تقرير ـ الخواض عبدالفضيل
تباينت مواقف القوى السياسية حول مبادرة الشيخ الطيب الجد ود بدر والمعروفة بـ” مبادرة أهل السودان للتوافق” فيما يقول مراقبون إن هذه المبادرة الكرت الأخير في حل الأزمة السودانية، بعد أن استُنفدت كل الفرص وأصبحت الفترة الانتقالية قاب قوسين أو أدنى من نهاياتها، وشدد الخليفة الشيخ الطيب الشيخ الجد الشيخ محمد ودبدر، رئيس المبادرة إلى ضرورة وحدة أهل السودان لحل الأزمة التي تمر بها البلاد، وقال في مؤتمر صحفي الاثنين بقاعة الصداقة بالخرطوم- إن الأزمة تمثل تهديداً لاستقرار البلاد. واتهم مراقبون ومحللون سياسيون مبادرة الشيخ الطيب الجد بأنها لعبة من الحركة الإسلامية لضمان وجودهم في المشهد السياسي في المرحلة الجديدة، كما اعتبر آخرون أن المبادرة بمثابة ضوء في آخر النفق،
مخرج طوارئ
قال الباحث في العلوم السياسية د. أزهري بشير لـ(اليوم التالي) إن مبادرة الشيخ الجد حلاً للأزمة في ظل الأزمات السياسية والراهن السياسي وفقاً للأحداث والظواهر السابقة والمتغيرات التي تشهدها البلاد، وبعد سلسلة من الخروقات الأمنية والاجتماعية والسياسية ، وتابع “ولدت هذه المبادرة عملاقة”، وأضاف برزت ظواهر سالبة ودخيلة على المجتمع السوداني، لأسباب عديدة منها؛ التدخلات الأجنبية من بعض دول الجوار والدول الغربية، أيضاً برزت جهات ومجموعات لاتريد للسودان خيراً، فكانت ظاهرة العنصرية والقبلية، والفتن التي أحدثتها الأجهزة الاستخبارية الأجنبية، إذن لابد من مخرج طوارئ آمن.
وأشار إلى أن المعادين للمبادرة يسعون وراء أجندة ذاتية لا علاقة لها باستقرار الوطن.
موضحاً أن البلاد أحوج ماتكون للوحدة والتعايش السلمي بعد انتشار العنف والجريمة على نطاق واسع، وبحسب بشير فإن أبرز التحديات تكمن في الصراع القبلي، والعنصرية، وخطاب الكراهية، والإرهاب والتطرف قضايا العدالة الانتقالية، مضيفاً أن هنالك منطلقات وطنية جاءت بها مبادرة الشيخ الطيب الجد وهي متوافقة مع المبادئ الدستورية التي اعتمدتها مواثيق ثورة ديسمبر، على نحو يؤكد أن فرص إضافية قد توفرت من أجل سودان متنوع الوحدة ، وتابع.. على الشعب السوداني أن يعلم بأن هنالك خطراً قادماً تجاه دولتنا، وهو تسابق الدول العظمى، ودول الجوار، كل واحد منهم طامع في الحصول على موارد السودان الطبيعية ، التي لا تقدر بثمن، وبالتالي على كل سوداني أن يقبل بروح المبادرة، وعلى الشعب السوداني أن يتذكر دائماً ماحدث للشعوب العربية التي أنهكتها الحروب بعدم التوافق .
عدم حياد
فيما قال الأكاديمي والباحث د. عبد الناصر علي الفكي لـ(اليوم التالي) إن المبادرة ولدت ميتة، وأرجع حديثه إلى أسباب أبرزها أنها لم تكن محايدة، بمعنى أن الوضع السياسي هناك قوى تغيير ثوري؛ تتكون من الحرية والتغيير المجلس المركزي ولجان المقاومة وقوى التغيير الجذري وتجمع المهنيين، وهي رافضة لانقلاب 25 اكتوبر وهناك قوى مساندة للانقلاب العسكري في اكتوبر .
مشيراً إلى أنها أتت من قوى اعتصام القصر، وهي كانت مؤيدة للانقلاب، وهناك قوى النظام السابق والأحزاب المتحالفة معه، ولهذا عند طرح أي مبادرة بالضرورة أن تصنيف مؤيدي الانقلاب والرافضين يتضح الموقف العام منها، وأضاف.. لذلك ظهور مبارك الفاضل وعبد الرحمن المهدي و الكثير من مؤيدي النظام السابق ضمن مبادرة الشيخ الجد لم يجد القبول من قوى الثورة الحقيقية باعتبارها تدافع عن مصالح مجموعات قام ضدها تغيير ثوري في ديسمبر 2019م. وزاد “المبادرة أيضاً لم تجد الدعم والمساندة الكافية لإنجاحها من الترويكا ودول المحور الإقليمي الإمارات ومصر والسعودية وهي المهتمة بالشأن السوداني” لافتاً إلى أن المبادرة ظهرت أيضا كأنها تعبر عن القوى التقليدية الدينية الصوفية في مقابل قوى المجتمع المدني السياسي والمهني والمطالبي.. وهو ما يساهم في عدم شموليتها وعمومية الحل الوطني لديها، ولم تخاطب كافة شرائح المجتمع السوداني، وتابع.. “يتضح دعم كامل سلطة الانقلاب للمبادرة وهو طرف في الأزمة، ولهذا أبدت التحيز بشكل صريح مما جعل الأطراف الأساسية في الأزمة السودانية تكون بعيدة عنها “.
ويقول الفكي إن الأزمة تتحرك نحو المربع الأول قُبيل ثورة ديسمبر 2018م، وأضاف “المبادرة ظهرت مصنوعة ولن تسهم في مستقبل السودان”.
ضغوط دولية
من جهته قال الباحث والمحلل السياسي والمختص في التنمية والحكم الرشيد د.محمد عمر فيصل، إن البلاد تمر بمرحلة حرجة من تاريخه بعد انسحاب الجيش عن الحوار ورغبته في تسليم السلطة التنفيذية كاملة للمدنيين بشرط اتفاقهم على حكومة انتقالية مدنية، وهو ما أطلق سيلاً من التحالفات السياسية والاتهامات المتبادلة، وأدخل الوساطات الدولية في حيرة من أمرها، وأشار إلى أن خطاب (البرهان) في الرابع من يوليو حمل بادرة تحدث لأول مرة في تاريخ السودان، وأنه كان من الأولى التمهيد للخطوة والتفاهم مع جميع أطراف المصلحة حولها.
وتابع فيصل “ومع وجود عشرات المبادرات لحل أزمة الحكم الانتقالي في السودان نجد أن مبادرة الشيخ الطيب الجد التي اندمجت فيها مبادرات أبرزها مبادرة الميرغني تعتبر الأكثر حظاً لأنها نالت قبول العسكر، وكذلك موافقة معظم القوى السياسية السودانية خارج قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي ومجموعة الحزب الشيوعي”، وأضاف : أي أن تلك المبادرة لتنال النجاح مطلوب منها التفاهم مع قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي بشكل أساسي إذ أن الحزب الشيوعي الذي يبحث عن طريقة لبناء سودان جديد على أنقاض الجيش والخدمة المدنية يصعب الحصول على موافقته على أية حل سياسي، وزاد “حتى إن فشلت مبادرة الشيخ الطيب الجد فإن الضغوط الدولية كفيلة بحمل القوى السياسية السودانية على التوافق على حكومة انتقالية مدنية تفضي إلى انتخابات نزيهة وشفافة في غضون عام أو عامين”.