تقرير: محجوب عيسى
ازدادت التحذيرات الأممية من تدهور الأوضاع الإنسانية في البلاد والوصول إلى “المجاعة” نتيجة غياب الاستجابة الفعلية للمساعدات إلى جانب مخاوف من فشل موسم الزراعي جراء السيول والفيضانات التي ضربت أجزاء واسعة من المناطق الزراعية، وأرجع متحدثون لـ(اليوم التالي) أسباب الفجوة الغذائية إلى عدم الاستقرار السياسي الذي أدى إلى ضعف التمويل وعدم التحضير الجيد للموسم الزراعي وزيادة الكتلة النقدية خارج الجهاز المصرفي بجانب الكساد والتضخم، واقترحوا عدداً من الحلول لدرء نقص الغذاء، أبرزها تقديم دعم مالي وتخطيط استراتيجي سليم وتوفير احتياطي من النقد الأجنبي في البنك المركزي لمجابهة مثل هذه الكوارث والسيطرة على الكتلة النقدية وإدخالها في النظام المصرفي علاوة على دعم سياسات التمويل.
تخطيط استراتيجي
ويقول المحلل الاقتصادي وعضو التحالف الاقتصادي لثورة ديسمبر د. حسام الدين حسن إن الأمن الغذائي في الدول مسؤولية التخطيط الاستراتجي ووزارة المالية والزراعة ووزارة النقل والتجارة تحت مسؤولية مجلس الوزراء، وأرجع حسن في حديثه لـ(اليوم التالي) نقص الغذاء إلى عدم الاستقرار السياسي الذي أدى إلى ضعف التمويل وعدم التحضير الجيد للموسم الزراعي وزيادة الكتلة النقدية خارج الجهاز المصرفي بجانب الكساد والتضخم ووقف الدعم الخارجي وتحويلات المغتربين، وأضاف هذه العوامل ساهمت في حدوث المجاعة المرتقبة سيما وأن الموسم الزراعي غير ناجح ولا توجد الجاهزية للموسم الشتوي، وأشار إلى وجود مؤشرات تنذر بما يحدث في المستقبل وقال إن مؤشرات حدوث فجوة غذائية في البلاد لم يتم الانتباه لها لجهة أن التحضيرات لزراعة المحاصيل الاقتصادية تبدأ منذ مارس لتوفير نقد أجنبي لاستيراد أو زراعة القمح ووضع سياسات تمويلية للمشاريع الكبيرة لنجاح الموسم الزراعي، وطالب عضو التحالف الاقتصادي بضرورة تخطيط استراتيجي يهدف إلى مراقبة مخزون السلع الاستراتيجية التي تؤدي إلى المجاعة مثل القمح والذرة والدخن والمحاصيل الزيتية، ووضع احتياطي من النقد الأجنبي في البنك المركزي لمجابهة مثل هذه الكوارث والسيطرة على الكتلة النقدية وإدخالها في النظام المصرفي علاوة على دعم سياسات التمويل والتمويل المنتج بشكل خاص الصناعات التحويلية وفتح قناة من الدعم الخارجي بالإضافة إلى الاستثمار الخارجي الذي يساهم في درء أسباب المجاعة في ظل الاضطرابات السياسية.
أسباب نقص الغذاء
ولم يذهب أستاذ الاقتصاد بجامعة النيلين مزمل الضي بعيداً وأرجع في إفادة لـ(اليوم التالي) أسباب نقص الغذاء إلى عوامل عديدة أبرزها عدم الاستقرار السياسي الذي أدى إلى عدم الاستقرار الاقتصادي الذي بدوره أثر على الموسم الزراعي بالإضافة إلى المشاكل الخارجية والنزاع بين روسيا وأوكرانيا سيما وأن السودان يعتمد في توفير القمح من تلك الدول، فضلاً عن عدم التخطيط الجيد للزراعة وأن المزارعين يعانون في كافة المواسم الزراعية من توفير التقاوي المحسنة والآليات الزراعية والتمويل علاوة على غياب الإحصاءات الدقيقة لحاجة البلاد من الحبوب، ما أدى الى حدوث ربكة في توفير الغذاء وعدم تحقيق الاكتفاء الذاتي للشعب وقال الضي إن الكوارث الطبيعية كالأمطار والفيضانات تؤثر على الإنتاج لجهة أن الدولة لا تستطيع التحكم عليها بحسب أستاذ الاقتصاد أن الحكومة لها دور كبير بجانب المزارعين والعوامل الخارجية ورهن درء نقص الغذاء عبر التخطيط الجيد للزراعة والتمويلها لتحقق إنتاج جيد وقيمة مضافة وفائض إنتاج للتصدير للخارج علاوة على وضع سياسات وخطط مسبقة للحد والتقليل من آثار الفيضانات والسيول وزيادة معدلات الأمطار.
ضعف قدرة شرائية
غير أن الخبير الاقتصادي الفاتح محجوب أكد أن السودان لا يعاني من المجاعة وهو على وشك حصاد الموسم الزراعي الصيفي بعد شهرين من الآن، واعتبر في حديثه لـ(اليوم التالي) أن موسم الحالي يعد مبشراً جداً، لكن قطاعاً مقدراً من المواطنين السودانيين يعاني من ضعف القدرة الشرائية لشراء ما يكفي من الغذاء، وأشار إلى أنهم يعانون من نقص الغذاء وليس من المجاعة وغالب هؤلاء هم في معسكرات النازحين وأصحاب المعاشات وصغار الموظفين والعمال، وشدد على ضرورة أن يتلقى هؤلاء دعماً ماليا في المقام الأول ولا بأس إن تلقوا معونات غذائية، ورأى أنه بإمكان الحكومة بالتعاون مع المنظمات الدولية والوطنية تنظيم جملة معالجات لهذه الفئات بحيث تقلل من حدة أزمة نقص الغذاء، وطالب بأهمية دعم وتشجيع المزارعين بتقديم أسعار تشجيعية لهم لكي يضاعفوا إنتاج الغذاء خاصة وأن البلاد مقبلة على الموسم الشتوي بعد شهرين من الآن.
تحذير أممي
وفي وقت سابق أعلن مسؤول أممي عن حاجة 14.3 مليون سوداني إلى مساعدات في 2022، وهو أعلى مستوى احتياج في البلاد التي تُعاني من أزمة اقتصادية حادة، وتوقعت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة وبرنامج الغذاء العالمي، في مارس 2022، أن يُواجه 18 مليون سوداني الجوع الحاد بحلول سبتمبر المقبل، بسبب قلة المحاصيل التي أثرت سلباً على توفر الغذاء وفرص كسب العيش، وقال نائب منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان إيدو رو، في بيان إن الاحتياجات الإنسانية بلغت أعلى مستوياتها، حيث يحتاج 14.3 مليون سوداني إلى مساعدات هذا العام، وشدد على أن البلاد بحاجة إلى الدعم أكثر من أي وقت، وذلك في ظل النزاع والأزمة السياسية والاقتصادية وعدم استتباب الأمن والنزوح وموجات الجفاف والفيضانات وتفشي الأمراض.
وتجتاح مناطق عديدة في ولايات الجزيرة ونهر النيل وكسلا وسنار وجنوب دارفور، هذه الأيام، سيول عنيفة أودت بحياة أكثر من 98 شخصاً وتهدم 37 ألف منزل، وفي موسم حصاد العام 2021 ــ 2022 أنتج السودان 5.1 مليون طن من الحبوب، وهي تكفي لتغطية احتياجات أقل من ثلثي السُّكان، ولا يحصل نحو 17.3 مليون سوداني على مياه الشرب الأساسية، في وقت لا يستطيع 24 مليون شخص الوصول إلى مرافق الصرف الصحي، وفقًا لتقرير صادر عن المنظمات المهتمة بالطفولة في يونيو 2022.