الخرطوم: علي وقيع الله
تفاجأ عملاء بنك الخرطوم بخصم مبلغ 1000 جنيه من مختلف الحسابات المفتوحة لدى البنك لإيداع أموالهم هناك، تلك الخطوة قوبلت برفض شديد من قبل أوساط المجتمع وخاصة عملاء بنك الخرطوم، لكونهم لم يشهدوا ذلك من قبل رغم الظروف الصعبة التي يعاني منها النظام المصرفي خاصة في أواخر حقبة نظام البشير حينما أحجمت البنوك والمصارف بالبلاد عن توفير السيولة النقدية، مما خلقت أزمة في ضعف السيولة لفترة من الزمن، لكن ما هي الدواعي والأسباب الرئيسية التي دفعت بنك الخرطوم بالتزامن مع انطلاق مليونية 30 يونيو بخصم مبلغ ألف جنيه من جميع عملائه..؟ وهل يحق للبنك أن يقوم بخصم المبلغ من عملائه دون إخطارهم بذلك..؟ وما هي بالمبررات التي أصدرها بنك الخرطوم حيال إدراجه لتلك الخطوة..؟، وإلى ذلك أعلن بنك الخرطوم في بيان له أمس الأول أن المبلغ المخصوم، وقدره ألف جنيه، عبارة عن رسوم خدمات تخصم بصورة نصف سنوية (أي تخصم في نهاية يونيو ونهاية ديسمبر).
محض الصدفة
وذكر البيان الذي أصدره بنك الخرطوم أنها ضمن الرسوم وتعرفة الخدمات المصرفية للبنك للعام 2022 والتي تم الإعلان للعملاء عنها وفق موجهات البنك المركزي في شهر أبريل الماضي، وتم نشرها في فروع البنك وكذلك في الموقع الرسمي للبنك، وأكد البنك أن هذه الرسوم مضافة في النظام التقني للبنك، ويتم خصمها بصورة تلقائية في التواريخ المحددة مسبقاً، وعليه فإن تزامن هذا الخصم مع أحداث ومليونيات 30 يونيو من محض الصدفة.
حماية المستهلك
في وقت قال فيه رئيس الجمعية السودانية لحماية المستهلك، ياسر ميرغني، إن أي فرد حسابه توفير وما عنده دفتر شيكات وتم خصم 1000 جنيه من حسابه عليه أن يقاضي بنك الخرطوم، وأكد جاهزية حماية المستهلك لتقديم العون القانوني بجانب تقديم المساعدات الفنية، ومضى قائلاً: بنك الخرطوم ممكن يشتكي أي زول لأن نظامه الإلكتروني به ثغرات، وتابع: سبق أن سجن مواطن 13 يوماً بحجة أنه تحولت من حسابه أموال إلى شخص آخر، وأوضح أن هذا المواطن الذي سجن 13 يوماً ليس له حساب ببنك الخرطوم، ولفت إلى أن بنك الخرطوم يستحوذ على أكثر من 50% من الكتلة النقدية.
الحسابات الجارية
ويفترض أميرة الجزولي، وهو أحد عملاء بنك الخرطوم، أن الخصم هذا يكون من الحسابات الجارية، وأشار إلى أنها تسمى بمصاريف مسك دفاتر وبالتالي يتم الخصم كل ستة أشهر بتكون في 30/6
و31/12، ونبه إلى أنه بالنسبة لحساب التوفير لا تخصم منه أي مصروفات بنكية.
حساب توفير
يقول أحد عملاء البنك (عبدالعزيز حسن) إن لديه حساب توفير منذ العام 2004 ومنذ ذلك التاريخ لم يتم خصم أي رسوم خدمة، وواصل: حتى بعد تفعيل تطبيق بنكك لم يخصم منه، وأضاف أن حسابه توفير، نافياً وجود دفتر حسابات، وقطع بأن أي معاملة بنكية يقوم بإجرائها عن طريق تطبيق بنكك يتم سحب عمولة البنك، وتساءل: ما هي الخدمة التي يقدمها البنك مقابل سحبه رسوم خدمة 1000 جنيه؟، متمنياً توضيحاً حول ذلك من قبل مسؤولي بنك الخرطوم.
إخطار العملاء
بينما يتساءل أحمد أكرم ـ أحد عملاء البنك ـ إذا كان الحساب جارياً هل يحق لهم سحب مبلغ ألف جنيه دون إخطار العميل؟ وقال: حتى إذا كان لديك دفتر شيكات لا تجعلهم يسحبون مبلغاً دون علم العميل.
زيادة الودائع
يقول دفع الله الفضيل ـ من ضمن عملاء بنك الخرطوم ـ إن حساب التوفير ليس عليه خدمات وتوخذ منه عمولات الخدمات مثل أي تحاويل ودي رسومو وليس لديه دفتر شيكات، ويضيف: مفترض تدفع له حصة من الأرباح بصفته الادخارية وهو يساهم في زيادة حجم الودائع للبنك، وزاد بالقول: مما يوفر سقوفات لمنح التمويل والاستثمار.
الحدث السياسي
يرى الخبير الاقتصادي الدكتور الفاتح عثمان عبر إفادته لـ(اليوم التالي) أنه بعد تدخل بنك السودان في إدارة بنك الخرطوم وقيامه بطرد المدير العام الأردني وغالب الطاقم اللبناني الأجنبي وهو الطاقم الإداري الذي قال إنه ابتكر خدمة بنكك وجعلها مجاناً للعملاء وبذلك جعل معظم أموال الشعب السوداني تصب في بنك الخرطوم وهو ما مكنه من التحول لأكبر جهة قادرة على منح التمويل بكافة أشكاله للعملاء بحكم الوضع المالي الممتاز لدى البنك، ويعتقد أن الإدارة الجديدة اختارت الاستفادة من الوضع شبه المحتكر للتعاملات المصرفية الإلكترونية لتحقيق أرباح عبر فرض رسوم على كافة المعاملات المالية الإلكترونية في مخالفة كاملة للسياسات السابقة التي مكنت بنك الخرطوم من احتكار معظم أموال الشعب، ويفتكر أنها سياسة قد تكون حالياً ناجحة وتساعد بنك الخرطوم على تحقيق إيرادات عالية، لكنه عاد وأكد أنها سياسة خاطئة كلياً على المستوى البعيد وغالباً ستؤدي لإضعاف سيطرة بنك الخرطوم على المعاملات المالية الإلكترونية لصالح بقية المصارف السودانية، وأوضح أن الخصم الذي تم في يوم 30/يونيو مجرد صدفة ولا علاقة له قط بالحدث السياسي.