القضارف.. (عصار المفازة) وأغاني وأغاني.!!

محمد إدريس
* معلوم بالضرورة أن الحكومة تعيش منذ ثلاث سنوات حلقة دائرية من الانسداد السياسي، مواكب تفضي إلى مواكب مضادة، ومبادرات تفرخ إعلانات سياسية، وطق حنك سياسي لا يفضي إلا الى جدل بيزنطي عقيم حول الترف السياسي المسمي بـ(الإعلان الدستوري) و(التسوية السياسية).. تسييس شامل للحياة وإهمال تام لقضايا المواطن الذي قيل إن الثورة، والقرارات كانت من أجله.
*هنا في القضارف ومنذ عام رمى الوالي المكلف محمد عبدالرحمن حجراً في البركة الساكنة متحللاً من مشاكل الانتقال السياسي والإحباط الحكومي، موجهاً بوصلة عمل الحكومة إلى قضايا الناس في مياه الشرب بإكمال متبقي مشروع الحل الجذري، وجلب الأجهزة الطبية المتطورة لمستشفى القضارف، وبث العافية في أوردة الطرق ببناء الكباري والمعابر (المفازة / الحواتة)، فضلاً عن الطرق الداخلية والبنية التحتية في رئاسة الولاية.
*هنا في القضارف يتشكل في صمت وبعيداً عن الأضواء الأنموذج الذي يتوق إليه الشعب السوداني في الخروج من الأزمة السياسية، أنموذج (التكنوقراطية) الذي يتم فيه اختيار صانعي القرار على أساس خبرتهم، فالوالي المكلف عمل لأكثر من عقدين من الزمان ضابطاً إدارياً متجولاً بين جميع محليات الولاية ومديراً تنفيذياً لبعضها، مما أهله لمعرفة أدق التفاصيل والأسرار واتباع منهج شعبوي وجماهيري منفتحاً نحو المحليات متلمساً هموم الريف، وقد درجت العادة تركيز الولاة جهدهم على الحاضرة للكسب السياسي والإعلامي السريع..!

*هنا في القضارف ينعم المجتمع بالاستقرار الاجتماعي والأمني ونجاح الموسم الزراعي، هنا لا صوت يعلو فوق صوت الحصاد والكديب إذ لا مجال للتتريس وحرق الإطارات فالجميع في حالة عمل وإنتاج يجنون ثمار غرسهم.
* للخروج من عنق الأزمة الحالية في البلاد، أعتقد أن الجماهير تبحث عن مسؤولين يصفرون المشكلات، يعملون أكثر مما يتكلمون، ينفتحون علي الناس، لا ينحازون إلى تيار أو حزب أو جماعة، على مسافة واحدة من الجميع، لا يلتفتون الى المخذلين من أعداء النجاح جماعة (خالف تذكر).. وأعتقد أن هذا عين ما يفعله والي القضارف وهو يكسر جمود الظرف السياسي العصيب، يفتتح المدارس والاستاد والمعابر في المفازة ويربط الرهد الكبرى بالعالم، يتجول في الأسواق، ويصرف (البركاوي) للمنظمات الأجنبية المتقاعسة في معسكر الطنيدبة الذي يأوي أكثر من ٢٣ ألف لاجئ في ظروف بالغة المعاناة وإهمال لمطالب المجتمعات المستضيفة..!
*هنا في القضارف طربت المدينة وانتشت لمقدم مجموعة أغاني أغاني بقيادة الباحث مصعب الصاوي ومشاركة نجوم الغناء، شدت وطربت حتى منتصف الليل في أجواء احتفالية لروائع الراحل السر قدور الذي تربطه بالقضارف علاقة وثيقة، حيث غنت له عائشة الفلاتية وعمل تاجراً مع أقاربه في المفازة والحواتة والحوري والقضارف في بداية حياته، كانت لفتة بارعة من حكومة القضارف بتكريم السر قدور على نحو مختلف باستضافة أول نسخة للبرنامج خارج استوديوهات القناة الزرقاء، بمبادرة من مدير مكتب الوالي الأبنوسي والضابط الإداري القدير (جيفور) واللفتة الأروع بأن تنتقل قناة النيل الأزرق الى جمهورها بالقضارف في رحلة إعلامية وثقافية، تبث نبض المجتمع الذي ينتج ويفرح ويغني ويتعايش رغم الإحباطات العامة حتى تشحذ همم الآخرين.. فليس من العقلانية أن تقبع البلاد في سرداق العزاء تشق الجيوب وتلطم الخدود..!!


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب