مزيكا وبلوتيكا
إبراهيم عبد الرازق
أوردت إذاعة (مونت كارلو) الدولية في أول عناوين نشرتها الإخبارية ذلك المساء في مطلع التسعينات ، وكانت أخبار الخليج المشتعل تتصدر الأنباء، أوردت هذا الخبر : الموسيقار محمد عبد الوهاب يعود للغناء بعد صمت دام أربعين عاماً، وأذاع الراديو بالتزامن مع قراءة العنوان خلفية هي عبارة عن مقطع من رائعة (من غير ليه) التي عاد بها عبد الوهاب.
ولك أن تتخيل عزيزي القارئ مجموعة المشاعر التي اجتاحت المستمعين في ذلك المساء، من العاطفة والفخر والحب والطرب والبهجة وشلال من الأحاسيس، من غير ليه ، عادت في ثوب قشيب بعد تقدم تكنولوجيا الفن موسيقى وتسجيلاً خلال أربعة عقود، عقود مازادت صوت عبد الوهاب إلا سحراً وجمالاً ، الأغنية جاءت في لحظة تجلي عبث خلالها المبدع بأوراقه القديمة ، فتراءى له النص الذي لحنه للعندليب عبد الحليم حافظ الذي رحل قبل أن يشدو به، أغنية عبد الوهاب الكبيرة استدعى فيها كل أدواته وخبراته ومغامراته اللحنية، وسائر أمجاده وتظاهراته الموسيقية فكانت ككلمة شكر يختم بها مشواره الموسيقي.
المهم أن موسيقار الأجيال أدهشنا ذلك المساء، دهشة شبيهة بتلحين محمد وردي لرائعة محمد المكي (جيلي انا)، وتحمل ذات ملامح موسقة الكابلي ل (اوبريت الشريف الهندي)، بل دهشة تؤكد مقولة الراحل بروفيسور علي المك التي اعتز بها (الفن مسؤولية ، وليس ضرباً من اللهو.
جولة المغنواتي!
(ولقيت بيتي….بعد الغربة
ف قلبك ده….وعيونك ديا
ولقيت روحي …ف احضان قلبك
أنام واصحا….واعيش على حبك
حتى ف عز عذابي بحبك
عارف ليه؟ من غير ليه
يا حبيبي بحبك…)
لهذا وذاك ، فنحن نحزن عندما نرى هذا المنشط الإنساني المهم، ينحدر به من عليائه التي صنعها كبار الصاغة من ذهب الكلمات، بواسطة بعض المتغولين على فن الغناء.
طرائف المغنواتي!
يروى أن أحدهم جاء إلى عبد الوهاب ليسمعه فتغنى بصوت مزعج، فقال له : نقص صوتك مقام، فتغنى، فقال له : كمان مقام، فخفض، فأعاد كمان مقام ، فسأله :إيه دا إنت عايزني أسكت ولا إيه،فرد عبد الوهاب: يكون احسن!
لحن الختام!
ح تجي البت الحديقة….
