رسوم العبور.. بين تحديات السلامة و سداد المديونيات

 

الخرطوم : أمين محمد الأمين

انتقد عدد من المهتمين بالشأن الاقتصادي مقترح زيادة تعريفة رسوم العبور بنسبة 600%، واعتبروا التصريح استفزازاً للمواطن الذي يطحنه غلاء الأسعار والتضخم، مؤكدين أن هذه القرارات إذا نفذت سيكون ضررها على الاقتصاد أكبر؛ من ناحية المزيد من ارتفاع تكاليف النقل، فيما اعتبر آخرون أن زيادة رسوم استخدام طرق المرور السريع أمر طبيعي، لكنهم طالبوا أن تتم الزيادة بطريقة متدرجة في بداية العام الجديد، وقالوا إن الأثر الناتج عن رفع رسوم العبور لا يعدو كونه انعكاساً للتراكمات التي أثقلت حياة المواطن وأقعدت عجلة الإنتاج.

مقترح الزيادة
وكانت الهيئة القومية للطرق والجسور قد كشفت عن تقديم مقترح لزيادة تعريفة رسوم العبور بنسبة 600% لضمان توفير احتياجات أعمال الصيانة لسلامة الحركة المرورية، بجانب سداد المديونيات وتيسير دولاب العمل، ولفت الهيئة إلى الإيواء باحتياجات العاملين بالهيئة القومية للطرق والجسور، وأشارت الهيئة إلى وجود شكاوى عن تردي الطرق القومية، وأرجعت ذلك إلى قلة أعمال الصيانة المعتمدة على الموارد المالية المتحصلة من رسوم العبور، واعتبرتها لاتفي بأغراض الصيانة بجانب أعمال التأهيل للطرق القومية، وعزت ذلك للزيادات الكبيرة في الأسعار، لافتة إلى أسعار المحروقات والأسفلت المعتمد عليها في أعمال الصيانة والتأهيل التي يصرف عليها.

طريقة متدرجة
واعتبر الباحث المحلل الاقتصادي دكتور، فاتح عثمان، أن زيادة رسوم استخدام طرق المرور السريع أمر طبيعي، لكن يجب أن تتم الزيادة بطريقة
متدرجة وفي بداية العام الجديد، وبرر ذلك لكي لا تتزامن مع زيادة الدولار الجمركي والكساد الكبير الحالي، وقال في حديثه ل”اليوم التالي” إن الآثار السلبية لأي زيادة ضخمة تقع كلياً على تكلفة النقل، موضحاً أن ذلك يعني زيادة خسائر قطاعي الصناعة والمستوردين، مبيناً أن صادرات السودان ستتأثر سلباً بزيادة التكلفة، ولافتاً إلى أن الزيادة إذا كانت معقولة ومتدرجة فستمر، ولن يشعر المواطن بأي آثار سلبية لها، طالباً من إدارة الطرق والكباري فعل ذلك.

ضغوط تضخمية
وفي الأثناء قال عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي، كمال كرار، إن هذه التصريحات تستفز المواطن الذي يطحنه غلاء الأسعار والتضخم، مضيفاً أنهم يتوعدون المواطن بالمزيد من الجبايات، مشيراً إلى أن البنية التحتية، بما في ذلك الطرق والجسور متهالكة حتى قبل انفلات التضخم برغم الرسوم العالية، ويرى أنه من الطبيعي أن تكون موازنة الهيئة من الميزانية العامة لا من جيوب الناس، إلا أنه عاد وقال: لكن الأولوية الآن لتمويل وسائل القمع والإرهاب، وأكد بأن هذا النوع من القرارات إذا نفذت سيكون ضررها على الاقتصاد أكبر من ناحية المزيد من ارتفاع تكاليف النقل سواء للأفراد أو المنتجات، قاطعا أن ذلك يؤدي بدوره إلى زيادة الأسعار والمزيد من الضغوط التضخمية.
المادة انعكاس تراكمات
وفي السياق.. ذاته أكد الباحث والأكاديمي د. محمد عثمان عوض الله، أنه يتفهم هذه الخطوة قبل الدخول في تفاصيل حساباتها الدقيقة، وأبدى ثقته في عمل المؤسسات المهنية البحتة، و في مهنية العاملين عليها، وقال في حديثه ل”اليوم التالي” إنهم مواطنون مثلنا، وقعوا ضحية للتشاكسات السياسية التي لوثت بيئة العمل، وأنفقت أموال الدولة في غير أولولياتها الصحيحة، وعطلت التدريب، وغيره، مضيفاً أن كل دول العالم تعمل بنظام رسوم العبور في الطرق، وأوضح بأن المواطن يتأثر بالدرجة الأولى من عدم الاستقرار السياسي ثم الاقتصادي، وتابع: أما الأثر الناتج عن رفع رسوم العبور في طريق ما، لا يعدو كونه انعكاساً للتراكمات التي أثقلت حياة المواطن وأقعدت بعجلة الإنتاج ، لافتاً إلى أن الاقتصاد السوداني يحتاج لمعالجة شاملة، تبدأ بالقضايا الرئيسة الكبيرة.

سلامة المواطن
ويرى الناشط المجتمعي والمهتم بالشأن الاقتصادي والسياسي، مالك عابدين، أنها خطوة مهمة في مجال الطرق السريعة، معتبراً أنها نهضة نحو تحقيق النجاحات التي ترمي نحو التقدم والازدهار في مجال البنية التحتية، إضافة إلى التطور نحو الأفضل في مجال الطرق والمواصلات، وقال في حديثه ل”اليوم التالي” إن المواطن دائماً يتوق إلى التحسين و المواكبة ليضمن سلامة المواطن من الحوادث التي تحدث دائماً في الطرقات السريعة و الداخلية داخل وخارج المدن.

صيانة دورية
ويضيف بأن وزارة الطرق من الوزارات التي ترفد خزينة المالية دائماً، وأوضح بأن وزارة المالية كان ينبغي أن تخصص حصة تكلفة الصيانة الدورية دون الحوجة إلى إثارة مثل هكذا تصريحات في الصحف والوسائل الأخرى، وتابع: كان من الممكن أن يتم الأمر بكل سرية بين وزارة المالية ووزارة الطرق ومعالجة الأمر بينهم.

مواصفات عالية
ويلفت عابدين النظر إلى أن المواطن عندما يشعر بأن هناك طرقاً جيدة وبمواصفات عالية الكفاءة والتنفيذ، وقتها يمكن لوزارة الطرق والجسور الحديث عن الزيادات، وزاد: حينها يمكن للمواطن أن يتقبل أي زيادة بصدر رحب، وقال إن الطرق الجيدة شيئٌ أساسي للنهضة والتطور في أي دولة، مضيفاً.. أنها تكون آمنة بالمراقبة اللصيقة ومعرفة ما إذا كان هناك خلل ما ومعالجته بسرعة، إلى جانب تأمينها من الظواهر السالبة التي نراها في شتى مدن الوطن الحبيب، كما أشار إلى أن تحسين الطرق بكفاءة يسهل عمل التبادل التجاري و زيادة الإنتاج.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب