الإقصاء واسع.. هل يهدد التسوية السياسية؟

الاتحادي الأصل: مسيرة اليوم رفضاً للإقصاء
الإصلاح الآن: نحن ضد العملية السياسية الحالية وإن تمت يستوي الطرفان لدينا
حزب الأمة: العملية السياسية مولود مشوه لن يعيش
الخرطوم: محجوب عيسى
رغم الجهود المحلية والدولية والإقليمية، لم تبارح العملية السياسية في البلاد مكانها لاستكمال الفترة الانتقالية وصولاً إلى انتخابات حرة ونزيهة، على حد رؤى القوى السياسية، التي تسعى لعملية شاملة بمشاركة الجميع، وفي ذات الوقت وبحسب ما أوردته (اليوم التالي) أمس الأول، هناك اتفاق على وشك التوقيع عليه بين المكون العكسري وقوى الحرية والتغيير، ما عد عملية ثنائية وإقصاء لقوى مؤثرة في الساحة، وأكد متحدثون لـ(اليوم التالي) من تلك القوى رفضهم للعملية الثنائية، مشيرين إلى فشلها، حيث يرى الحزب الشيوعي، صعوبة تنفيذ عملية سياسية ثنائية في السودان، فيما يرى التيار الإسلامي، ضرورة أن يكون الحوار سوداني ـ سوداني وأن يتم توافق القوى في وفاق وطني شامل لا يستثني أحداً، مطالبين بتطبيق نموذج المشير سوار الذهب، بتشكيل حكومة تكنوقراط لتصريف الأعمال لفترة عام، فيما قطع حزب الأمة إسقاط أي تسوية بكافة الوسائل المدنية.

سيطرة دولية:
سخر الناطق الرسمي باسم الحزب الشيوعي فتحي الفضل من العملية السياسية التي تجري في الساحة السياسية، ووصفها بأنها مربع يخضع لسيطرة الآلية الرباعية والآلية الثلاثية والسفارة الأمريكية والسعودية.
ويقول الفضل في إفادة لـ(اليوم التالي) إن أمر إقصائهم مضحك، مشيراً الى أن هناك عمل سياسي من جانب هذا المربع الذي يقع تحت سيطرة المجتمع الدولي أو الإقليمي، وأكد أنهم ليسو طرفاً فيه وأضاف: هؤلاء هم أعداء الثورة السودانية بصورة أو أخرى.
ونوه الفضل إلى أن ما يجري في الساحة السياسية لا يهمهم بشيء مباشر، مبيناً أن الجميع يسعون لإيجاد تسوية سياسية من الصعب تنفيذها في السودان، سيما وأن السلطة الآن في يد العسكريين، الذين لا يملكون سوى العنف في مواجهة الحركة الجماهيرية في كل مدن البلاد.
وأشار إلى اختلاف الوضع بعد المواكب الأخيرة بجانب وضوح موقف الشارع والثوار وأن أي محاولة لتنفيذ ما بدأه رئيس المجلس السيادي الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان في 25 أكتوبر، سيكون مصيره الفشل كما فشلت التجارب السابقة.
تجريب المجرب
ومن جهته يقول القيادي الإسلامي ومستشار حركة الإصلاح الآن د. أسامة توفيق إن رأيهم واضح يتمثل في “لا للتدخل الأجنبي، وإنهم ضد أي عملية سياسية ثنائية”، وزاد، سيستوي عندنا طرفا العملية ولن نقبل بها، وذلك لأن تجريب المجرب لا يجوز، مستشهداً بالاتفاق بين قوى الحرية والتغيير والمكون العسكري في العام 2019.
وشدد توفيق في إفادة لـ(اليوم التالي) على ضرورة أن يكون الحوار سوداني ـ سوداني وأن يتم توافق شامل لا يستثني أحداً، وتطبيق نموذج سوار الذهب، بتشكيل حكومة تكنوقراط لتصريف الأعمال لفترة عام، ومن ثم يحتكم الشعب لصندوق الانتخابات، لجهة أن هيكلة وعودة القوات المسلحة إلى الثكنات تتم من جهة مفوضة.
إبطال حجج
ويرى المحلل السياسي الفاح عثمان في حديثه لـ(اليوم التالي) أن العملية السياسية المقترحة من قبل قوى الحرية والتغيير اتسعت لتشمل كل من الحزب الاتحادي الديموقراطي الأصل وحزب المؤتمر الشعبي وجماعة أنصار السنة المحمدية وإن اتسمت بالمرونة فضمت بقية القوى السياسية السودانية للعملية الانتقالية، عدا المؤتمر الوطني، فإنها ستكون قد أبطلت كل حجج العسكر، ويمكن للمجلس المركزي وحلفائه تكوين حكومة توافق سياسي سوداني بقيادة مدنية تتولى إدارة عملية الانتقال نحو حكومة منتخبة.
إلا أنه عاد وقال إن الرغبة في الإقصاء والانفراد بالحكم تظل مغرية جداً خاصة للأحزاب السياسية الصغيرة المسيطرة على التغيير المجلس المركزي والتي لا ترى مصلحة في إجراء الانتخابات ولا في توسيع المشاركة في الفترة الانتقالية.
وبحسب عثمان أن كثيراً من الإسلاميين لا يرغبون في السماح للمركزي بالمشاركة في حكومة انتقالية وأن المكون العسكري سعيد بتلك المواقف المتطرفة من قبل القوى السياسية، لأنها تتيح لهم مواصلة الحكم دون عوائق ودون ضغوط.
وتوقع قبول القوى الدولية الغربية بالعسكريين في السلطة في حال اقتنعوا باستحالة تحقيق توافق السياسي.
مولود مشوه
وفي السياق ذاته رفض رئيس القطاع السياسي بحزب الأمة، فتحي حسن عثمان، العملية السياسية الجارية ووصفها بأنها مولود مشوه لا يعيش لأن كافة الظروف الطبيعية ضده، وكذلك الشعب السوداني.
ويؤكد حسن لـ(اليوم التالي) سعيهم لإسقاطها بكافة الوسائل المدنية، وأضاف أن التسوية السياسية فشلت قبل ثلاث سنوات عندما بدأت بـ(62) مكوناً للحرية والتغيير.
وقطع بأنها لن تستقر في حال تمت، لأنها أقصت قوى سياسية فاعلة وأحزاب وحركات وقعت على اتفاقيات سابقة.
ويرى أن العملية السياسية يجب أن تكون وفق ما ورد في الوثيقة الدستورية بمشاركة كافة القوى السياسية عدا المؤتمر الوطني المحلول، لجهة أنهم لا يريدون المشاركة، إنما تشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة لإدارة الفترة الانتقالية، واستكمال المفوضيات وفق سلام جوبا، لقيام الانتخابات عقب انتهاء الفترة الانتقالية، من خلال مشاركة الجميع في صناعة قانون الانتخابات ووضع برنامج اقتصادي قابل للتطبيق.
ومن جهته قال القيادي بالحرية والتغيير خالد عمر في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي، (تويتر) إن الحل السياسي الذي سيقبلونه هو الذي يقود لسلطة مدنية كاملة حقيقية، ونأي المؤسسة العسكرية كلياً عن السياسة وإصلاح أمني وعسكري يقود لجيش واحد مهني وقومي وعملية عدالة وعدالة انتقالية شاملة ومنصفة وتؤدي لانتخابات حرة ونزيهة بنهاية مرحلة انتقالية محدودة لا تجاوز العامين.
رفض شعارات الإقصاء
ويقول القيادي في الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل معتصم حاكم إن الخروج الجماهيري المتوقع اليوم ردة فعل طبيعية لرفض كل شعارات الإقصاء التي تصدرت دعوات الذين خرجوا في تظاهرة يوم 25 الماضي استعداء للقوات المسلحة ورفضاً لكل مبادرات المعالجة السلمية للأزمة السودانية، بل يعتقدون هم وحدهم الأحق بالحكم في فترة الانتقال.
وأكد حاكم، وفق (العهد أونلاين) أن المتظاهرين اليوم (السبت) سيرفضون تلك الشعارات وأي مساس واستعداء للقوات الشعب المسلحة أو التقليل من دورها الوطني في حماية الأرض والعرض وفي نفس الوقت يرفض المتظاهرون أَي تسوية سياسية ثنائية ما بين الجيش وقوى الحرية والتغيير، بل سيطالبون بالحوار الجامع بدون أَي إقصاء وعدم التدخلات الخارجية في الشأن السوداني وعلى وجه الخصوص تحركات فولكر والآلية الثلاثية التي لم تقف أبداً على مسافة واحدة ما بين كل القوى السياسية، وظلت منحازة باستمرار لقوى الحرية والتغيير وأضاف: من يحتجون يطالبون بالاستعجال الجاد لمعالجة الأزمة السودانية، والإسراع في تكوين الحكومة الانتقالية المدنية من شخصيات وطنية مؤهلة بعيداً عن أَي محاصصات حزبية والاتفاق على الحد لبرنامج عاجل يعالج الأزمة الاقتصادية والسياسية والوصول بالبلاد الى صناديق الانتخابات في أقرب وقت ليختار الشعب السوداني من يشاء .
ونوه إلى أن المحتجين يرفعون شعارات وحدة الصف الوطني والحوار البناء بين كافة ألوان الطيف السياسي بدون استثناء إلا للذين أجرموا في حق الشعب، ويواجهون اتهامات جنائية أمام القضاء السوداني.
وأكد حاكم أثر خروج الجماهير في المشهد السياسي السوداني مما يجعل قوى الحرية والتغيير تراجع نفسها وتقلل من رفع سقوف المطالبة بالاستئثار بالسلطة الانتقالية وحدها وتحكم صوت العقل في الاستجابة للحوار الوطني الشامل مع كافة القىي السياسية.
وأشار حاكم الى أن المجتمع الدولي ينتظر ليرى حجم تظاهرة اليوم ويحدد موقفه حسب حجمها، كما أن مجلس السيادة سيكون له رأي مفاجئ إن كانت التظاهرات سلمية ومليونية حقيقية، وبالتالي قد يعجل بالدعوة لمائدة مستديرة تشارك فيها كل القوى السياسية إلا من أبى، لتكوين الحكومة الانتقالية المدنية والشروع في تحديد مواعيد متفق عليها لإجراء الانتخابات البرلمانية حتى يعود الجيش الى ثكناته ليقوم بواجباته الوطنية بعيداً عن أَي مشاركة سياسية.
عملية سياسية:
في يناير الماضي أعلنت البعثة الأممية في البلاد، في بيان لها عن إطلاق عملية سياسية سلمية تحت رعاية الأمم المتحدة، تهدف إلى إنهاء الأزمة السياسية التي تسبب فيها انقلاب ٢٥ أكتوبر، واستعادة التحول المدني الديموقراطي إلى المسار المأمول الذي دشنته ثورة ديسمبر ٢٠١٨.
ولاحقاً تطورت هذه العملية لتصبح تحت رعاية الآلية الثلاثية بإضافة الشركاء القاريين والإقليميين (الاتحاد الأفريقي والإيقاد)، ما يعكس اهتمام العالم أجمع وعدم ترك السودانيين وحدهم في مسيرة تحقيق أهداف شعارات الثورة الحرية والسلام والعدالة.
ووفق بيان الآلية أنه منذ انطلاق العملية، كانت هناك كثير من الشكوك والتساؤلات حولها، وأكدت الآلية أن الغرض من العملية السياسية تحقيق الأهداف والتطلعات التي يطالب بها الشارع السوداني منذ اليوم الأول بعد الانقلاب، وذلك عبر التوصل إلى حلول مُتفق عليها وبضمانات ورعاية دولية، لتأسيس نظام انتقالي مستقر يعمل على تحقيق أهداف الثورة ويحافظ على المكتسبات التي تم تحقيقها خلال الفترة بين ٢٠١٩ وحتى ٢٠٢١ في المجالات الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية من الضياع، ويسمح للسودان بالبدء في جني ثمارها، ومن أهم هذه الثمار هي عملية إعفاء الديون المتراكمة على السودان والتي يكاد يحين أجل الفصل فيها.
وذكر البيان أن العملية السياسية هي في نفس سياق النضال السلمي غير العنيف سيما وأنه المنهج الذي اعتنقته الثورة السودانية ونجحت عبره في الإطاحة بنظام المؤتمر الوطني وتأسيس الفترة الانتقالية لتقود إلى تحول ديموقراطي راسخ في السودان.
وأكد أن العملية تهدف إلى تقليل الخسائر الغالية في مسار السعي من أجل تحقيق هذا الهدف إلى أقصى حدٍ، ولكنها لا تلغي حقوق السودانيين في التعبير عن آراءهم والنضال السياسي من أجل تحقيقها بأي وسائل أخرى، اذا فشلت في الوصول إلى حل مجمع عليه ومُرضٍ للجميع.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب