مبادرة أهل السودان… والمجتمع الدولي!!

تقرير ـ محجوب عيسى
لم تزل الجهود الوطنية مستمرة بغية حل الأزمة التي تشهدها البلاد، وردم الهوة بين المكونات السياسية التي تتسع باستمرار، وفي سبيل ذلك عقد الشيخ الطيب الجد لقاءً تنويرياً مع أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدين في السودان من أجل الوصول إلى حد أدنى من التوافق وتشكيل حكومة كفاءات وطنية تشمل كافة القوى السياسية لاستكمال الفترة الانتقالية، وتبعاً لذلك تباينت آراء متحدثين لـ(اليوم التالي) حول اللقاء، حيث اعتبر البعض أن اللقاء يصب في إطار دعم المجتمع الدولي للحل والضغط على أطراف الأزمة للانخراط في عملية الحوار، فيما يرى آخرون أن اللقاء لا يحرك موقف المجتمع الدولي الذي عبر عنه في بياناته، الذي يتمثل في عدم الاعتراف بحكومة غير مقبولة من القوى السياسية والثورية والمدنية أو تم تشكيلها بصورة آحادية.

لقاء سفراء:
كشف رئيس المكتب التنفيذي لمبادرة أهل السودان للتوافق الوطني د. هاشم قريب الله لـ(اليوم التالي) عن لقاء رئيس المبادرة الشيخ الطيب الجد أمس بضاحية “ام ضواً بان” مع أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدين لدى السودان والبعثة الأممية، وقال إن اللقاء تناول المبادرة وضرورة وجود وفاق وطني، وطرح مائدة مستديرة بغية الوصول لحد أدنى من التوافق والتفاهمات لتشكيل حكومة كفاءات وطنية تشمل كافة القوى السياسية لاستكمال الفترة الانتقالية ووقف التدهور الاقتصادي، بجانب تحقيق متطلبات السلام والانتخابات والاستقرار الأمني، سيما وأن البلاد تمر بأزمة كبيرة وغياب للحكومة منذ إجراءات 25 اكتوبر الماضي، وأكد قريب الله أن لقاءهم بالسفراء والبعثة الأممية دعم المجتمع الدولي للمبادرة، وتابع “طلبنا منهم دعم التحول الديمقراطي ومواصلة الدعم الاقتصادي فور الوصول إلى المائدة المستديرة وإيفاء المجتمع الدولي بوعوده، فضلاً عن دعم تشكيل الحكومة ودعم الشباب الذي يحتاج إلى مشاريع لتحريك عجلة الإنتاج “، وأضاف أن السفراء سيرسلون المطالب إلى حكوماتهم، وتوقع دعم المجتمع الدولي لجهودهم وعودة الدعم الذي توقف نتيجة لإجراءات 25 اكتوبر.

دعم دولي
ويقول المحلل السياسي عبدالقادر محمود لـ(اليوم التالي) إن مبادرة أهل السودان للوفاق الوطني بدأت الاتصال بالقوى الإقليمية والدولية لتصبح وكأنها مبادرة لنداء المجتمع الإقليمي والدولي للضغط على أطراف الأزمة للانخراط في ما تدعو إليه بعد فشلها في إقناع أطراف الأزمة وعدم استجابة قوى الثورة لها، وطبقاً لمحمود فإن المساعي الدولية المتمثلة في الآلية الثلاثية ودول الترويكا لا تمانع من ضم جهودها مع جهود مبادرة أهل السودان لتحقيق أهدافها في معالجة الأزمة وتشكيل حكومة تصريف أعمال مؤيدة بالحاضنة الاجتماعية التي تشكل مكونات مبادرة أهل السودان والمجلس الأعلى للقوات المسلحة المزمع تشكيله لاحقاً؛ بغية إيجاد مناخ سياسي مستقر يفضي إلى انتخابات مبكرة، سيما وأن كل الأطراف والمبادرات توافقت على فكرة الانتخابات المبكرة التي يمكن من خلالها وضع نهاية للأزمة الراهنة، فضلاً عن رفض الشارع للمجلس المركزي، وقال إن المجتمع الدولي ليست لديه مشكلة مع القوى السياسية والاجتماعية في السودان، وإن كانت تستمد فعاليتها ووجودها من الإسلام السياسي الذي هو الملجأ الأخير لتسوية الأوضاع السياسية الراهنة والوصول بالبلاد إلى الاستقرار السياسي والدستوري، وبحسب المحلل السياسي؛ فإن المجتمع الدولي لا تهمه سوى مصالحه وأهدافه في السودان، وليس لديه مانع من التضحية بحلفائه من قوى الحرية والتغيير المجلس إذا لم يتوفر لهم القبول في الشارع الثوري، مشيراً إلى قبول الاتحاد الإفريقي للمبادرة، وقال إنه لا يخرج من سياق موافقة المجتمع الدولي بالجهود التي ترمي إلى تحقيق التسوية السياسية في السودان، لجهة أن الاتحاد الأفريقي جزء من مبادرة الآلية الثلاثية، وكلاهما يتفقان في الرؤية والهدف وكيفية معالجة الأزمة السياسية في السودان.

تمرين دبلوماسي:
فيما يرى السفير المتقاعد الصادق المقلي؛ أن لقاء السفراء بالقائمين بأمر مبادرة أهل السودان لا يحرك شعرة من موقف المجتمع الدولي، مشيراً إلى أن المساعي لا تصب في إطار الموقف الذي عبرت عنه بيانات الاتحاد الأوروبي وأصدقاء السودان والتحالف الرباعي، بالإضافة إلى الترويكا، وقال إن الموضوع ليس قبول أو رفض المجتمع الدولي للمبادرة إنما مخرجاتها ومطابقتها المعايير، وأوضح المقلية – في حديثه لـ(اليوم التالي) – إن المجتمع الدولي لن يعترف بأي حكومة غير مقبولة من القوى السياسية والثورية والمدنية أو حكومة تم تشكيلها بصورة آحادية لا تشمل كافة القوى السياسية والثورية والمدنية ويعتبرها حكومة تفتقر إلى المصداقية، ووصف السفير المتقاعد لقاء رئيس المبادرة الطيب الجد بأعضاء السلك الدبلوماسي بأنه مجرد تمرين مجاملة دبلوماسية لن يكون لها ما بعدها، سيما وأن المبادرة لم يلتف حولها غير الفلول و المتماهين مع المكون العسكري الحاكم، وفق تعبيره.

خرق برتكول
ولم تذهب بعيداً استاذة العلاقات الدولية بمعهد الدراسات الدبلوماسية بجامعة الخرطوم د. تماضر الطيب؛ إذ ترى أن اللقاء ليس له علاقة بقبول او رفض المجتمع الدولي للمبادرة، وذلك لأن عمل المجتمع الدولي يأتي في حال وجود برنامج رسمي، وأبانت أن المجتمع الدولي يتخذل في حال تم الوصول لصيغة توافق نهائية، وأن يشكل نوعاً من الرقابة الأممية بحضور للبعثات الدبلوماسية أو بعض منها، واعتبرت تماضر في حديثها لـ(اليوم التالي) جلوس السفراء مع رئيس مبادرة أهل السودان خرق للبرتكول الدبلوماسي؛ لجهة أنه لا يحق للقائمين على أمر المبادرة دعوة أعضاء السلك الدبلوماسي للجلوس ومناقشة المبادرة؛ سيما وأنه خارج إطار العمل الرسمي، فضلاً عن أن دعوات السفراء تتم من قبل جهات حكومية رسمية، وقالت تماضر.. إن مبادرة أهل السودان ليس لها علاقة بالسفراء والبعثات الأممية، وتابعت.. “شأنها شأن أي مجموعة تسعى للحل في السودان” وبحسب تماضر لن تتخطى المبادرة محاولة إيجاد حل للأزمة .