التسوية.. الطباخة في الغرف المغلقة!

عادل خلف الله: الجلوس في الظلام الغرض منه تشويش وجهة الحرية والتغيير أمام الجماهير
نور الدين صلاح: الحديث عن التسوية يأتي شحيحاً وعلى استحياء ممن يسعون إليه
محلل سياسي: التسوية بين العسكريين وقوى الحرية والتغيير كتبت بحبر الغموض
الخرطوم: أمنية مكاوي
ارتفعت سخونة المسرح السياسي السوداني خلال الأسابيع الماضية إلى درجة الغليان مع تسرب أنباء عن تسوية سياسية بين المكون العسكري ومجموعة الحرية والتغيير المجلس المركزي المعروفة بعد انشقاقها لمجموعتين متباينتين الرؤى السياسية، وفيما تسربت بعض المعلومات عن هذه التسوية والتزم المكون العسكري الصمت حتى هذه اللحظة، مما يفسر بأنه قلق من ردود الفعل من بقية المكونات السياسية المعارضة بشدة لهذه التسوية التي جرت مفاوضاتها في الغرف المظلمة حسب وصفهم لها واستبعدت بقية المكونات التي شكلت الغالبية الغالبة فضلاً عن نكوص المكون العسكري عن تعهدات قطعها، منها الانسحاب من العمل السياسي وعدم تسليم السلطة إلا لحكومة توافقية عريضة لا تستثني أي قوى سياسية عدا حزب المؤتمر الوطني المحلول مع تزايد الضغوطات الدولية الكثيفة التي تمارس على فرقاء الأزمة السودانية لأجل الخروج بتسوية تنهي الوضع القائم وتنتهي بالاتفاق والتوقيع عليها في غضون الأيام القادمة.
رأي ثابت:
المجلس المركزي للحربة والتغير نوه مراراً إلى أن الحل السياسي سيكون سودانياً وشاملاً، وليس في إطار صفقة أو حلول ثنائية، ووجد المجلس شركاء ومباركين جدد داعمين لموقفهم غير رفاق الأمس كالمؤتمر الشعبي وجماعة أنصار السنة والاتحادي الأصل، ويجد أيضاً الصد من بعض رفاق الأمس، الأمر الذي اعتبره مراقبون المضي في تسوية سياسية ثنائية بمباركة الجدد، سيما بعد ترحيب نقابة المحامين السودانيين عبر لجنتها التسييرية بتصريحات الفرقاء في الأزمة السياسية والمتعلقة بقبولهم لأن يكون مشروع الدستور الانتقالي الذي طرحته النقابة هو الأساس لحل الأزمة بالتوافق على ما ورد فيه، مما اعتبره البعض إشارة خضراء نحو التوقيع بمن حضر ليصبح الاتفاق ثنائياً، وعبرت النقابة عن أملها أن تشهد الفترة القادمة التوقيع على الاتفاق السياسي والتوافق المطلوب ومن ثم استئناف مسار الانتقال.
إعلان ورفض
وقبل أسبوع وعلى خلفية الرفض الكثيف للاتفاق الثنائي حتى من الحركة الإسلامية التي ليست جزءاً من الفترة الانتقالية نفى رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان ما يتداول من أنباء ومعلومات عن إبرام أي تسوية سياسية ثنائية مع أي من المكونات السياسية وأكد البرهان في لقاء بكبار الضباط برتبة لواء فما أعلى وقادة الوحدات بالقيادة العامة، أن القوات المسلحة تقف على مسافة واحدة من الجميع دون الانحياز لأي طرف وتدعم خطوات التحول الديمقراطي.
وقال البرهان: أتمنى أن تنجح القوى السياسية في تحقيق مستوى من التوافق يمكن أن يساعد على تجاوز التحديات التي تواجه البلاد وتمكنها من إكمال المرحلة الانتقالية في ظل حكومة كفاءات مستقلة غير حزبية تصل بالبلاد إلى محطة الانتخابات»، وذكر بيان صادر عن مكتب المتحدث الرسمي باسم الجيش أن البرهان استعرض مع كبار القادة الموقف السياسي الراهن.
وشدد البرهان على موقف القوات المسلحة الثابت تجاه قضايا استقرار وأمن البلاد في ظل التحديات الحالية.

عادل: اللقاءات الفردية لا تمثل المركزي
أكد القيادي بالحرية والتغيير عادل خلف الله في حديثه لـ(اليوم التالي) على أن الحرية والتغيير لن تكون طرفاً في اتفاقٍ لا يحظى بتوافق من القوى الثورية والحركات المسلحة، لافتاً إلى أن الذي يتم حالياً صفقة سيكون مصيرها صفقة حمدوك البرهان في الحادي والعشرين من نوفمبر في العام الماضي، ولن تصمد لسويعات أمام إرادة الشعب وحراكه.
وأشار إلى أنهم لن يعتمدوا إلا دستور واضح المعالم لإدارة الفترة الانتقالية وأن ماعدا ذلك إلهاء ومحاولة لإرباك المشهد والإساءة للحرية والتغيير ومكوناتها وأيضاً محاولة لترويج بديل زائف، وأن الحرية والتغيير ليست طرفًاً في ذلك، بل بعض أفرادها ومكوناتها وتحالفهم من الشعبي وأنصار السنة والاتحادي الأصل وأن الحديث عن الجلوس في الظلام فقط الغرض منه تشويش وجهة قوى الحرية والتغيير أمام الجماهير، وأضاف عادل صحيح أن عدم وضوح الحرية والتغيير حول اللقاءات التي تمت أثارت كثيراً من التساؤلات وحدث إرباك بين مكوناتها السياسية لكن المجلس المركزي للحرية والتغيير لا يستطيع أن يمنع أي عضو في بناء علاقة ثنائية أياً كانت مع أي فصيل وأي مخرجات تأتي من اللقاءات الفردية لا تعني المركزية.
نور الدين: لا يوجد أي جلوس مغلق
ويرى القيادي بالحرية والتغيير وعضو المكتب السياسي في حزب المؤتمر السوداني، نور الدين صلاح الدين في إفادة لـ(اليوم التالي) أن الحديث عن التسوية السياسية كحل للأزمة السودانية يأتي دائماً شحيحاً وعلى استحياء ممن يسعون إليه، ويريدون أن يجعلوه أمراً واقعاً في المشهد السياسي السوداني، وتتسرب الأخبار عن التسوية من اللجنتان الثلاثية والرباعية والسفراء الأجانب، الذين يتلقون تنويراً عن ما تم حجبه خلف الغرف المُغلقة، أساساً لا يوجد أي حديث عن تسوية، وأعني بالتسوية الرجوع إلى الأوضاع التي كانت عليها البلاد قبل انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر، سواء بشروط محسنة أو بشروط أضعف من الشروط التي كانت عليها الوثيقة الدستورية، ولا يوجد مثل هذا الحديث إطلاقاً، بل يوجد حديث واضح لقوى الحرية والتغيير عن عملية سياسية تقود البلاد لاستئناف مسار التحول المدني الديموقراطي عبر قيام حكومة مدنية خالصة، وذات صلاحيات كاملة تكون فيها المؤسسة العسكرية إحدى مؤسسات الدولة وليست طرفاً في الحكم أو طرفاً في الملعب السياسي، وهذا ما أجمع عليه السودانيون الآن، واعتقد صلاح الدين أن قوى الحرية والتغيير ما زالت متمسكة بشعارات الثورة وقالتها بشكل واضح لا شراكة مع المؤسسة العسكرية مرة أخرى ولا للتفاوض حول مدنية الدولة ولا للمساومة حول العدالة والعدالة الانتقالية، فقط هنالك عملية سياسية من أجل نقل السلطة إلى مؤسسات الحكم المدني، وزاد: هذا ما نقصده بالحل السياسي الذي نعتبره أحد أدوات الحلول.

محمد أحمد: لجان المقاومة هي محرك الساكن
فيما يرى المحلل السياسي محمد أحمد علي أن التسوية الماضية بين المكون العسكري وقوى الحرية والتغيير كتبت بحبر الغموض ما أدى إلى الجدل الكثيف حولها ووضع استفهامات عديدة بشأنها خاصة من جانب المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير ما انعكس ذلك على تضارب التصريحات بين قادة الحرية والتغيير.
وبحسب أحمد في حديثه لـ(اليوم التالي) أن ما زاد التشكيك فيما يجري بشأن التسوية تنصل العديد من الأطراف الفاعلة فيها بسبب الاستقطاب الحاد في الشارع السوداني خاصة وأن التسوية الماضية مغضوب عليها من أغلب الأطراف خاصة من لجان المقاومة المحرك الفعلي للشارع والحزب الشيوعي وبعض المكونات خاصة وأنهم ينظرون إلى التسوية بعين الريبة لإنتاج معادلة جديدة تضمن بقاء وحصانة المكون العسكري وإعفاءه من المحاسبة على الجرائم المتهمة بارتكابها في حق المدنيين العزل منذ جريمة فض الاعتصام.
ويقول من جانب آخر إن قوى الحرية والتغيير مجموعة الميثاق تنظر إلى التسوية من جانب المنافسة والخوف على فقدان الامتيازات التي حصلت عليها بعد الانقلاب.
لذلك خالط التسوية كثير من الغموض الذي يبدو مبرراً من وجهة نظر من يرتبون في أوراقها لجهة أنها غير مرحب بها من أغلب الأطراف في الساحة السودانية.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب