إغلاق بيت السودان بالقاهرة .. حصار المواهب والمبدعين

الأمين العام للمهن الموسيقية بالقاهرة: أسباب إغلاق بيت السودان انتفت
المحلق الثقافي: المستشارية الثقافية لا تمتلك حق التعليق على الإغلاق
الدكتورة ست البنات: قرار الإغلاق يعتبر حصاراً للأنشطة الثقافية والاجتماعية
مواطن سوداني: كل الجاليات تمتلك دوراً وبيوتاً والسودانيون يمارسون نشاطهم الثقافي في القهاوي
الموسيقي الشافعي: خاطبنا السفير بفتح بيت السودان ولكنه لم يرد
دائماً ما تعبر الدبلوماسية عن الوجه المشرق الدول ثقافياً واجتماعياً وفكرياً واقتصادياً وتتبنى خلال عملها أنشطة تسعى من خلال عكس التراث والحضارة وتعريف الآخر بماهية الدول وهذه القيم يتم نشرها وبثها من خلال إقامة المهرجانات والاحتفالات والندوات والمحاضرات وغيرها من الأنشطة المختلفة والتي تحتاج إلى مقر دائم تمارس فيه هذه الأنشطة، وهو ما لم تسعَ السفارة السودانية بالقاهرة لجعله ممكناً أو متواصلاً حيث أمر السفير الحالي بإغلاق بيت السودان الذي يمثل منارة ومعلماً ومأوى وقبلةً لكل الجالية السودانية ثقافياً واجتماعياً وفكرياً واقتصادياً وأدبياً بدواعي الثورة السودانية ومن بعد ذلك التحجج بجائحة كورونا ولكن مع مرور الوقت زالت كل المسببات وظل البيت مغلقاً لأكثر من ثلاثة أعوام دون توضيح يؤكد سبب الإغلاق بعد نجاح الثورة السودانية والتعايش والتطعيم ضد وباء كورونا لتصبح تلك المواهب السودانية للجالية تمارس أنشطتها على قارعة الطرق ووسط القهاوي والحدائق العامة في منظر يسيء للسودان قبل أن يسيء للسفارة بالقاهرة فهل يعلم السيد السفير أنه بعدم فتحه لبيت السودان وإصراره على الإغلاق يكون قد انتهك حقاً من حقوق الجالية السودانية وتجاوز الدبلوماسية في أبهى صورها ومارس سياسة التهميش والتطنيش..
القاهرة .. النذير دفع الله
معاناة الجالية
الأمين العام لاتحاد المهن الموسيسقية بالقاهرة الأستاذ عادل الصول قال لـ(اليوم التالي) إن المشكلة الحقيقية المتعلقة بإغلاق بيت السودان تكمن في السفير الحالي الذي يتوجس خوفاً من بعض الأشخاص ويخشى المواجهة والنقد داخل مجموعات الواتساب لأنه يعرف تماماً أنه سبب العلة الحقيقية لما تعانيه الجالية السودانية بالقاهرة، وأكد الصول أن الإشكالات التي تواجه الجالية السودانية بالقاهرة لم يستطع السفير السابق ولا الحالي حلها سيما في ظل عدم الاعتراف من السفارة بالجسم الذي يمثل الجالية السودانية وهي مشكلة خلقت فجوة كبيرة بين الجالية والسفارة..
وأضاف الصول أن بيت السودان مسجل باسم حكومة السودان وهنا كان لا بد للمستشارية الثقافية أن تلعب دوراً مهماً في إعمار البيت وإعداد البرامج والاحتفالات التي تهم الجالية السودانية وعلى الملحقية الثقافية التنسيق مع كل الاتحادات والكيانات الأخرى، لكن حالياً تعتبر كل المبررات التي بناءً عليها تم إغلاق البيت قد انتفت منها الإغلاق الأول الذي تم بدواعي ثورة ديسمبر والإغلاق الثاني تم بناءً على جائحة كورونا وبعد مرور ثلاثة أعوام قرر السفير الحالي فتح بيت السودان فترة أيام عيد الفطر المبارك للمعايدة الشخصية له وليس لصالح الجالية السودانية ولمدة ثلاثة أيام فقط والتي لم يأتِ فيها طيلة الأيام سوى 100 شخص فقط، بينما في اليوم الثاني كان عدد الفرقة الموسيقية مشيراً الى أنه اذا تم تكليف المستشارية الثقافية بإدارة بيت السودان فإنها تستطيع أن تحيي فيه أنشطة متعددة تهم الجالية السودانية وللأسف عند وفاة الأستاذ والقامة الإعلامية السر قدور كانت اختباراً حقيقياً للسفير السوداني ودور بيت السودان الذي أنشيء لمثل هذه المناسبات حيث كان من الأصل والسودانوية أن يفتح بيت السودان لتلقي واجب العزاء وللأسف أعلن السفير انتهاء العزاء بانتهاء مراسم الدفن، سيما وأن الأستاذ السر قدرو يعتبر الرابط والجسر الحيوي بين مصر والسودان
وكشف الصول عن تعنت السفير الحالي من خلال رفضه عدداً من المقابلات وعدم الرد على الخطابات الرسمية من جانب اتحاد المهن الموسيقية حيث قدمنا خطاباً رسمياً باسم اتحاد المهن الموسيقية بواسطة المستشار الثقافي من أجل تدشين برنامج اتحاد المهن الموسيسقية، ووقتها كان يوجد في القاهرة عدد من الفنانين الكبار والموسيقيين ورجال الثقافة وغيرهم، ولكن حتى اللحظة لم يستجب السفير للطلب ونحن بدورنا قمنا بالواجب وانتهت المناسبة وكنا على علم بأننا إذا قدمنا خطاباً لـ(دار الأوبرا) فإنهم لن يرفضوا الطلب، ولكن مناسبة كهذه الأولى لها بيت السودان لأن المنشط خاص بالسودانيين وبيت السودان هو للسودانيين ولهذه الفعاليات مع ذلك اعتبرنا الأمر ربما لإجراءات إدارية أو غيرها، ولكن بعض الفنانين طلبوا مقابلة السفير لإلقاء التحية والسلام بواسطة المشتار الثقافي وكانت النتيجة أيضاً الرفض!!
وأوضح الصول أن التعنت والغموض الذي يتعامل بهما السفير كان لهما دور كبير في إحداث فراغ ثقافي وتباعدت الروابط بين السودانيين وأصبح التواصل هشاً لدرجة الانعدام وفقدت الثقة في الحلول الاجتماعية التي كان بيت السودان هو الأساس في حلحلة الكثير من الإشكالات التي تعاني منها الجالية يتم حلحلتها في الإطار الاجتماعي السوداني فقط، وليس في الإطار الرسمي المتعلق بالسفارة حتى هذه المبادرات بإغلاق بيت السودان أصبحت معدومة وحتى النشاط الثقافي الذي كان يجمع الجميع حوله أصبح معدوماً الا من الاجتهادات الفردية اذا اعتبرنا أن القاهرة بها أعداد كبيرة من الشعراء والفنانين والممثلين والتشكيليين وغيرهم ولذلك نحن في اتحاد المهن الموسيقية بالقاهرة مصدومين مما يفعله السفير تجاه الجالية السودانية المتعلقة في دور وأنشطة الجالية الثقافية والاجتماعية وغيرها..
وبالعكس تماماً السفير السابق ابن السودان البار الأصيل الدكتور عبدالمحمود عبدالحليم الذي كان يفتح بيته وداره منارة ومنزلة للثقافة وللمناسبات الاجتماعية والوطنية ويقدر أهل الفن والإبداع ويحترمهم، وكان قلبه مفتوحاً للجميع ومنذ ذهابه (ضعنا)، بل كان يجمع حوله كل أهل السودان بمختلف انتماءاتهم السياسية والثقاية والدينية، أما السفير الحالي فإننا ندعو ونطالب بذهابه اليوم قبل غدٍ غير مأسوفٍ عليه والا ستتمزق الجالية السودانية شر ممزق وتتفاقم إشكالاتها وتتراكم .

توضيح الملابسات
الملحق الثقافي الدكتور مرتضى علي قال لـ(اليوم التالي) إن أي حديث عن إغلاق بيت السودان لا بد أن يأتي عبر إدارة الإعلام من أجل توضيح الملابسات وأضاف كل الحديث المتعلق ببيت السودان يجب أن يصرح به السفير مبيناً أن المستشارية الثقافية ليس لها أي تعليق أو حديث عن إغلاق بيت السودان .

شعور محبط
الدكتورة والأستاذة الصحفية ست البنات حسن قالت لـ(اليوم التالي): يعتبر إغلاق بيت السودان حصاراً للأنشطة الثقافية والتجديد الفكري وحظر أنشطة الجالية وأضافت أيضاً أن وباء كورونا ساعد في عملية الإغلاق وولد الشعور بالإحباط لدى الجالية السودانية في مصر، وأشارت: في تقديري يجب مواجهة كل التحديات طالما أردنا خدمة الجالية السودانية في مصر والرقي بها من خلال فتح بيت السودان الذي يعتبر المنارة الثقافية والترفيهية والفكرية لجاليتنا العريقة.

مناشدة للخارجية
الأستاذ والموسيقي الشافعي قال لـ(اليوم التالي): بيت السودان مغلق منذ العام 2019 مع انطلاق الثورة السودانية ومن بعد الثورة كانت جائحة كورونا التي أغلقت معها كل شيء ولكن مع مرور الوقت زالت كل المسببات مضيفاً: حاولنا بكل جهد إعادة البيت سيرته الأولى وخاطبنا للسفير بفتح البيت، لكن كل المحاولات باءت بالفشل، وأوضح الشافعي أن معظم أصحاب المواهب والأنشطة من موسيقيين وفنانين وشعراء وغيرهم لا يجدون مكاناً أو مأوى لممارسة أنشطتهم الثقافية وغيرها مع العلم أن القاهرة بها أعداد كبيرة من المثقفين والكتاب والشعراء والأدباء الذين يحتاجون لمكان يجمع كل هذه الأنشطة ويعكس الثقافة والفن السوداني كواحدة من أهداف العمل الدبلوماسي الذي يبنى على الأوضاع السياسية فقط، وأشار الشافعي: سابقاً كانت لدينا دار السودان، ولكن تم فض الشراكة التي أسست لتلك الدار وتهاونت السفارة السودانية بكل استخفاف في التعامل مع تقنيي دار السودان حتى تحولت القضية إلى ورثة وفقد السودان أكبر وأجمل دار كانت تجمع السودانيين وأصبح الدار الحالية لا ترقى لحجم الجالية السودانية ولا الأنشطة التي تتمتع بها وقال الشافعي: حالياً فقدنا أي دار أو مكان تجتمع فيه الجالية وأصبح الملاذ الوحيد هو بيت السودان وهذا الأخير أيضاً تم إغلاقه منذ ثلاث سنوات من غير مبرر جديد غير أن السفارة لا تهتم لهذه الأنشطة الثقافية والاجتماعية، عليه نناشد وزارة الخارجية السودانية بمتابعة الأمر وتوجيه السفارة بفتح بيت السودان ومعاودة الأنشطة ولم شمل الجالية السودانية حتى يصبح بيت السودان هو الواجهة الأخرى لكل أهل السودان في تواصلهم وأفراحهم وأحزانهم، فبيت السودان كان عبارة عن خلية نحل يجمع الكل ويقيم أنشطة مختلفة من تحفيظ القراءن ومكتبة ثقافية ومكتبة إلكترونية وندوات محاضرات وغيرها بالإضافة لأنشطة المرأة كلها كانت تقام في بيت السوادان، بل وإقامة الأفراح المتعلقة بالجالية السودانية..
عليه نناشد السفير والإخوة في وزارة الخارجية فتح بيت السودان لأن الصبر طال والجالية ملت وليس لها مكان للتنفيس والترويح وهو حق طبيعي من صميم عمل السفارة ومهامها.
إغلاق كيدي
الشاب محمد أمين قال لـ(اليوم التالي) إن بيت السودان يمثل الواجهة الاجتماعية والدبلوماسية الشعبية التي تجمع بين كل أطياف المجتمع السوداني في القاهرة وبما أن الوقت الحالي يحتاج فيه السودانيون أكثر من غيره في التماسك والتوحد لذلك كان على السفارة أن تسعى بكل ما لديها في إعادة فتح بيت السودان لأجل مواصلة التواصل الاجتماعي والثقافي والفني
مع تقديرنا لكل الإجراءات التي أدت لإغلاقه إلا أن كل الظروف قد انتفت وتغيرت فما الداعي لأن يظل البيت مغلقاً، بينما الجميع يبحث عن بيت أو مأوى أو نادٍ أو قهوة لممارسة أنشطتهم الثقافية والفنية مبيناً أنه مع مرور الوقت ستكون الآثار المترتبة على إغلاق البيت وخيمة إذ لا يعقل أن يمارس بعض الفنانين والعازفين وغير هذه الأنشطة على قارعة الطريق وفي القهاوي والحدائق المفتوحة على الرغم من وجود بيت للسودانيين، ولكنه مغلق بأمر ربما نحسبه سياسي أو كيدي ..
وشدد على ضرورة فتح البيت ومعاودة كل الأنشطة السابقة وإعادة ترميم العلاقات الاجتماعية السودانية وتحسين الصورة الذهنية للشخصية السودانية التي انتابها الشك والريب ..