لجان المقاومة.. هل ستقلب الطاولة على المشهد السياسي؟

(11) تنسيقية ترفض الإعلان السياسي وتتمسك بميثاق اللجان!
المركزي: ما زلنا نطرح اللاءات الثلاث لكن بفهم مختلف!
اللجنة الفنية لميثاق اللجان: عناصر من نظام البشير شاركت في الإعلان الدستوري!
محللون: المركزي فشل في التأثير على لجان المقاومة السودانية!
رغم قمعها في الشوارع، ومحاولات اختراقها زادت لجان المقاومة التي ظهرت بوضوح في المشهد من الضغط على المجلس المركزي ضد مشروع الحل السياسي، وضربت عرض الحائط بما ظل يردده من تناغم مسارات الحل السياسي والضغط الشعبي.
حالة ضغط قوية تصنعها اللجان في الشارع وعبر عدد من التصريحات الصحفية قللت وفق مراقبين تحدثوا لـ(اليوم التالي) من بريق مشروع الحل السياسي فقد فند شباب يافعون ما طرحه المركزي بصورة قوية أقحمت كبار محاربيهم، لكن الأخير تمسك على استحياء بتأييد عدد من اللجان لمشروعهم السياسي، ورأى المراقبون أن القوى السياسية فشلت في كسب المقاومة لتمسك اللجان بخطها الثوري المقاوم، وإن كان ثمة تأثير أو سمه، ميل ثوري، فإن الحزب الشيوعي السوداني هو الأكثر قرباً إلى هوى لجان المقاومة السودانية دون غيره من أحزاب وحركات ومجموعات أهلية ومبادرات وقوى ثورية ذات توجه ليبرالي وبرجوازي.
الخرطوم: إبراهيم عبد الرازق
تشديد الرفض!
تنسيقيات لجان مقاومة ولاية الخرطوم اصدرت أمس الأول بياناً شديد اللهجة ضد الحل السياسي ممهوراً بتوقيعات لجان أحياء بحري والحاج يوسف وكرري والأربعين والفيل والموردة والعرضة بجانب تنسيقية لجان مقاومة شرق النيل جنوب.. مركزية لجان المقاومة والتغيير دار السلام أمبدة ونسيقيات مدينة الخرطوم وتنسيقية لجان مقاومة أمدرمان القديمة، وتنسيقية لجان أحياء أمبدة.
أكدت تلك اللجان في بيانها أنها لطالما كانت هي الحارس الحق لهذه الثورة العظيمة والتي أججت مشاعر الحرية في ربوع هذا الوطن الحبيب، فقد كان للجان المقاومة الدور الكبير الذي أدى لانتصارها ورفع وإعلاء صوت الحق للمطالبة بمدنية دسمة لهذا الوطن الحبيب .
وتابع البيان: نحن في لجان المقاومة ما زلنا في نضالنا نسير ونحمي ثورتنا من انقلابيين أو أحزاب تسعى وراء تسويات أو حركات لا تسمن ولا تغني من جوع، أو مناصب تم استخدامها في تجويع هذا المواطن المغلوب على أمره، فضاق الأمرّين تارة من انقلابيين يساندهم مهادنون، وتارة أخرى من مدنيين مناوئين للانقلابيين، ومضى: إننا في لجان المقاومة نقف خطاً واحداً مع هذا المواطن ونرفض الانقلاب جُملة وتفصيلاً، ولن نتراجع حتى يتم إسقاطه كاملاً بكل أركانه، ولكم في اتفاق رئيس الوزراء الأسبق أسوة جعلتنا لا نقبل ما تم من اتفاق نترفع عنه، بل نناهضه بكل أدواتنا السلمية وذلك لما حمله من إبقاء العسكر في سدة الحكم وكأن شيئاً لم يكن، بل على العكس، زاد من أطماعهم ليل نهار.
وشدد: لن تسكت حناجرنا، بل ستصدح في كل صباح ومساء تنادي بالعدالة والقصاص لشهدائنا الأبرار الأكارم من قتلتهم لنراهم في مشانق لا تخطئ العين رؤيتهم كرؤية الشمس في كبد السماء.
عضو اللجنة الفنية لمواثيق لجان المقاومة السودانية أسامة عمر قال: بعد ٧ آلاف جريح، و(١٢١) شهيد، لجان المقاومة تؤكد أنها مع لاءاتها الثلاث وأنه لن يكون هنالك أي تفاوض مع القيادة الحالية للمؤسسة العسكرية، ولا مساومة على دماء الشهداء، ومضى أسامة في تصريح صحفي أمس الأول: نحن غير معنيين بالتفاوض غير المباشر الذي يجري مع المركزي الآن، ولا أي عملية سياسية لأننا أوضحنا ذلك في مواثيقنا ونعمل على أساس أن نجمع أكبر حشد موافق على مواثيق لجان المقاومة ومواصلة العمل لإنهاء الانقلاب، وذلك بأدوات شعبنا المجربة في المواكب السلمية والإضرابات والعصيان الشامل، لأن القيادة الحالية القابضة على السلطة تم تجريبها عدة مرات، منذ مجزرة شارع النيل يوم ٨ رمضان، ثم جاءت بعد ذلك أكبر جريمة وهي فض الاعتصام التي شهدها الشعب السوداني وموثقة بكاميرات القيادة العامة، يوم ٣ يونيو ٢٠١٩، إذن الثقة أصبحت مفقودة بين الشارع والقيادة الحالية.
وحول طرح القوى السياسية لمبادراتها على اللجان قال أسامة: تمت دعوتنا لأول ورشة أقامتها اللجنة التسييرية لنقابة المحامين لمناقشة مسودة الدستور، وذهب عدد من الرفاق من التنسيقيات المختلفة لتلبية الدعوة، لكنها تفاجأت أن جزءاً من الذين سيناقشون المسودة أو مشروع الدستور هم من المؤتمر الشعبي والاتحادي الأصل وجماعة أنصار السنة، وهؤلاء كما هو معروف هم جزء أصيل من نظام البشير حتى نهاية أبريل ٢٠١٩م، بعد ذلك انسحبت هذه التنسيقيات من الورشة، وأصدرت بياناً أوضحت فيه أنها رضيت أن تأتي لمناقشة مسودة دستور انتقالي، ووجدت عناصر النظام المباد ضمن المشاركين، لذلك تم رفض العملية.
وأضاف أسامة أن ميثاق لجان المقاومة يمثل وثيقة إعلان سياسي يمكن أن يكون مشروعاً لإعلان دستوري باعتبار أن هذه المواثيق تتضمن أكبر وثيقة في تاريخ الدولة السودانية منذ العام ١٩٥٦م وخضعت لنقاش واسع امتد من كسلا وحتى الجنينة ومن حلفا حتى كاوقلي والدلنج.
وحول ما طرحه المركزي عن عدة مسارات لاستعادة الديمقراطية من بينها التفاوض مع العسكر، شدد أسامة بقوله: (من جرب المجرب حاقت به الندامة)، وتابع: كل لجان المقاومة هي مع اللاءات الثلاث، ولا تقبل أي تفاوض مع القيادة العسكرية الحالية. ومضى: لكل تقديراته، لكن الفكرة التي قامت عليها كتابة المواثيق في لجان المقاومة السودانية هي اللاءات الثلاث، وأضاف أن المؤسسة العسكرية الحالية غير مؤتمنة بالنسبة لنا في لجان المقاومة وغير مؤتمنة لدى الشارع السوداني، وزاد أسامة أن الحديث حول دعم المقاومة للمبادرات السياسية يذكره بموقف الوزير في نظام البشير حاتم السر ضد اللجان في مواكب بالسوق العربي وأنه ذهب للرقص مع البشير في الساحة الخضراء، ولفت أن الشعب السوداني لن ينسى هذه المواقف، وحول الإعلان السياسي للمحامين قال أسامة أنه تحدث عن قوات الدعم السريع كجزء من المؤسسة العسكرية في حين أجمعت تنسيقيات المقاومة أنها يجب حلها، وتوقع الحركات المسلحة المتبقية على أن يكون للسودان جيش واحد، كذلك نختلف مع الإعلان حول تعيين مجلس للسيادة بينما مواثيقنا رؤيتها أن لا يكون هناك وجود لمجلس سيادي.
اختلاف مسارات!
من جهته قال القيادي بقوى الحرية والتغيير نور الدين صلاح الدين عضو المجلس المركزي هناك لجان مقاومة تختلف في التعاطي مع قوى الحرية والتغيير، ولا شك أن كل اللجان داعمة للثورة وترغب في استعادة المسار الديموقراطي، وتابع في تصريحات صحفية أمس الأول: من الأفضل أن ننظر للنصف المليء من الكوب، قوى الحرية والتغيير ترفع ذات اللاءات الثلاث مع الاختلاف في كيفية تحقيق هذه اللاءات، ولفت الى أن المركزي يتمسك بالشراكة مع المكون العسكري، في المرحلة المقبلة، ونحن نقول لا للتنازل عن مدنية الدولة، ولا مساومة على قضايا العدالة، ومضى: نحن نختلف فقط في كيفية تحقيق هذه اللاءات الثلاث، كذلك لجان المقاومة تتمسك بالمضي في المقاومة السلمية واللا عنف وقوى الحرية والتغيير تتبنى أيضاً هذا المسار وبنفس الوقت لدينا مسارات أخرى، ونعتقد في ذات الوقت أن تكامل هذه المسارات يمكن من تحقيق الغاية واستعادة الديموقراطية، وفي نهاية الأمر نحن نقف مع لجان المقاومة في صف واحد، والمسافات بيننا ليست متباعدة، لكن دعونا نتخلى عن المواقف المتشددة ما دام نحن متوحدون، الشعب السوداني الآن موحد أكثر من أي وقت مضى حول مدنية الدولة والتمسك بإبعاد الجيش عن السياسة، وتابع أنهم سيعملون على توثيق العرى بين اللجان التي تتفق معهم وكذلك بعض اللجان الأخرى التي تختلف معنا في وسائل العمل سنعمل على تجديد التواصل معها في سبيل تقوية الجبهة المدنية .
وحول لجان المقاونة التي تؤيد الإعلان الدستوري لتسييرية المحامين قال نور الدين: لدينا تواصل مع عدد من لجان المقاومة، وهنالك من استجاب للدعوة من قبل التسيرية، كما أن هناك الآن مبادرة لجان مقاومة الخرطوم وسط، وهي مبادرة تلتف حولها لجان مقاومة الخرطوم، وهذا يعني أن هناك مساحة للأخذ والرد مع اللجان .
وحول بيان المقاومة الرافض للمشاركة في ورشة دستور التسيرية قال نور الدين إنه لا يتذكر هذا البيان وتابع: إن محلية كرري لجانها مع لجان الحاج يوسف وعدد من اللجان الأخرى تجاوبت مع مبادرة لجان الخرطوم وسط للتفاكر وعقد ورش حول الإعلان السياسي.

صعوبة الاختراق!
بدوره قال المحلل السياسي عبد القادر محمود صالح إن لجان المقاومة ولاية الخرطوم وكل لجان المقاومة بالأرياف والمدن السودانية تتفق حول رؤية مشتركة وهدف وأحد هو إسقاط الانقلاب من خلال الشعار لا شراكة ولا مساومة ولا شرعية.
وأضاف صالح لـ(اليوم التالي) هذه اللاءات الثلاث تلخص رؤية لجان المقاومة في شكل ومضمون السودان بعد الثورة، حيث ترى أن أزمة الحكم في السودان منذ الاستقلال تتمثل في وجود المؤسسة العسكرية في قلب السياسة السودانية وأن النخبة السياسية وطبقة الرأسماليين والإدارة الأهلية كلها تمظهرات لمصالح فئات اجتماعية محددة وقليلة، وجموع الشعب السوداني عانى وما زال يعاني من الاستبداد الممنهج بواسطة هذه القوى “الرجعية” كما يحلو للحزب الشيوعي وصفها هكذا..
وتابع في تقديري، لجان المقاومة حسمت أمرها وحددت هدفها قبل الثورة وبعد الثورة بالمضي نحو تحقيق الدولة المدنية الحديثة ودون ذلك ستظل جزوة الثورة متقدة إلى أن تتحقق كل الأهداف، فيما يتعلق بمسألة التسوية، لا أعتقد أن لجان المقاومة ستنخرط في العملية السياسية الجارية باعتبار أن التسوية تضييع لنضالات ثورية استمرت لأكثر من ثلاثين عاماً وتضحيات كبيرة قدمت في سبيلها أرتال من الشهداء، وقبول التسوية يعني الخيانة الكبرى للرؤية والهدف وتضحيات الشباب، لذلك أعتقد أن لجان المقاومة لا يمكن اختراقها بواسطة الأحزاب السياسية، فهي تتحصن بالمبادئ والإيمان العميق بأهداف الثورة وصولاً إلى الدولة المدنية الديمقراطية التي تتحق في وجودها العدالة الاجتماعية والاستقلال السياسي والاقتصادي للسودان.
وهنالك محاولات عديدة من أحزاب سياسية مختلفة للتأثير على لجان المقاومة لكن جميع تلك المحاولات فشلت بتمسك اللجان بخطها الثوري المقاوم، وإن كان ثمة تأثير أو سمه، ميل ثوري، فإن الحزب الشيوعي السوداني هو الأكثر قرباً إلى هوى لجان المقاومة السودانية دون غيره من أحزاب وحركات ومجموعات أهلية ومبادرات فلولية وقوى ثورية ذات توجه ليبرالي وبرجوازي.