بالعظم والأبنوس..المنحوتات.. مجسمات تحفظ تاريخ التراث السوداني

اليوم التالي – أبو الكنزة

تعد المنحوتات الخشبية أحد أبرز ملامح الفنون التي باتت تحفظ تاريخ التراث وحضارة الإنسان السوداني بما تخلده من شخصيات وملوك منذ دولة كوش والممالك النوبية القديمة على غرار الملك “عيزانا” الذي حكم مملكة كوش  وقسمها إلى مملكة علوة، نوباتيا مقره، حيث قام الفنانون بتجسيد شكله على هيئة ملك جالس على الكرسي ممسكاً بدرقته الحربية، وهذا الواقع الذي  اختفى واندثرت منذ أكثر من 300 عام ظل موجوداً في الأشكال التي تظهر دائماً في شكل مجسمات تلفت الأنظار إليها قبل أن تضع حقبة الماضى على مسرح اليوم..

وربطت التماثيل والمجسمات والأدوات التراثية التي ترقد داخل عدد من المعارض الماضي بالحاضر، وستستمر في المستقبل، مع أنها  مصنوعة من خشب الأبنوس الخالص المستورد من دولة جنوب السودان وجبال النوبة وتحمل هذه المجسمات اسماء وأشكال رجال خلدوا منذ أكثر من ثلاثة قرون، و هناك بين المصنوعات الخشبية المنحوتة مجسمات تعرف بالعصى التراثية التي يحملها ملوك الممالك النوبية، كما يوجد مجسمات التماسيح وحيوانات البراري التي تغنى به الكثير من الشعراء في الحماس، كما يوجد الفيل الذي يعتبره الكثيرون رمزاً للقوة ..

هذه الأعمال الخشبية المنتشرة في عدد من المدن السودانية تعكس نوعاً من الإبداع الفني والخيال الخارق؛ ممزوجاً بمهارة عالية، وهي صناعة شاقة وتحتاج إلى وقت طويل؛ حتى يتم نحت شكل للملوك أو أدوات من العصر القديم التي اندثرت بمرور الوقت، ولم تبق إلا في القصص القديمة التي تكشف بالكلمات والوصف شكل الإنسان القديم وطبيعة عيشه مثل صندوق الملك الذي يخزن فيه المجوهرات والكنوز، كما يتم أيضاً رسم شكل الكؤوس التي يشرب منها زعيم الممالك النوبية القديمة والعمل على توثيق هذه الأشكال من القوالب و الكؤوس الأثرية حتى المواعين التي توضع فيه الشمع واللمبات قديماً جميعها اخذت من خلال قراء القصص والصور  القديمة، و قرأت الواقع السوداني للقصص القديمة أو ما يعرف بحكاوي “الحبوبه” ..

ولم يكن الأبنوس وحده يتحمل عبء المجسمات، هناك مواد أخرى تقوم بنفس المهمة وهي جلود الثعابين الكبيرة والتماسيح الحيوانات التي يتم صيدها من جبال النوبة أو من دولة الجنوب، ويصنع منها مجسم المحفظة والعلاقة  القديمة التي توضع على الرقبة وتعبر عن أدوات إنسان السودان القديم  وكيفية جمع المال في الصناديق الخشبية حتى  أشكال لأحذية الجلدية التي استخدمت في التاريخ القديم والحروب والمعارك المهدية  أو تلك التي قادها جيوش المماليك على السودان، وحتى العظام وجدت حظها في صنع هذه المجسمات، حيث استخدمت قرون الحيوانات من البقر والماعز التي تم تحويلها إلى شكل أثري جذاب من العلاّقات والمقلمة الأثرية التي يوضع فيها الأقلام عند الملوك؛ عند المناسبات الخاصة كعلامة كلها مصنوعة إما من العظام او سن الحيوانات المفترسة، وهذه إشارة تدل على الفراسة والشجاعة، وترسم هذه المجسمات والأعمال الخشبية الحضارة السودانية  القديمة التي غابت وتلاشت من عقول جيل اليوم وتحفظها للمستقبل ..


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب