الخرطوم: اليوم التالي
ما أن تتوجه سهام النقد للشركة السودانية للموارد المعدنية، إلا ويختبئ مديرها العام مبارك أردول خلف دعاوى الاستهداف الشخصي لحجب عوامل ضعف الأداء، حيث أن الشركة الحكومية ليست مبرأة من الأخطاء والتجاوزات ما دامت إحدى مؤسسات الدولة، فيما يظل التداخل بين مؤسسات الدولة موجوداً ويتم حله في منصات قانونية دواوينية، وليس العدو نحو تشبيه النقد بأنه ينطلق من مقاصد عنصرية، هذا التكرار جعل من مدير الشركة السودانية للموارد المعدنية خميرة عكننة داخل مؤسسات الدولة، فضلاً عن تشويش أداءه بالأفكار السياسية داخل مؤسسات الخدمة المدنية التي لا تقبل القسمة على العامل السياسي.
ظهر شقاء أردول وشركته في المعركة الأخيرة بينه ووالي القضارف المكلف محمد عبد الرحمن الذي لما طال به الاحتمال لجأ لحديث إعلامي يقيه شر عدم تحمل المسؤولية مستقبلاً بعد أن تقطعت به سبل التواصل مع الشركة، وعدم استجابة وزير المعادن المغلوب على أمره خلال ثلاث زيارات واجتماعات ضمته مع الوالي، حيث اتهم شركة المعادن ومديرها بالطبع بالسعي لعمل فتنة بين منظومة حكمه في الولاية، وامتناعه من مراجعة إجراءات وأنصبة مبالغ مالية تتعلق بالمسؤولية الاجتماعية لمناطق التعدين بما فيها الذهب، أو أن يؤول أمر تنزيل المنح في القنوات المالية، وعبر الإجراءات المالية المحاسبية، ردت الشركة على اتهامات الوالي بأن ثمة اتفاق لمنح الأنصبة للمحليات وأصحاب المصلحة، لكن أيضاً يسود القانون بالضرورة على ما هو أكثر قانونية، فالمعروف أن أي مبالغ مالية مهما كان إيرادها ومنصرفها يؤول في النهاية لوزارة المالية المختصة في المركز والولايات، وبالتالي تنسخ تلك الولاية أي اتفاق ربما لم يعد مجدياً بأسباب المتغيرات الاقتصادية، وعوامل الإنتاج نفسها.
تخندق أردول كعادته في تسمية ذلك الخلل المؤسسي الذي تلجأ له إدارته ولفه بخيط دابل وإعاد تصديره على أساس الاستهداف لشخصه، بينما وقع هو الآخر في ذات التجاوز الذي اشتكى منه، حيث أشار في رده الى أن الوالي تجاوز المؤسسات المعنية من وزارة معادن ومالية، وذهب للشكوى لمجلس السيادة، بينما في ذات الوقت تتجاوز الشركة مركز وقلب الحكومة في القضارف لتعمل على تنزيل وإرسال المبالغ المالية الى المحليات، وفي الوقت الذي أشار فيه أردول الى أن والي القضارف المكلف أشاد بالقرار المعيوب “90”، أيضاً فإن عدداً من الولاة وفي اجتماع ضمهم بوزارة الحكم الاتحادي ووزارة المعادن في مايو الماضي حيث صوبوا انتقادات قاسية للشركة السودانية للموارد المعدنية، ووصفوها بأنها تشكل (دولة داخل الدولة)، مشيرين إلى تجاوزات ترتكبها الشركة ووزارة المعادن تتعلق بقسمة موارد الذهب وعائداته، بجانب تدخلها في توزيع الأرض ومربعات التعدين على الشركات.
وكانت وزيرة الحكم الاتحادي، بثينة دينار قد عقدت اجتماعاً مشتركاً في التاريخ الآنف، ضم ولاة الولايات ووزارة المعادن الاتحادية خصصته لبحث إشكالات التعدين وتداخل الاختصاصات بين الوزارة وحكومات الولايات، حيث قال وقتها والي ولاية البحر الأحمر المكلف علي عبد الله أدروب إن ولايته هي الأولى في إنتاج المعادن وتملك 60 بالمائة من إنتاح الذهب بالسودان، ولكن حقوقها مهضومة وغير مستفيدة تماماً من موارد الذهب موضحاً أن وزير المعادن لا يلتزم لحكومة الولاية في كافة القضايا المطروحة بشأن التعدين.
فيما وصف والي القضارف محمد عبد الرحمن في ذات الاجتماع الشركة السودانية للموارد المعدنية بتنصيب نفسها حكومة داخل الحكومة، ودولة داخل الدولة، ولفت الى أنها تنشر مناديبها كأنهم ولاة في مناطق التعدين، مطالباً بمراجعة دور الشركة السودانية للموارد المعدنية ليكون إيرادياً، وليس تحصيلياً، وانتقد الوالي القرارات المتعلقة بالتعدين وسياسات الشركة التي قال إن من شأنها أن تقود لنزاعات وفساد.
واتفق ولاة شمال دارفور ونهر النيل وسنار وجنوب كردفان والشمالية على ضرورة مراجعة دور الشركة السودانية للموارد المعدنية وإعادة النظر في سياسات التعدين بالولايات، ومن جهتها، قالت وزيرة ديوان الحكم الاتحادي الدكتورة بثينة دينار إن الاجتماع يجئ ضمن اهتمام وزارتها لمعالحة التداخلات المختلفة في الاختصاصات والقوانين وتنظيم عملية التعدين بالولايات بعد تنامي الشكاوى والتظلمات المتكررة من ولاة الولايات والمواطنين، وأضافت: “رأينا جمع الولاة لمناقشة شكاوى التعدين ولترد وزارة المعادن على تلك الشكاوى وتوجه الولاة بقوانينها.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب