أريد أن أظل صغيرة

نهى محمد الأمين
nuha25@yahoo.com
النساء يتفقن على مبدأ الحساسية تجاه العمر- ولا أبرئ نفسي، بل ربما أكون (زايدة العيار حبتين).
فمنذ فترة ليست بالقصيرة، أصبحت أتعرض للصفع بالنداءات التي تشير إلى تقدم العمر مثل كلمة خالة، حاجة، وصراحة هي في الكثير من الأحيان أقسى علي من الصفعة خاصة عندما تأتيني من أناس أحياناً هم أكبر مني سناً، وأذكر في واحدة من المرات التي كان فيها مزاجي سيئاً، احتددت مع صاحب الركشة الذي ناداني بـ(خالة) وسألته عن عمره، واتضح أنه أكبر مني بعامين، وكان مبرره أنه قصد أن يعبر عن احترامه لي فسألته: ماذا عن (أخت) أو (أستاذة)، (عيبهم لي)، لا أدري ربما مزاجي العكر جعلني أصب جام غضبي عليه..
صراحة أنا لا أدري بالضبط السبب الذي يجعلني لا أتقبل موضوع تقدم العمر، ولكني على الدوام أريد أن أظهر أصغر من عمري على الأقل بخمسة عشر عاماً، وأفكر جادة في إهدار دم كل من يلصق بي تهمة تقدم العمر وأنظر شذراً لأولئك الذين يسألونني عن عمري إذا ساقني حظي التعيس إلى أية إجراءات تطلب فيها مثل هذه البيانات.
قبل فترة تمت استضافتي كشاعرة في قناة الخرطوم في واحدة من السهرات، تعمدت ألا أرتدي التوب السوداني وارتديت جيب وبلاوز، وذلك حرصاً مني على الظهور أصغر سناً إلى أقصى حد ممكن، أشادت صديقتي بالحلقة، ولكنها أخبرتني أنني ربما سأكون أجمل بالتوب، فأخبرتها الحقيقة، ناقشتني قائلة إن مستضيفتي مقدمة البرنامج كانت ترتدي التوب وكانت جميلة للغاية، فضحكت وفندت حجتها بأن المذيعة فعلاً صغيرة، لذلك فهي لا تحتاج أن تبدو أصغر على خلافي أنا.
لم أستطع البتة تقبل مسألة تقدم العمر هذه، وبالرغم من أن لدي ولدين شابين حفظهما الله، إلا أن هذا الأمر يظل دوماً على المحك بالنسبة لي ومن أجمل العبارات التي تطربني وترفع معنوياتي إلى عنان السماء عندما أكون برفقة ابني ويسألني أحدهم: هل هذا أخوك الأصغر، حتى ولو كان قوله على سبيل المجاملة، فهي مجاملة في غاية الروعة والدبلوماسية.
الإنجليز لديهم مثل شائع، يقول إن العمر مجرد (رقم) – Age is just a number – وحقيقة هذا المثل منطقي للغاية إذا نظرنا إليه بواقعية، فالكثير من الناس يظهرون أصغر أو أكبر عمراً من الحقيقة، وأيضاً هناك من يتعرضون لفقدان لياقتهم البدنية في أعمار صغيرة على عكس آخرين في أعمار كبيرة بكامل اللياقة، والأهم من ذلك أن الأعمار بيد الله واليوم ليس مربوط بعمر الإنسان على الإطلاق..
وبالرغم من كل هذه الحكمة التي هبطت عليّ في آخر هذا المقال، إلا أنني أعترف وبصراحة أنني لا أريد أن يكبر عمري، وأريد أن أظهر على الدوام شابة وصغيرة..


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب