القضارف: اليوم التالي
لم يكن المزارع البسيط “آدم حسن يعقوب” من ولاية القضارف يتوقع أن يقفز إنتاجه من محصول الذرة “القوت الرئيس للسكان”، بهذه الصورة..! فقد حقق آدم إنتاجية لم يسبق له أن حققها من قبل، بل لم تحقق من مزارع في المنطقة، التي تستضيف اللاجئين الإثيوبيين من إقليم تيغراي، يقول آدم إنه تلقى مساعدات من منظمة (CDF)، التي تعمل في مجال الأمن الغذائي، إذ قامت المنظمة بتمويل من منظمة الهجرة الدولية (IOM)، والاتحاد الأوربي، بمساعدة عدد من صغار المزارعين بالمنطقة المستضيفة للاجئين، وزراعة مساحاتهم الصغيرة بتطبيق أحدث التقنيات الزراعية، فحقق بذلك صغار المزارعين إنتاجاً قياسياً من محاصيل الذرة والدخن والسمسم والفول السوداني، حيث قفزت إنتاجية الفدان في الذرة من (1 _ 2) جوال للفدان إلى (15 _ 18) جوال للفدان..!
سعادة ورضا
يقول صغار المزارعين بمنطقة دوكة، جنوبي القصارف إنهم سعداء جداً بالنجاح الذي حققوه في الحصول إنتاجية عالية للمحاصيل هذا العام، لم تتحقق لهم من قبل في أراضيهم التي ظلوا يزرعونها “عشرات” السنين، حيث يقول المزارع خليل إسماعيل من منطقة دوكة، إنه ظل يزرع مساحاته الصغيرة هذه لسنوات عديدة، وكاد يتوقف عن الزراعة، بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج وضعف العائد، لقلة إنتاجية الفدان التي تتراوح بين جوال إلى جوالين في الفدان! لكنه يلفت إلى أن إنتاجيته من محصول الذرة هذا الموسم قفزت إلى نحو “ستة” أضعافها..
ويعبر خليل عن سعادتهم كصغار مزارعين بالمنطقة، بالنجاح الذي تحقق لهم هذا الموسم، وأعرب خليل عن شكره للجهات التي أتاحت لهم تطبيق التقانات الزراعية الحديثة في حقولهم، وقامت لهم بكافة الأعمال الفلاحية، وأضاف: أخص بالشكر المنظمة الوطنية (CDF)، والمنظمة الدولية (IOM)، والاتحاد الأوربي، في ذات السياق يشير المزارع “آدم يعقوب”، أنه حقق إنتاجية بلغت (7) أضعاف ما كان يحصل عليه من أرضه طيلة السنوات السابقة..!!
آدم يمتلك مساحة صغيرة في قريته “أم راكوبة” التي تستضيف اللاجئين التيغراي، وكان إنتاجه لا يتجاوز (15) جوالاً من أرضه، لكن الآن يقدر إنتاجه بنحو (75_ 90) جوال، ذات الإنتاجية تحققت لدى جميع المزارعين وجمعياتهم التي استهدفها مشروع الأمن الغذائي للمجتمعات المستضيفة للاجئين، الممول من منظمة الهجرة الدولية والاتحاد الأوربي.
البدء بالنجاح
أبان مصطفى السر مسعود منسق المشروع بمنظمة (CDF)، أن مشروع سبل كسب العيش للمناطق المتأثرة باللجوء يستهدف في عامه الأول هذا عدد (400) مزارع ومزارعة من صغار المنتجين، مساحة كل مزارع (5) فدان.
يقول مصطفى أنهم بدأوا أولاً بتنظيم المزارعين والمزارعين، بتكوين جمعيات إنتاجية لهم، حيث تم تكوين (17) جمعية، يتراوح أعضاء الجمعية بين (25_ 30) عضوٍ وعضوة، تم تقسيمها على”أربعة” مجتمعات مستضيفة للاجئين، دوكة 6 جمعيات، راشد 5 جمعيات، و3 جمعيات لكل من منطقتي أم راكوبة وتواريت، وقال مصطفى إن المنظمة تقوم بتوفير مدخلات الإنتاج (تقاوي، أسمدة، مبيدات) للمزارعين، بجانب توفير آليات زراعية حديثة (تراكتور، ديسك، بلانتر، سمادة، رشاشة، حاصدات)، لتنفيذ كافة العمليات الفلاحية، من تحضير للأرض، وزراعة، وسماد، رش مبيدات، حصاد، وأردف أن كافة العمليات الفلاحية من الزراعة للحصاد، تقوم بها المنظمة، وشكر منسق المشروع بمنظمة (CDF)، منظمة الهجرة الدولية (IOM)، والاتحاد الأوروبي، لتمويل المشروع، وشركة “روزويند” التي تم استئجار التراكتورات منها، وشركة رانس” التقاوي”، وكنانة “السماد”، والشركة التجارية الوسطى “المبيدات”، ومحلية دوكة، وبصفة خاصة الإدارة الزراعية بالمحلية، ووزارة الزراعة، والمشرفين بالمجتمعات المحلية، وقال إن المشروع حقق نجاحاً لافتاً من عامه الأول، لأنه اعتمد أفضل التقانات الزراعية الموصى بها، من زراعة في سطور عبر “بلانتر” واستخدام الأسمدة والمبيدات، مبيناً أن كافة العمليات الفلاحية التي تم تنفيذها للمزارعين كانت ميكانيكا، حيث تم استخدام الميكنة الزراعية لكل العمليات الفلاحية.
ونوه مسعود إلى أنه تم ربط المزارعين بمؤسسات التمويل، لتوفير تمويل بسيط للمزارعين يساعدهم فقط في عمليات النظافة، ومصروفات الحصاد.
وأوضح منسق المشروع بالمنظمة الوطنية أن عمر المشروع “ثلاث” سنوات، ويهدف لتوفير الأمن الغذائي للمجتمعات المستضيفة للاجئين، وقال إن السنتين القادمتين ستتم إضافة جمعيات جديدة، وأبان أن المشروع يستهدف (1200) مزارع خلال السنوات الثلاث، يتم خلالها توفير الآليات ومدخلات الإنتاج للمزارعين، فضلاً عن تدريبهم على هذه التقانات وتطبيقها، بممارستها عملياً بإشراف المنظمة، وتمويل المانحين.
وذكر مصطفى أن منظمة تنمية الأطفال تعمل في مجال الحماية للأطفال، ولديها مشاريع عديدة وفروع في “تسع” ولايات، وتعمل في مجال الأمن الغذائي بعدد من المشاريع.
وأشار مصطفى الى أن جملة المساحات التي تمت زراعتها بالمشروع في محلية القلابات الشرقية بلغت (2000) فدان، منها (750) فدان بمنطقة دوكة، و(500) فدان بمنطقة راشد، و(375) فدان بكل من منطقتي تواريت وراشد، بمحاصيل (الذرة، السمسم، الدخن، الفول السوداني).
الخبراء يشيدون
وقف مزارعون من مختلف ولايات القطاع المطري بالبلاد (جنوب كردفان، النيل الأزرق، سنار، شمال كردفان، النيل الأبيض)، على تجربة تطبيق التقانات الزراعية، في حقول صغار المزارعين، بجنوب القضارف، ضمن مشروع توفير الأمن الغذائي، الممول من الهجرة الدولية والاتحاد الأوربي، وأثنى المزارعون والخبراء الذين زاروا ولاية القضارف، في إطار برنامج (زيارات المزارعين للمزارعين)، في نسخته السابعة، الذي تنظمه مجموعة (سي تي سي)، ويهدف إلى تبادل الخبرات بين المزارعين، والوقوف على تجاربهم في تطبيق التقانات، أثنوا على تجربة صغار المزارعين بالمناطق المستضيفة للاجئين، بمحلية القلابات الشرقية، وأوضح البروفيسور مأمون ضو البيت، مستشار مجموعة (سي تي سي)، أن زيارتهم لحقول صغار المزارعين هذه المرة لأنهم يزرعون نحو (60%) من المساحات المزروعة في السودان، وأضاف أن حل مشكلة الفقر لهؤلاء يكمن في زيادة إنتاجية محاصيلهم، وهذا لا يحدث إلا بمساعدتهم وتمكينهم من تطبيق التقانات الزراعية الحديثة، وزاد: “هذا يمكنهم من زيادة إنتاجية مساحاتهم الصغيرة، وبالتالي تحسين دخولهم ووضعهم، ويسهموا في الأمن الغذائي، وقال ضو البيت إن هذا المشروع إذا استمر يكون هؤلاء المزارعون قد سلكوا الطريق الصحيح.
من جانبه عبر الخبير الزراعي أمين خضر عن سعادته بالنجاح الذي حققه صغار المزارعين في المشروع، ودعا خضر لوضع برنامج شامل للمزارعين في الصيف بتدريبهم وتأهيلهم، ونوه إلى أهمية تطوير الجمعيات الزراعية وانتظام المزارعين فيها، إذن فإن تجربة مشروع الأمن الغذائي للمجتمعات المستضيفة للاجئين، الممول من الهجرة الدولية والاتحاد الأوربي، قد بدأ بالنجاح فيبقى المهم المحافظة على هذا النجاح وتطويره.
بمساعدة منظمة الهجرة الدولية (IOM) والاتحاد الأوربي .. قصص نجاح لصغار مزارعين بالقضارف قفزوا بالإنتاج
