عبدالحفيظ مريود يكتب: والدليل غفراني ليكي 

بدون زعل..

والدليل غفراني ليكي

تقول الحكاية إن صلاح قوش كان يحقق مع حسن الترابي، داخل المعتقل، على خلفية المحاولة الانقلابية التي اتهم فيها المؤتمر الشعبي، وحين نفى حسن الترابي علاقته بذلك، طالبه قوش بالدليل، فقال الترابي:” الدليل أن الانقلاب لم ينجح.. لا أخطط لشيء، ويفشل”..

شايف كيف؟

وتقول الحكاية الأخرى إن الحاج وراق حين خرج من مخبئه، مغادراً الحزب الشيوعي السوداني إلى غير رجعة، كان عادل الباز يلازمه.. أو يؤانس وحشته، إذ كانا دفعة ورفيقا سكن، بجامعة الخرطوم.. الباز كان، وقتها الأمين العام لبيت الثقافة، وكنا نصادف برامج مخصوصة يخلقها ليزيل وحشة وراق، خارج بيت الثقافة.. لمات وقعدات وعشاءات.. من حين لآخر نتجاذب الحديث.. الحاج وراق كان مصراً على أن هيئة الأعمال الفكرية – حيث كنت أعمل محرراً – هي “الذراع الثقافي لجهاز الأمن”، مثلها مثل “بيت الثقاقة”.. وكان الباز يضحك ضحكته الساخرة.. يتفاجأ من تصورات الحاج وراق.. “أنت تعتقد أن الإسلاميين دقيقين ومنظمين لدرجة تشبه أفلام السينما.. ثقافة شنو وتنظيم شنو الإنت بتتكلم عنو… ياخوي القصة دي جايطة شديد”.. لكن وراق كان مثل نيلسون مانديلا، بعد أن خرج من السجن، يدهشه جهاز الفاكس.. كيف تدخل ورقة مكتوبة بخط اليد، مثلاً، من هنا، ويستلمها شخص في بلد آخر، من هناك، بذات خط يدك؟

شايف كيف؟

قلة المعلومات اليقينية بين يديك، تفتح نافذة للخيال.. والخيال لا سقف له، يمكنك أن تتخيل ما شئت “أن يلج الجمل في سم الخياط”، مثلاً.. ولأن الأحزاب السياسية السودانية ظلت منذ ما قبل أكتوبر ١٩٦٤م تجهل كيف يفكر الإسلاميون، فإن أغلب كوادرها وقياداتها يلجأون إلى الخيال.. من حزب صغير أو جماعة محدودة.. إلى مشارك رئيس في نظام مايو، شكلاً بديلاً لحاضنته اليسارية قبل “نكبة الشهيد هاشم العطا”، إلى ثالث كتلة برلمانية في إنتخابات ١٩٨٦م، إلى “منقلب على النظام الدستوري” يحكم السودان ثلاثين عاماً، وهو منقسم على نفسه، متشظ، مقاطع دولياً، ووووو.. لأنها – الأحزاب وقياداتها – تجهل كيف يفكرون، فإنها تلجأ إلى الخيال.. ذلك ما جعل الحاج وراق متورطاً في “تصورات” عن الإنقاذ والإسلاميين لا علاقة لها بهم.. وقد يفعل كثيرون غيره، حتى بعد سقوط نظامهم، واعتقال رموزهم، ورحيل عرابهم، قبل ذلك.. ذلك أن النقطة الجوهرية في اللجوء إلى الخيال، هو عجزك عن معرفة “ما هم موشكون على فعله، في اللحظة التالية”، كما يقول بينديكت أندرسون في كتابه “الجماعات المتخيلة”..

شايف كيف؟

ثمة تقرير “ظريف” نشرته شبكة رصد السودان، عنوانه “شلة بنكك أو رجال حول أبو هاجة”.. وردت فيه أسماء زملاء من الصحفيين على أنهم “الشلة التي هي حول أبو هاجة والانقلابيين”.. ورد اسمي بينهم، كأحد مستشاري الدعم السريع ومحمد حمدان دقلو، وأعمل على وضع خطط لتحسين صورة الاثنين، وربما تحسين صورة البرهان وغيره من ضباط ٢٥ رمضان..

المتابع يعرف أن عادل الباز غادر السودان إلى دولة قطر قبل سقوط البشير بسنوات.. يدير عمله الخاص.. ولحق به ضياء الدين بلال مستشاراً لوكالة الأنباء القطرية، كما علمت.. وجميع من وردت أسماؤهم يعرفون كيف يردون، أو لا يردون.. فهم أسماء بارزة ومؤثرة في المشهد الإعلامي.. لكن ما أحب أن أشير إليه هو اعتماد التقرير على الخيال، وقلة المعلومات..

شايف كيف؟

لو كنت مستشاراً للدعم السريع، أو لحميدتي، لانشغل كاتب التقرير بقضايا أكبر من تقريره.. لن أتركه “قليل شغلة” حتى يشطح بخياله.. فهناك الكثير الذي يجب فعله لتغيير صورة الدعم السريع وصورة حميدتي والبرهان وغيره من قادة الانقلاب.. مما عجز عن فعله أبو هاجة وبقية المستشارين، بحيث ينشغل أمثال كاتب التقرير به، ولا يجد وقتاً ليفكر في “من يفكر لحميدتي إعلامياً”.. مثل ثقة حسن الترابي في نجاح الانقلاب الذي يخطط له…

شايف كيف؟

ودا عرض مقدم، طبعاً، لمن يبحث عن مستشار إعلامي ناجح..

شايف كيف؟

موقفي الثابت والمعلن “وهنا مفروض أصلح ربطة العنق جيداً، كما جرى تدريبنا”، في هذا الحندس، أن سرقة البلاد أمر لا يمكن التهاون فيه.. وعليه: من يريد أن يحكم فعليه أن يتعلم السياسة.. وحين يفعل ذلك سيعرف أنه لا يمكنه أن يزيح أحداً – أياً كان – من أرضه التي يقف عليها.. بمعنى أنه سيعمل على فهم الشراكة الوطنية فهماً حقيقياً.. فالجميع بلا استثناء يجب أن يقرر في مستقبل هذه البلاد.. حتى وإن بدا لك ذلك بعيداً.. الجميع بمن فيهم الإسلاميون..

وبالتالي:

فأنا ضد تخريب الجيش، المنظومة الأمنية، الخدمة المدنية، السلم الاجتماعى، المؤسسات المدنية الراسخة.. ومع سيادة القانون، العدالة الانتقالية، الانتقال الديمقراطي، الشراكة المتكاملة في بناء الوطن..

شايف كيف؟

ثم إن من رفع صورة حميدتي في ميدان الاعتصام ليسو التشاديين.. ومن فاوضه قبل توقيع الوثيقتين السياسية والدستورية، ثم وقعها معه في احتفال كبير ليسو هم كذلك.. ومن انتدبه ليفاوض ويوقع سلام جوبا مع الحركات لم يكونوا “جماعة الموز”، ومسغبة فوزي بشرى.. ومن رأسه اللجنة الاقتصادية أيام حمدوك لم يكن علي كرتى أو علي الحاج أو نافع علي نافع..

فشنووووووو

الناس تخش الضل، وتبرد شوية..

أنا – وأعوذ بالله من كلمة أنا، كما يقول المتحذلون- قاعد في أمدرمان.. العب حريق “كشتينة” من الساعة الثانية ظهراً حتى مغيب الشمس.. بعدها بشوف محل الغنا السمح وين بمش عليهو.. لو في جهة ما، ترغب في مستشار إعلامي، سياسي، ثقافي، أيييي حاجة، تلفوني أسفل الصفحة..