الدب الروسي على سواحل البحر الأحمر .. تموضع بأمر المصالح

ترجمة: إنصاف العوض
قالت صحيفة المونتير الأمريكية إن روسيا تضع عينيها على ميناء السودان كمركز بحري رئيس، وأضافت: تعمقت علاقات روسيا والسودان منذ الاستيلاء العسكري في أكتوبر 2021 والحرب الروسية الأوكرانية والتي دفعت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لتوقيع مرسوم يوافق على العقيدة البحرية الجديدة في البلاد لإعادة تعريف أهداف وتعريفات السياسة البحرية، والقائمة على أن الغرض من البحرية الروسية تحفيز القدرة على المواجهة مع الولايات المتحدة والناتو.
عقيدة بحرية
وتؤكد العقيدة الجديدة على أهمية التنمية الاقتصادية للمؤسسات البحرية وتنص على معالجة مشكلة الأسطول الروسي المتمثلة في التخلف العلمي وتحديد عدد من المهام لمزيد من المنافسة الدولية وعلى وجه الخصوص تصور الوثيقة، لأول مرة منذ الثلاثين عاماً منذ انهيار الاتحاد السوفيتي، إمكانية بناء سفن حربية حديثة لحمل الطائرات، بالإضافة إلى خلق بنية تحتية أساسية في البحر الأحمر والمحيط الهندي وتوسيع التعاون مع إيران والعراق والمملكة العربية السعودية.
ووفقاً للصحيفة فإنه وباستثناء ميناء طرطوس السوري، فإن المنشأة البحرية الأجنبية الحقيقية الوحيدة حيث تهدف روسيا حقًا إلى وجود جاد هي بورت السودان حيث تم التوصل إلى الاتفاقات ذات الصلة في عهد المشير عمر البشير ولن يتم الإعلان عنها إلا بعد الانقلاب العسكري لعام 2019 خلال فترة انتقالية مضطربة دون إمكانية التصديق المبكر للوثيقة من قبل السلطات الجديدة، ومع ذلك في أبريل 2021، علق مجلس السودان السيادي الاتفاق مع روسيا لإنشاء مركز لوجستيات، حدث هذا في وقت بدأ فيه الجيش الروسي بالفعل في إيصال معدات عسكرية إلى هناك.

دوافع اقتصادية
وترى الصحيفة أن تجميد الاتفاق في المقام الأول حدث بسبب الذوبان الناشئ في العلاقات بين الخرطوم وواشنطن ورغبة الجيش السوداني في الحصول على ضمانات اقتصادية أفضل من موسكو، بعد أن أزالت وزارة الخارجية الأمريكية السودان من قائمة رعاة الإرهاب وفي أواخر عام 2020، صعدت الخرطوم جهودها للعثور على المستثمرين.
فعلى سبيل المثال، أعربت الإمارات العربية المتحدة عن رغبتها في الاستثمار في دارفور، وقدمت قطر الخرطوم كمقر لإنشاء منطقة استثمار، وقد بدأت المملكة العربية السعودية في استكشاف الاستثمار في الزراعة.
ويبدو أن تفاصيل الاتفاقية لعبت دوراً مهماً في قرار الخرطوم القائل بتأخير نشر البنية التحتية العسكرية الروسية.
فعلى الرغم من أن الجيش الروسي قد زار الخرطوم أكثر من مرة في العامين الماضيين، وفقاً لمصادر الصحيفة القريبة من الأوساط الدبلوماسية الروسية، فإن الطبيعة الخام للصفقة جعل الاهتمام بها يخبو بمجرد مغادرة المسؤولين السودان .
وبعد الانقلاب الثاني في عام 2021، تم عزل الخرطوم مرة أخرى. بسبب عدم الرضا عن تصرفات الجيش، التي استولى فيها على السلطة من الحكومة الانتقالية مما دفع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي الى تجميد المساعدات المالية للسودان.
وبعد اشتعال الحرب في أوكرانيا قام نائب رئيس المجلس السيادى محمد حمدان دقلو المعروف أيضاً باسم حميتى بزيارة إلى موسكو، وخلال الزيارة أكد أن السودان ليست لديه مشكلة مع إمكانية إنشاء روسيا قاعدة بحرية على ساحل السودان، شريطة أن لا تشكل تهديداً للأمن القومي.
مساومة سياسية
وتقول الصحيفة على ما يبدو أصبح الجيش السوداني إيجابياً مرة أخرى بشأن احتمالات إنشاء مركز اللوجستيات العسكري الروسيى كونهم يتعرضون لضغوط دولية خطيرة حيث تطلب المؤسسات الغربية أن يتبنى الجيش الإعلان الدستوري الموقّع مع القوى السياسية المدنية
وعلى خلفية الحرب المستمرة في أوكرانيا، فإن جولة أخرى من المحادثات حول الوجود الروسي في البحر الأحمر هي حجة يمكن التنبؤ بها للمساومة السياسية، في الوقت الذي تجاوز التضخم في السودان 200٪ وارتفعت أسعار المواد الغذائية المستوردة، مثل القمح والوقود، الى أكثر من 30٪ منذ يناير 2020.
ومع ذلك، وفقاً لمصادر رسمية تم التعبير عن القلق حول عودة الجيش السوداني إلى خطاب التقارب مع الكرملين، ليس من قبل الغرب فقط، ولكن من قبل مصر. حيث تتمتع القاهرة الآن بالكثير من النفوذ في الخرطوم، وعلى الرغم من تطور العلاقات مع موسكو، تعارض القاهرة وجود مرافق عسكرية روسية رسمية بالقرب من حدودها ومناطق الاهتمام، كما أن السودان المستقر هو في المقام الأول في مصلحة مصر، والتي من ناحية تخشى أن يكون عدم الاستقرار في السودان سبباً في زيادة المهاجرين السودانيين، وتعزيز جماعة الإخوان المسلمين المحلية والصراع على حدودها الجنوبيةـ. من ناحية أخرى، تعارض الخرطوم إلى جانب القاهرة مشروع إثيوبيا لبناء أكبر محطة للطاقة الكهرومائية في إفريقيا المعروفة بسد النهضة الإثيوبي الكبير الذي أصبح موضوع نزاع بين البلدان الثلاث.

خيارات عصية
ولفتت الصحيفة إلى تقرير نشرته مجلة فوربن بوليسي الأمريكية والتي نقلت على لسان مسؤولي الاستخبارات الأمريكية، أن آمال روسيا في الحصول على قاعدة على البحر الأحمر قد انهارت في نهاية المطاف، وسيتعين على موسكو البحث عن خيارات أخرى في المنطقة لإنشاء قواعد جديدة لها
ليبرز السؤال هل لدى موسكو أي خيارات واقعية أخرى؟ من الناحية النظرية، يمكن لروسيا استئناف المفاوضات مع أرض الصومال خاصة وأن هناك ذات يوم قاعدة عسكرية سوفيتية في بيربرا، والتي تخلى عنها الاتحاد السوفيتي لأنها دعمت إثيوبيا.
في الصراع الإثيوبي الصومالي، رأت الصحيفة أنه اذا نجحت روسيا في حل مشكلة العلاقات مع العشائر المختلفة، فإنه من غير المرجح أن يتم حل مسألة الاعتراف الرسمي بالوضع القانوني لأرض الصومال دون جولة جديدة من الفضائح الدبلوماسية الإقليمية.
وقالت الصحيفة
لا يزال السودان، على الرغم من كل الصعوبات، من وجهة نظر الكرملين أكثر البلدان الأفضل للوجود العسكري، خاصة وأن الخرطوم وموسكو قد أقامتا حواراً دبلوماسياً في 3 أغسطس، 2022 لافتة إلى اجتماع ضم نائب وزير الخارجية السوداني دفع الله علي ونائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف حول محادثات منتظمة في موسكو، مع التركيز على التعاون التجاري والاقتصادي.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب