قطاع الألبان.. إلى أين؟

تقرير ـ محجوب عيسى

يشهد قطاع الألبان في البلاد تراجعاً مستمراً في الإنتاج وتصاعداً مطرداً في أسعار الحليب، حيث سجلت أسعاره ارتفاعاً جديداً، وقفز سعر رطل الحليب من 200 إلى 300 جنيه في أحياء الخرطوم، الأمر الذي قاد بعض المواطنين لتقليل كمية الاستهلاك ومقاطعته من آخرين، وفي الوقت ذاته رسمت غرفة منتجي الألبان في اتحاد غرف الزراعة والإنتاج؛ صورة غير واضحة ومصيراً غامضاً ورؤية قاتمة تواجه عملية إنتاج الألبان في البلاد، بسبب تعقيدات ومشاكل ظل يشهدها القطاع، أبرزها ارتفاع مدخلات الإنتاج “البرسيم والعلف الأخضر والمركز” بجانب نفوق العجول حديثة الولادة، وعدم توفير لقاحات تطعيم الماشية، ورهنت الغرفة خروج القطاع من الانهيار بتدخل الدولة وتوفير مدخلات الإنتاج، بالإضافة إلى تفعيل دور وزارتي الزراعة والثروة الحيوانية لدعم القطاع ورعايته، وفي الوقت ذاته أكد اقتصاديون أهمية القطاع الاقتصادي ودوره في تحقيق الأمن الغذائي الداخلي وزيادة الصادرات والناتج الإجمالي المحلي، وذلك بتطبيق القيمة المضافة على صناعة مشتقات الألبان.

ارتفاع الأسعار
سجلت أسعار الألبان الحليب، ارتفاعاً غير مسبوق حيث قفز سعر رطل اللبن “الحليب” من 200 الى 300 جنيه، وحسب أصحاب محال تجارية، أنه يعاني كساداً منذ إعلان التسعيرة الجديدة، ويقول صاحب بقالة، يعقوب محمد.. إن ارتفاع سعر الحليب وجد رفضاً من قبل المستهلكين، لجهة أن البعض قلل كمية الاستهلاك، فيما أعلن البعض مقاطعتهم له، واستعانوا باللبن المجفف (البدرة)، ولم يستبعد يعقوب في حديثه لـ(اليوم التالي) استمرار زيادة أسعار الألبان في الفترة القادمة، وفي السياق ذاته.. حدثنا المواطن عمر فضل الله قائلاً.. في السابق كنت أشتري 4 أرطال لأسرتي المكونة من 7 أفراد يومياً بـ 800 جنيه، بينما اليوم أضطر إلى تخصيص أكثر من ألف جنيه لشراء الكمية ذاتها او تقليلها، مشيراً إلى أن الألبان من السلع الضرورية، خاصة الأطفال وكبار السن.

تحديات وانهيار القطاع
وفي الاتجاه ذاته.. كشف رئيس غرفة منتجي الألبان باتحاد غرف الزراعة والإنتاج الحيواني محمد عثمان كردي في تصريح لـ(اليوم التالي) عن وجود ندرة وضعف بجانب انخفاض حاد في حجم إنتاج الألبان من 700 طن في اليوم في العام 2017 الى 120 طناًِ في اليوم حوالي 17% في العام الحالي 2022 مما أدى لشح الألبان بالولاية وإلى الارتفاع الكبير في أسعاره، وأرجع كردي انخفاض نسبة إنتاج الألبان إلى قلة الاستهلاك وتقصير في تغذية أبقار الألبان ونفوق المواليد من العجول حديثة الولادة وعدم توفر اللقاحات، مما أدى إلى التناقص المريع في أعداد الأبقار وتراجع إنتاج البقرة من الحليب من 20 إلى 10 لترات في اليوم، بالإضافة إلى عدم استقرار وارتفاع أسعار الأعلاف، حيث بلغ سعر اردب الذرة 65 ألف جنيه، بجانب توقف مصانع الأعلاف لزيادة أسعارها، وبحسب كردي.. إن ارتفاع قيمة تكلفة مدخلات الإنتاج وتصاعد سعر إنتاج العلف المركز إلى أكثر من 160 ألف جنيه، وفتح باب تصدير الذرة والبرسيم والردة دون النظر لحوجة الحيوان في الداخل لتلك المدخلات، الأمر الذي أدى إلى زيادة تكلفة الإنتاج، وانعكس سلباً على أسعار الألبان والتي أصبحت فوق طاقة المستهلك، وأشار إلى أثر
زيادة أسعار الوقود مؤخراً في الإنتاج؛ علاوة على وقف وصول الألبان إلى العاصمة في فصل الخريف، وإغلاق الطرق جراء الأمطار التي حالت دون وصول المنتجين إلى مناطق الإنتاج، لجهة أن 60% من الألبان تأتي من خارج ولاية الخرطوم؛ فضلاً عن سياسات الدولة المغلوطة، وأضاف.. كل ذلك قاد لتدهور القطاع.

تطوير القطاع
وحول تطوير القطاع رهن رئيس غرفة الألبان ذلك لاهتمام الدولة بالثروة الحيوانية ودعمها للمنتجين للنهوض بالقطاع من وضعه الحرج، وشدد على ضرورة توفير لقاحات العجول لا سيما فاكسين مرض ابو لسان؛ الذي حذر منه، وقال إنه مرض خطير ومدمر اقتصادياً، مبيناً أنه يصيب الأبقار خلال فصل الشتاء ويعمل على قتل العجول الصغيرة ويقلل من نسبة إنتاج الأبقار، حيث تصل نسبة الإنتاج حوالي 40%، وطالب بتحسين بيئة الأبقار على غرار تحسين الأبقار بغية عملية إحلال العجول الصغيرة، وتنظيم القطاع حتى يساهم في الاقتصاد القومي، وأضاف.. كافة مقومات تطوير قطاع الألبان موجودة عدا الإنسان الذي يخطط وينظم ويدير، ونوه إلى أن مساهة القطاع في الناتج القومي بنسة 0%، وذكر أن توفير مدخلات إنتاج الأعلاف، ووقف صادر الذرة والردة والبرسيم، وتفعيل دور وزارتي الزراعة والثروة الحيوانية لدعم القطاع من عوامل تطوير القطاع، وبحسب رئيس غرفة منتجي الألبان فإن اللجوء إلى حليب البدرة بدلاً عن الحليب المحلي؛ محاربة للمنتج المحلي ويضر بالقطاع، ونوه إلى أن قطاع الألبان ذاهب إلى الزوال وفي الوقت ذاته حذر من خروج المنتجين الصغار وبقاء الشركات الكبيرة التي لا يستطيع المواطن أن يتعامل معها نتيجة لتصنيعها الألبان.
قطاع مهم
وطبقاً للمحلل الاقتصادي مزمل الضي فإن قطاع الألبان من القطاعات المهمة التي تساهم في الاقتصاد الكلي، ويقود لتحقيق الأمن الغذائي الداخلي وزيادة الصادرات والناتج الإجمالي المحلي، وذلك عبر القيمة المضافة على صناعة مشتقات الألبان بمختلف أنواعها، وطالب الضي في حديثه لـ(اليوم التالي) بضرورة تحسين نسل الأبقار لزيادة إنتاج الألبان ومشتقاتها بمختلف أنواعها للوصول للاكتفاء الذاتي وتصدير الفائض، بغرض زيادة الناتج المحلي الإجمالي للدولة، واستشهد بدولة هولندا التي تمتلك 2مليون رأس من الثروة الحيوانية قال إنها عبر إدارة القيمة المضافة استطاعت تحقيق اكتفاء ذاتي وفائض في الميزان التجاري، وأضاف أن السودان قادر على ذلك بتطبيق إدارة جيدة رشيدة على الثروة الحيوانية التي تقدر بأكثر من 7 ملايين رأس من الماشية.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب