ما بين جدلية الاتفاق الإطاري وخروج العسكر من السياسة

تقرير: الخواض عبدالفضيل
أثار المؤتمر الصحفي للحرية والتغيير المجلس المركزي الأخير المسرح السياسي السوداني بمزيد من التعقيدات الذي أعلن من خلاله الوصول إلى اتفاق إطاري مع المكون العسكري يفضي إلى اتفاق نهائي ويحل الأزمة الراهنة وبحسب مراقبين أن الإعلان عن وجود اتفاق إطاري غير صحيح لخورجه من جهة واحدة، ولم يثبته الطرف الآخر، ما يؤكد حقيقة عدم التوصل إلى الاتفاق اتفاق ووصفوا ما رشح بأنه عملية استباقية أرادت منها التغيير كسب مواقف، وأكدوا وجود الجيش وممارسته للسياسة، مستشهدين بجلوسه مع القوى المدنية.
محمد محي الدين: مركزية قحت تريد أن تستبق الجميع لتجني ثمار إخفاقاتها
يقول المحلل السياسي محمد محي الدين لـ(اليوم التالي): الاتفاق الإطاري ما بين المجلس المركزي والمكون العسكري كانت فيه إشارات حوله حتى قائد الجيش ذكر ذلك معتقداً أن الحرية والتغيير أرادت أن تستبق الخطوات التي تحدث عنها قائد الجيش الذي يتحدث عن عملية سياسية واسعة إطارها وثيقة دستور المحامين وتابع: الحرية والتغيير تريد أن تقود مرحلتين، المرحلة الأولى اتفاق إطاري، ثم عملية سياسية تتم مع بقية العملية السياسية وأن التغيير تقدمت بهذه الخطوة بغرض الحصول على ثمار ما فعلته في الغرف المغلقة.
وأردف: لكنها بهذا الأمر فتحت الباب لصراع مع قوى سياسية قوية إذا كانت التيارات الإسلامية العريضة أو مجموعة الجذريين، وأضاف أن المحصلة تأكيد على وجود الجيش في العملية السياسية وليس خروجه خاصة وأن العملية الشاملة ستدخل عدد من القوى المتمسكة بوجود الجيش في المشهد السياسي ما يعقده بشكل أكبر ويكون ـمامنا سيناريوهات، إما يتم القبول بالعملية السياسية الشاملة، وبالتالي تنتهي هيمنة الحرية والتغيير أو أن يكون السيناريو الآخر تسوية سياسية فقط تدخل التغيير والمجموعات التي تساعدها وهذه مصيرها الفشل بسبب عداء الشارع لها.

محمد زكريا: الاتفاقات الثنائية مصيرها الفشل
فيما قال الناطق باسم الحرية والتغيير الكتلة الديمقراطية محمد زكريا في حديثه لـ(اليوم التالي): التصريح الذي خرجت به مركزية التغيير حول التوصل إلى اتفاق إطاري مع المكون العسكري أعلن من طرف واحد وليس من طرفين، لذلك مطلوب التحقق حول مصداقية ما تم التوصل اليه وتابع: واحدة من الآفات السياسية ازدواجية المواقف وخاصة المعلنة من بعض القوى السياسية في فترة الانتقال الشي الذي نعلمه أن الاتفاق الثنائي مرفوض من قوى عديدة من ضمنها الكتلة الديمقراطية وفي حال تمت الاتفاقات الثنائية مصيره الفشل لأنها ستعيد ذات الأزمة التي نتجت عنها قرارات 25 أكتوبر 2021م وأردف: لذلك الدعوى إلى مكونات فترة الانتقال الجلوس حول مائدة مستديرة للحوار وأضاف: أبدت الأطراف في الحرية والتغيير المجلس المركزي مؤخراً مرونة في هذا الإطار وهنالك اتصالات غير مباشرة بين الكتلتين الحرية والتغيير الكتلة الديمقراطية والمجلس المركزي ومضى زكريا في حديثه قائلاً: نتمنى أن تكون نواة لبداية تفاهم مدني ـ مدني باعتبار أن الأزمة الراهنة بين المكونات المدنية استناداً على قرارات القائد العام للجيش البرهان بأن الجيش خارج المعادلة وعلى القوى المدنية الجلوس مع بعضها البعض للتوافق على برنامج فترة الانتقال.
وكشف عن محاولات لتيارات داخل التغيير تعمل على إعاقة وإفشال الاتصالات والتفاهمات التي تجري بين المجلس المركزي والكتلة الديمقراطية.
وقال إنهم يتعاملون مع الحراك الديمقراطي في التحالفات ليست التيارات أو التنظيمات منوهاً أن الكل أمل أن الحوار الناشئ بين الكتلتين يمكن أن يفضي إلى مسائل إيجابية.
كمال كرار: البرهان طالما أنه رئيس السيادي ما زال سياسياً
ومن جانبه قال عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي كمال كرار في حديثه لـ(اليوم التالي) إن ما يطلق على ما يجري في الساحة السياسية من مسميات سواء كان تسوية أو اتفاق إطاري أو تفاهمات يهدف إلى قطع الطريق أمام ثورة ديسمبر المجيدة وعدم تمكينها من انتصارها بشكل كامل لجهة أنه مخطط قديم منذ 11 أبريل2019م وأن القوى التي تريد هذا مصالحها متشابكة ومتطابقة مع أجندة خارجية ومحلية وزاد: هذا الإيقاع المحموم والسريع فيما يسمى بالتسوية مرتبط بحركة الشارع المتصاعدة ولن تتوقف منذ الانقلاب العسكري والخوف كل الخوف من جانب الجهات الأجنبية والمحلية بما فيهم المكون العسكري من التدافع الجماهيري يطيح بهذا الانقلاب كما أطيح بالبشير من قبل وتضيع كل المصالح الداخلية والخارجية بالثورة، وذهب كرار إلى أن خروج الجيش من العمل السياسي يدحضه شيء واحد هو أن البرهان ما زال رئيس مجلس السيادة وقائداً عاماً للجيش وطالما أنه في المنصب ما زال سياسياً، وجزم بأن الحديث عن خروج الجيش حديث للخداع ليس إلا من أجل إقناع الرأي العام بوجود تسوية تأتي بحكم مدني مشيراً الى أن العسكر يريدون حكومة ضعيفة يقودون بها الفترة الانتقالية ليتحكموا بها في نهاية المطاف ويعلنون انتخابات مشكوك في نزاهتها وتابع: هذا ما يؤكد بأنه هنالك لا يوجد انتقال حقيقي وترجع الأمور كما كان المؤتمر الوطني يحكم بتلك الطريقة الشعب السوداني لن يقبل والدماء التي سالت لن يتخلى عنها أبناء السودان وعن المطالب الأساسية للثورة.
ومضى قائلاً: من يبحثون عن المناصب يسعون لبيع دماء الشهداء بتسلق أكتاف الثورة للمرة الثالثة، لكن الشعب مصمم على إسقاط ما يسمى بالتسوية.

أبوبكر عبد الرازق: الجيش لم يخرج من السياسة
ويرى الإسلامي البارز والقيادي بالمؤتمر الشعبي أبوبكر عبدالرازق في حديثه لـ(اليوم التالي) أن الجيش لم يخرج من العملية السياسية مشدداً على أنه لن يخرج منها خاصة وأن طموح قائد الجيش البرهان أن يصبح رئيس الجمهورية أي الإنقاذ (3) والانقلاب الرابع في تاريخ السودان وكل تصرفاته تدل على ذلك وتابع: البرهان الآن أكبر مربك للساحة السياسية بتصريحاته المتناقضة والمتضاربة التي أورثت الساحة السياسية كثيراً من التوترات وقدراً عالياً من الضبابية خاصة وأنهم ظلوا يرددون كعساكر أنهم لا يرغبون في الحكم وأنهم حريصون على الديمقراطية وأحسبها مجرد كلمة تقال علاوة على أن البرهان يلعب على كل الحبال ويتحرك في كل المساحات وأنه بخطاباته الأخيرة يخاطب المجتمع الدولي وقاعدته السياسية المساندة له من القوات النظامية هو يعول عليها في وجوده وعلى الذين أتوا به إلى فترة انتقالية قد يطول أمدها برغبته ورغبة بعض القوى السياسية نموزج الحرية والتغيير المجلس المركزي ظناً منهم بأن الانتخابات لن تأتي بهم.
ونفى عبدالرازاق أن يكون هنالك اتفاق إطاري بين مركزي والمكون العسكري وأن ما جاء به المركزي ليس باتفاق ولا عقد، بل مفاوضات لم تبارح مكانها، وتساءل: لماذا صرحوا بذلك؟ وهل هو تغبيش للرأي العام أم هو إرضاء لاستيعاب قواعدهم المتململة والمحبطة؟ أم خطاب للعالم الخارجي أم محاولة لفرض الأمر الواقع على العساكر؟ وجزم بأن الوصول الى اتفاق دونه اعتراضات جمة لن يقبل بها المكون العسكري تماماً في مسودة المحامين مثل إزالة التمكين عبر هيئة سياسية كما مثل تفكيك الجيش والقضاء مثل العدالة الاجتماعية ومحاسبة العساكر وإبعاد الجيش من العملية السياسية برمته وأردف: كل ذلك سيتمترس به العساكر وسيحرصون على وجوده لذلك سابق لأوانه أـن نقول هنالك اتفاق خاصة ما زالت المفاوضات جارية.

محمد عجيب: لا يوجد اتفاق إطاري إنما عملية لتشكيل رأي عام
فيما أكد الخبير العسكري والمحلل السياسي الدكتور محمد عجيب في حديثه لـ(اليوم التالي) وصول المجلس المركزي والمكون العسكري إلى اتفاق إطاري على شراكة مبنية على دستور.
وأشار إلى نفي الاتفاق من قبل مصادر عسكرية واستشهد بتراجع المركزي والحديث عن تفاهمات زاد أن التراجعات المتعددة واللغة المختلفة تؤكد أن هنالك تعجل من قحت المركزي في هذه المسائل ويقدح ذلك في مصداقية المركزي.
ونوه إلى تصريح رئيس الأركان محمد عثمان الحسين يؤكد بأن القوات المسلحة نائية عن العملية السياسية منذ حديث قائد الجيش البرهان في يوليو الماضي وأن الجيش لن يكون مطية لأي جهة حزبية وأشار الى أن العسكريين في أي وثيقة لديهم مطالب معينة ببعد المدنيين والسياسة عن صلب البناء والهيكلي للقوات المسلحة باعتباره مؤسسة عسكرية من الدرجة الأولى وقال عجيب إن خطاب البرهان ببعد المؤسسة العسكرية خطاب بتمدد رأسي وليس أفقياً بمعنى ليس فيه جديد، لكنه أكد على موقف سابق وثابت بأن القوات المسلحة بعيدة من العملية السياسية ونوه الى أن الجيش قد يجري حوارات في المنطقة المظلمة، ولكن يؤكد أن هذه الحوارات لن تنتج عن اتفاق ثنائي ومن نظور عسكري أنها تقود إلى التوافق بين كل القوى السياسية الموجودة وحول سؤال عن نفي المكون العسكري لا يوجد اتفاق إطاري مع قحت المركزي قال عجيب: ربما تريد مركزية قحت عملية استباقية لتشكيل رأي عام لها يساندها في المشهد السياسي بمثل هذه التصربحات التي ربما يكون خطاب موجه لقواعدها وليس لقوى سياسية أخرى لطمأنة قواعدها بأنها ذاهبة في الطريق الصحيح على خلفية اللاءات الثلاث التي تخلت عنها قحت المركزي الذي أحدث لها كثيراً في قواعدها لذلك الحرية والتغيير تحتاج إلى خطاب داخلي لارضاء قواعدها كما أنها تحتاج الى تشكيل رأي عام يتماهى مع موقفها مع وثيقة دستور المحامين مشيراً الى أن التقديرات قد تؤدي إلى نتائج سالبة بأن المعلومات تتكشف سريعاً وظهر نفي العسكريين قبل أن يجف صدى تصريح التوصل إلى اتفاق إطاري.