة..
المدهش في الأمر أن العمدة “حسن” لم يذهب ويترك الضيوف وإنما قام بعمل مدهش عندما كلف أحد المهندسين بصيانة العربة، وأقسم على الضيفين أن يذهبا معه إلى “المفازة” حتى تجهز العربة، وبالفعل ذهب الجميع وصلوا إلى المكان، وقام العمدة و أهل المنطقة بإكرام بالذبائح ..
والغريب في الأمر حتى تلك اللحظة أن الفنان “سيد خليفة”، والشاعر “ود الحسين” لم يعرفا أن ذلك الشخص الذي كان يغوص معهم في الوحل، ويحاول إخراج عربتهم هو العمدة “حسن عبد الله طه” بنفسه، والذي يعد أشهر شخصية في تلك المناطق، وبالمقابل لم يكن العمدة يعرف أن ضيفيه هما الفنان الكبير “سيد خليفة” والشاعر المعروف” ود الحسين”..
لم يتعرف الجميع على بعضهم إلا في لحظة الوداع، وكم كانت دهشة العمدة حسن عبد الله طه كبيرة عندما عرف أن ضيفيه كانا الشاعر الكبير عمر الحسين والفنان الشهير سيد خليفة ولكن دهشة سيد خليفة والشاعر عمر الحسين كانت الأكبر عندما عرفوا أن من شمر ساعد الجد وكفكف جلبابه ونجدهم من وسط الطين والوحل هو العمدة حسن عبد الله طه شخصياً الذي تخضع له كل مناطق المفازة وما جاورها، وكان مشهوراً بكرمه وحلمه وحكمته الراسخة فكتب الشاعر القصيدة بصورة بلاغية رائعة، حبلى بالمعاني التي تشير إلى الكرم السوداني المتأصل في نفوس السودانيين بصورة فطرية وطبيعية، كما أجاد فيها وصف العمدة..
هذه الأغنية التي كان يشدو بها الراحل المقيم سيد خليفة تعد من أشهر أغاني الحماسة الخالدة والتي ولا تزال يتغنى بها اليوم فنانو الشباب و يرددونها بكثرة في المناسبات، لما فيها من معاني الفروسية والشهامة والكرم والتي يقول نصها :-
شدوا لك رِكب فوق مهرك الجماح..
ضرغام الرجال
الفارس الجحجاح..
تمساح الدميرة
الما بيصده سلاح..
المال ما بيهمك
إن كتر وإن راح..
*
بطناً جابتك
والله ما بتندم..
ويا أسد الكداد
الفي خلاك رزم..
ويا رعد الخريف
الفوق سماك دمدم..
بابك ما انقفل
ونارك تجيب اللم..
وما بتحلف تقول
غير استريح حرم..
*
ابواتك قبيل
بيسدوا للعوجات..
مطمورتك تكيل
للخالة والعمات..
وفي الجود والكرم إيديك دوام بارزات..
ويا أب قلباً حديد
في الحوبة ما بتنفات
*
صدرك للصعاب
دايماً بعرف العوم..
وفي وسط الفريق
في الفارغة ما بتحوم..
لا بتتلام ولا بتعرف تجيب اللوم..
تفخر بيك بنات
البادية والخرطوم..