الزي الجامعي.. حرية شخصية أم لوائح أكاديمية؟

التعليم العالي: ليس هناك أي قانون من الوزارة يتعلق بلوائح الجامعات والكليات
نائب مدير كلية مدني: الكلية مستهدفة ولا ضد لنا مع النقاب أو الحجاب
مبادرة لا لقهر النساء: ما حدث يعيد سلوك النظام العام بأيدلوجيا جديدة
مفوضية حقوق الإنسان: لا يوجد أساس يجعلنا نتحدث عن نمط معين من اللبس

أصبحت الانتهاكات المتعلقة بالحريات الفردية متطورة في كل يوم حيث تجاوزت الانتهاكات الشارع العام وتخطت الأسوار إلى داخل الجامعات والكليات في أسوأ صورها، فما أن تهتم الجامعات والكليات بالمظهر دون الجوهر وتتشد في ارتداء زي محدد يؤكد معه القرينة الماثلة أن سبب التشدد هو ليس للانضباط، وإنما لمحاولة تسويق ذلك الزي وإلزام الطلاب به فهو أضحى مشروعاً للتسوق والربح أكثر من أنه التزام وانضباط، حيث لا يمكن أن تمنع طالباً أو طالبة من دخول الجامعة أو الكلية لكونه لم يلتزم باللبس المحدد، فأين هي الفائدة التي تعود على الطالب إذا التزم باللباس المحدد من عدمه، وما حدث في كلية مدني الطبية خلال الأيام الماضية أمر مؤسف حيث تجاوزت الكلية كل القوانين والأعراف الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، بل تجاوزت اللوائح والقوانين وتدخلت في الحرية الشخصية وانتهكت حقوق المرأة والتمييز على أساس الزي..
تحقيق: النذير دفع الله
ملفي أو عبايتي
شهدت مواقع التواصل مؤخراً حملة تضامنية مع طالبات كلية ود مدني للعلوم الطبية حيث منعت إحدى الطالبات من الدخول بالنقاب والعباءة مشترطة على الطالبات ارتداء زي موحد ليتمكنوا من دخولها.
وبحسب مقطع فيديو متداول كان المتحدث فيه عميد شؤون الطلاب بروف عبدالرحيم بلال قال فيه: “الداير يقرأ معانا يلبس الزي دا، تاني ما في عباية بتدخل من الباب دا إطلاقا متزوجة أو غير متزوجة”.
ورفضت الطالبات حديث البروف مؤكدات أنهن في بلد مسلم وهناك شيء اسمه النقاب، ولكنه زجرهن بمساعدة رجال الشرطة، الأمر الذي دعا الطلاب إطلاق هاشتاق (يا ملفي أو عبايتي)
انتهاك صارخ
السكرتير العام لمبادرة لا لقهر النساء تهاني عباس قالت لـ(اليوم التالي) إن ما حدث في كلية مدني للعلوم الطبية هو ليس المرة الأولى التي تتعرض فيها طلبات محجبات أو منقبات كتمييز على أساس الزي فقد حدثت حادثة في العام 2017م بجامعة مأمون حميدة حيث تم منع بعض الطالبات من ارتداء الحجاب بناء على واقعة تنظيم داعش والهجرة والتكفير وأضافت أن ما يحدث هو تمييز على أساس الزي وحد من الحريات الشخصية وانتهاك وتمييز ضد النوع المجتمعي.
وأشارت تهاني أن لكل شخص أن يرتدي ما يراه مناسباً من زي فحتى أنصار السنة يرتدون زياً محدداً ولا أحد يتحدث معهم في ذلك، ولكن عندما يتعلق الأمر بالمرأة فإن الحديث يؤدي إلى انتهاك حقوقها، وشددت على أن الواقعة في ممارستها تعتبر هي أيضاً (نظام عام) الذي يمنع ارتداء البنطلون وغيره من الأزياء التي وضعت لها قوانين، ولكن هذا نظام عام بأيدلوجيا جديدة فلا فرق في المفاهيم.
وأكدت تهاني أن الأمر يعتبر انتهاكاً وحداً من الممارسة اليومية للبنات وتقييد وليس هناك حق يعطي بانتهاك، وقالت تهاني إن ما حدث في كلية مدني انتهاك للحق الشخصي، وذلك تحت ذرائع ربطها بجرائم غير مقنعة تتعلق بعدم سداد الرسوم وبعض الطلاب غير مستوفين للشروط وإخفاء الهوية وإذا كانت هذه كلية لا تستطيع التحقق من الهوية فهذه مشكلة كان يجب التعامل مع الأمر بأي طريقة أفضل للتحقق من هوية المخالفين وما تم طريقة غير محترمة.
استهداف ممنهج
نائب مدير كلية مدني الطبية غسان عمر عباس قال لـ(اليوم التالي): ليس للكلية ضد مع النقاب أو الحجاب وإن الفيديو المتداول حول الواقعة مبتور وتم تصويره بواسطة الطلاب، الأمر الآخر أن الكلية مستهدفة من عدد من الجهات ويعلم الجميع ذلك سواء في ولاية الخرطوم أو ولاية الجزيرة..
وأضاف غسان: الكلية لديها (يونيفورم) محدد يتعلق بجودة العمل داخل المؤسسة والتزام الطلاب بالزي المحدد وهو عبارة عن (إسكيرت طويل) غير شفاف، بل عبارة عن جينز وقميص أبيض طويل الكم غير مزركش حتى لا يظهر الملابس الداخلية.
وأوضح غسان أن الشخص المتحدث هو عميد شؤون الطلاب، أما المنقبات فهن يرتدين العباءة والقميص من الخارج مما يدل على الالتزام بالزي العام أما مجمل الحديث، لم يتمكن بروف عبدالرحيم بلال من أخذ مساحته الكاملة وحالياً البنات يرتدين العباءة بالقميص ذو الكم الطويل أو (اللاب كوت)، لإعطاء مظهر الكلية، كاشفاً على توقيع الطالب على اللوائح بالجامعة أو الكلية بشكل شخصي مؤكداً أن الكلية لا تمنع ارتداء العباءة والحجاب، ولا نعلم الأسباب التي أدت لنشر الفيديو بهذه الطريقة ..
حوادث غير مألوفة
وقال مصدر من وزارة التعليم العالي لـ(اليوم التالي): وفق للقانون لا يفرض شيء محدد يتعلق باللوائح الداخلية للكليات أو الجامعات مضيفاً أن الضوابط معروفة للجميع حسب القوانين كاشفاً أن مثل هذه الحوادث غير المألوفة تحدث كثيراً خارج الإطار المحدد، ولكن ليس هناك أي سلطة أو قانون يتعلق بالتعليم العالي ووضع اللوائح ضد الكليات والجامعات..
الحريات الفردية
رئيس المفوضية القومية لحقوق الإنسان دكتور رفعت قال لـ(اليوم التالي): ظللنا نتابع منذ فترة بقلق بالغ مسألة اتخاذ بعض الجامعات لتدابير ولوائح داخلية تمنع ارتداء الطلاب والطالبات لأزياء محددة مثل البنطال وبعض الأزياء الأخرى، ومؤخراً ظهر منع النقاب.
وأضاف: في جميع الأحوال يجب التأكيد على مسألتين ليس من حق الجامعات التدخل في حريات الطلاب أو محاولة فرض نمط معين أو مقاومة أنماط من اللباس، الوثيقة الدستورية ما تزال سارية وهي القانون الأسمى في الدولة وهي تعترف بالحقوق وتعترف بالحريات بما في ذلك الحريات الفردية، وأعتقد أن مثل هذه المحاولات تنطلق من منطلقات هي بالأساس تتعارض مع حقوق الإنسان وتتعارض مع طبيعة هذا الوطن المتعدد ومع طبيعة أهله، وأشار رفعت الى أنه لا يوجد ما يبرر هذه اللوائح ولا يوجد أساس يجعلنا نتحدث عن نمط معين من اللباس، يجب أن يرتقي تفكير البعض ويهتموا بما يفيد الوطن وأهله، موضحاً: يجب أن يفهم الجميع أننا في دولة، ويترتب على ذلك أن هنالك قانون موحد يحكمنا جميعاً، وأنه ليس من حق أي شخص أياً كان مركزه أن يضع لوائح تتعارض مع دستور الدولة ومع التزامات الدولة في مجال حقوق الإنسان.
وطالب رفعت الدولة بالتدخل لإيقاف هذه الفوضى غير المبررة حسب قوله.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب