توافق القوى السياسية .. التحديات والمعوقات

الميثاق الوطني: نتوقع عودة العسكريين للحوار إن لم تتوافق القوى المدنية
المجلس المركزي: محاولة السلطة الانقلابية لتصوير الأزمة كصراع بين المدنيين ذَرٌ للرماد في العيون
حزب الأمة: الأولوية بعد التوافق وضع تصور متكامل والاتفاق على المرجعية الدستورية
الخرطوم: محجوب عيسى
بعد أن ركل المكون العسكري الكرة إلى ملعب القوى السياسية المدنية بإعلانه خروج المؤسسه العسكرية من السياسية وإفساح المجال للمدنيين لتشكيل حكومة قومية لتسيير ما تبقى من الفترة الانتقالية، يبقى السؤال: ما الذي يحدث في حال اتفاق القوى السياسية وما الذي يمنع ذلك؟ سيما وأن الجميع يتحدثون عن عدم توافق القوى المدنية، وفي غضون أكد متحدثين لـ(اليوم التالي) عدم استمرار حالة اللا اتفاق الحالية بين القوى السياسية، بعد أن حملها البرهان التردي الذي حدث في البلاد، وأشاروا الى وجود توافق عام عبر عن نفسه برفض الانقلاب، واختلف المتحدثون حول ما يحدث بعد التوافق.. البعض يرى تشكيل حكومة وطنية وآخرون يقولون إن الأولوية لوضع تصور ومرجعية دستورية لإدارة الفترة.
واتفقوا على أن من يقف عائقاً أمام التوافق بعض القوى التي تنشط في تخوين الكافة بمن فيهم قوى الحرية والتغيير، مشددين على ضرورة العمل بجد على إيقافه للوصول لتوافق سريع يتم بموجبه التعاطي مع الأزمة الحالية.
طلب تعجيزي
وطبقاً لنائب أمين سر حزب البعث العربي الاشتراكي قيادة قطر السودان، عثمان أبو راس، يوجد اتفاق عام حول إسقاط الانقلاب، اتفاق عبر عن نفسه برفض الانقلاب قبل إذاعة البيان ورفض شرعنته بعودة رئيس الوزراء السابق د. عبدالله حمدوك في 21 نوفمبر الماضي وأضاف أن اتفاقاً عبر عن نفسه بالمواكب التي لم تقف ورتل الشهداء الذين تقدموا بصدور عارية ويستقبلهم الانقلابيون برصاص الغدر والخيانة، وأكد أبو راس لـ(اليوم التالي) أن الاتفاق الشعبي يرفض أن يكون للعسكريين وجود في السياسة وزاد: “لا مجلس أعلى للقوات المسلحة لا غيره”، وأوضح أن قوى سياسية ومدنية توافقت على أنه لا عودة لحكم العسكر وأن تكون الدولة مدنية بالكامل بجانب تبعية الأجهزة الأمنية والمخابرات والشرطة للجهاز التنفيذي، وقال إن الحديث حول الاتفاق طلب تعجيزي لجهة أنه لا يوجد اتفاق شامل كامل واستشهد بالحروب الوطنية وقال: هناك طابور خامس، وأبان نائب أمين سر البعث إلى أن عدم التوافق مع مجموعة التي ساندت الانقلاب لا يعني عدم التوافق.

مرجعية الدستورية
وفي الاتجاه ذاته قال القيادي بحزب الأمة القومي عروة الصادق إن القوى السياسية تعمل بجد واجتهاد وتواصل مستمر مع كافة قوى الثورة المدنية والسياسية ولجان المقاومة والكتل المدنية والتجمعات المهنية والفئوية المناهضة للانقلاب، بغية الوصول لجبهة موحدة لإسقاط الانقلاب، وأكد الصادق في حديثه لـ(اليوم التالي) الوصول لتفاهم وأن الكتلة سترى النور في الأيام القادمة وربما يتم ابتداءً توحيد المنصة الإعلامية لكافة قوى الثورة إلا من أبى وفق تعبيره، وأوضح أن الأولوية بعد التوافق ليست تكوين حكومة أو تسمية رئيس وزراء، إنما لوضع تصور متكامل والاتفاق على المرجعية الدستورية التي ينطلق منها الجميع لإنهاء الانقلاب وأن تكون الحاكمة لتحرك الحكومة المرتقبة، وبحسب القيادي في حزب الأمة أن عدم اتفاق القوى السياسية فهو ما يراهن عليه الانقلابيون لإكمال مخططاتهم بتكوين حكومة تصريف أعمال يشرف عليها المجلس العسكري الأعلى المزعوم، ومن ثم الوصول لانتخابات تعمد أحد قادة الانقلاب رئيساً منتخباً، مؤكداً عدم استمرار حالة اللا اتفاق الحالية بين القوى السياسية، خاصة بعد أن حاول البرهان تحميلهم وزر التردي الذي حدث في البلاد، وقال: من يقف عائقاً أمام التوافق بعض القوى التي تنشط في تخوين الكافة بمن فيهم قوى الحرية والتغيير، وأضاف: هو ما نعمل بجد وحرص على إيقافه للوصول لتوافق سريع يتم بموجبه التعاطي مع الأزمة الحالية وتخاطب به الآلية الثلاثية.

حكومة وطنية
ومن جهتها قالت الجبهة الثورية إن خطوات التي اتخذها البرهان بخروج المؤسسة العسكرية من العملية السياسية والتفرغ لدورها الأساسي في حماية أمن البلاد خطوة صحيحة نحو تحقيق التحول الديمقراطي، ويرى القيادي بالجبهة ورئيس حركة تمازج محمد إسماعيل أنه بعد توافق الأحزاب السياسية والمكونات الثورية يتم تشكيل حكومة وطنية قومية مدنية لتصريف الأعمال وإنجاز ملفات الفترة الانتقالية لا يتدخل فيها أحد تتمتع بقبول شعبي واسع خلال فترة وجيزة سيما وأن الشعب السوداني خسر الكثير من الموارد والإعانات الخارجية في الفترة السابقة، وأرجع اسماعيل في حديثه لـ(اليوم التالي) عدم توافق القوى الثورية والسياسية لوضع عراقيل من قبل المكونات السياسية وسعيها لتحقيق أجندة خاصة ودعا القوى السياسية للتوافق وإعادة الدكتور عبدالله حمدوك رئيساً للوزراء وذلك لما يتمتع به من علاقات دولية ومحلية لتفادي مزيد من الخلافات.

مشكلة البلاد
ويرى القيادي في الحزب التجمع الاتحادي المعارض أحمد حضرة أن مشكلة البلاد الآن الانقلاب وليس توافق القوى السياسية المدنية، كما طرحها البرهان في بيانه، وقال حضرة لـ(اليوم التالي) إن المعضلة هي انقلاب عسكري على شراكة بوثيقة وشروط محددة لفترة انتقالية يفترض أن تحضر لانتخابات موثوق بها ومتوافق عليها وفق الأسس السليمة التي من واجب وأولويات القوى السياسية كمراقب لكل العملية وما تتطلبه من إجراءات وقطع أنها ليست من اختصاص الجهات العسكرية لضمان عدم تزويرها لمصلحة أي جهة، كما كان يفعل النظام السابق الذي ظل يزور حتى الانتخابات الطلابية في أبسط وحداتها وفق تعبيره، وانتقد القيادي بالتجمع الاتحادي بيان البرهان وقال: يفترض أن يكون ورقة تفاوضية تطرح لمنبر الثلاثية من قبل العسكريين كرؤيا لحل لما أدخلوا البلد فيه من ازمات واردف إن فرضها بشكلها الحالي المبهم دون تحديد صلاحيات الأجهزة ودورها الحقيقي فحتما ليس المقصود بها حل إنما إرباك و تازيم اكثر للوضع المتفاقم، وتسائل حضرة عن القوي السياسية المدنية التي يطلب البرهان ان تتفق ويسلمها السلطة واصفا ذلك بأنه افتراض عبسي لن يتم ومضى في حديثه قائلا فالتوافق بين الجبهة الرافضة للانقلاب والانقلابيين المدنيين وبقايا النظام السابق الذين اعتمدهم البيان كمشاركين لانة لم يستثناهم هذه المجموعة من جهة و لجان المقاومة والحرية والتغيير والقوي التي تقف ضد الانقلاب من الجهة الاخري شبه مستحيل أن تلتقي، وأشار إلى محاولة استقلال الانقلابيين لهذه النقطة لدمغ القوي السياسية المدنية بالفشل في التوافق علي أي رؤية لتبرير أي إجراءات يتخذوها لاحقا تبنى علي هذه النقطة خصوصا الهياكل الانتقالية التي يطرحها البيان.
خطوة مهمة
فيما رحبت قوى الحرية التغيير التوافق الوطني بالخطوة التي وصفتها بالمهمة وترى ان التوافق يتم عبر الحوار سيما وان مسألة التوافق اصبحت في حالة الرفض والقبول بين المكونات المدنية المختلفة وجددت الدعوة لكافة الأطراف السياسية للاستعداد للحوار السوداني السوداني من اجل إنهاء الأزمة السياسية في البلاد ويقول عضو المكتب السياسي للتحالف الديمقراطي للعدالة الإجتماعية وقيادي بقوى الحرية والتغيير التوافق الوطني محي الدين إبراهيم جمعة لـ(اليوم التالي) ان المؤسسة العسكرية ترك الأمر بين القوى المدنية المختلفة،الامر الذي ادى إلى اختلاف المشهد السياسي عن سابقه بعد خطاب السيد رئيس مجلس السيادة الذي اشطرت الوصول الى التوافق بين مكونات القوى المدنية بما فيها لجان المقاومة لتشيكل حكومة جديدة لاستكمال ما تبقى من الفترة الإنتقالية وفي حال فشل القوى للتوافق سيذهب الجميع إلى الانتخابات لكي يختار الشعب من يمثله، وتوقع جمعة عودة المؤسسة العسكرية لقيادة الحوار وتقريب وجهات النظر بين الأطراف مع الآلية الثلاثية في حالة عدم التوافق بين القوى المدنية المختلفة.

رفض القوى الثورية
وفي السياق ذاته عزا المحلل السياسي الرشيد ابو شامة عدم توافق القوى السياسية المدنية في البلاد إلى رفض القوى الثورية المشاركة في مبادرة الالية الثلاثية لضمها المجموعة التي ساندت الانقلاب و فلول النظام السابق، وقال ابو شامة لـ(اليوم التالي) ان المشروع الذي قدمه رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان، لن يذهب للإمام نتيجة لرفض القوى السياسية، وادانتها وانتقادها للمشروع وأضاف لن تتفق القوى.

ذر رماد في العيون
وبدورها رفضت قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي مشروع البرهان وفي بيان لها تقول ان محاولة السلطة الانقلابية لتصوير الأزمة كصراع بين المدنيين ما هي إلا ذَر للرماد في العيون، كما أن تعميم تعبير المدنيين يخلط بين قوى الثورة التي قاومت الانقلاب وتلك الأطراف المدنية التي دعمت الانقلاب أو كانت ضمن منظومة النظام البائد، وطالبت بالتعريف الصحيح للأزمة من اجل حلها ويبدأ بتنحي السلطة الانقلابية عن سدة السلطة ومن ثم تشكيل قوى الثورة لسلطة مدنية انتقالية كاملة وفق إعلان دستوري يحدد هياكل الانتقال وقضاياه بما فيها قضية دور المؤسسة العسكرية ومهامها، لجهة ان الامر ليس تشكيل حكومة تنفيذية، انما حزمة متكاملة تشمل قضايا الإصلاح الأمني والعسكري والجيش الواحد المهني القومي، والعدالة التي تكشف الجرائم وتحاسب مقترفيها، وقضايا الاقتصاد ومعاش الناس وتفكيك نظام ٣٠ يونيو ١٩٨٩، وبناء واستكمال السلام، وتمهيد الطريق لانتخابات حرة ونزيهة يختار فيها الشعب من يحكمه، ورهن البيان توافق القوى السياسة في بناء الجبهة المدنية الموحدة، وأكد مواصلة التصعيد الجماهيري بكافة طرقه السلمية من اعتصامات ومواكب والاضراب السياسي وصولاً للعصيان المدني الذي يجبر السلطة على التنحي لتقوم على انقاضها سلطة مدنية ديمقراطية كاملة تعبر عن الثورة وقضاياها.
افساح المجال للقوى الثورية
وفي وقت سابق قرر رئيس مجلس السيادة الفريق اول عبدالفتاح البرهان عدم مشاركة المؤسسة العسكرية في المفاوضات الجارية حاليا برعاية الآلية الثلاثية لإفساح المجال للقوى السياسية والثورية والمكونات الوطنية الأخرى للجلوس، وتشكيل حكومة من الكفاءات الوطنية المستقلة تتولى إكمال مطلوبات الفترة الانتقالية، مبديا أمله أن تنخرط هذه القوى في حوار فوري وجاد، وأوضح أنه بعد تشكيل الحكومة التنفيذية سيتم حل مجلس السيادة وتشكيل مجلس أعلى للقوات المسلحة من القوات المسلحة والدعم السريع يتولى القيادة العليا للقوات النظامية، ويكون مسؤولا عن مهام الأمن والدفاع وما يتعلق بها من مسؤوليات تستكمل مهامه بالاتفاق مع الحكومة التي سيتم تشكيلها، وترافقت كلمة البرهان مع توتر متعاظم يشهده الشارع بعد اتساع رقعة الاعتصامات التي تنفذها لجان المقاومة بمدن العاصمة الثلاث احتجاجا على الأحداث الدامية التي وقعت في 30 يونيو الماضي.