تاور: العقوبات إجراءات غير مؤثرة على المعاملات الخاصة بالأفراد والشركات
عبد القادر محمود: العقوبات لا تحدث تغييراً يتماشى مع مصالح الدول الراعية للتسوية
تماضر الطيب: العقوبات وسيلة ضغط لحماية الاتفاق الإطاري
الخرطوم: محجوب عيسى
بعد رفض الاتفاق الإطاري الذي وقع بين المكون المدني والحرية والتغيير المجلس المركزي وبعض الحركات المسلحة والأحزاب من عدد من القوى السياسية، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية فرض عقوبات على الرافضين للاتفاق الإطاري، ومن يعرقل التحول الديمقراطي في البلاد.
وقد اختلفت آراء متحدثين لـ(اليوم التالي) فالبعض يرى أن الخطوة جاءت لحماية الاتفاق، فيما انتقدها آخرون ويرون أن الأزمة تخص السودانيين، ولا يحق لأي طرف غير سوداني أن يملي شروطاً على أي سوداني، مثلما لا يحق للسودان أن يقوم بذات الفعل تجاه أي من له موقف داخل أمريكا أو دولة أخرى.
مستبعدين فرض الولايات المتحدة عقوبات على تنظيمات رافضة، وقالوا: في حال حدث ذلك لن تؤثر سيما وأنها ضغط على قوى سياسية متماهية مع روح المقاومة الثورية، ولا يمكن أن يحدث تغيير يتماشى مع القيم الغربية ومصالح الدول الراعية للتسوية.
إجراءات غير مؤثرة
انتقد عضو المجلس السيادي السابق القيادي في حزب البعث العربي الاشتراكي، البروفيسور صديق تاور إعلان وزارة الخارجية الأمريكية فرض عقوبات على رافضي الاتفاق الإطاري في البلاد، ومن يعيق التحول الديمقراطي.
ويؤكد أن الأمر إجراءات غير مؤثرة على مستوى المعاملات الخاصة بالأفراد والشركات مثلما كان هو الحال مع نظام المؤتمر الوطني.
وقال تاور لـ(اليوم التالي) إن الفكرة متناقضة مع نفسها، فالولايات المتحدة سواء من موقفها المستقل أو من موقعها ضمن الآلية الرباعية للوساطة، والتي تعلن أنها تحترم خيارات السودانيين لحل أزمتهم وتساعد ولا تفرض عليهم حلولاً خارج إرادتهم.
وفي الوقت ذاته طرح جملة من التساؤلات، فكيف تفرض عقوبات على من يرفض الاتفاق الإطاري وبأي حق؟
وما هي العقوبات وما مداها العقابي والزمني؟ وما مكان هذا السلوك في القانون الدولي؟
ويضيف أن الأزمة سودانية تخص السودانيين، ولا يحق لأي طرف غير سوداني أن يملي شروطاً على أي سوداني أياً كان، مثلما لا يحق للسودان أن يقوم بذات الفعل تجاه أي من له موقف داخل أمريكا أو بلد آخر، وإلا فسيختلط الحابل بالنابل.
ونوه إلى أن الرسائل تذكر العالم بصورة الولايات المتحدة في الماضي البعيد والقريب، في أفريقيا والعالم العربي حتى لو قصد منها الوقوف إلى جانب مصلحة السودانيين، بينما هي محتاجة أن تمحو هذه الصورة بسلوك عملي مغاير لها.
روية غربية
ويقول المحلل السياسي عبد القادر محمود صالح إن الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الفاعلين الإقليميين والدوليين كان لهم دور كبير في دفع المكون العسكري وقحت، نحو التوقيع على الاتفاق الإطاري الذي ينطوي على تسوية سياسية انتقالية تقصي كل ما هو جذري وإسلاموي وتبقى على كل القوى المدنية التي تؤمن بالقيم الغربية ومن ثم المضي نحو تحقيق الاستقرار السياسي وفق الرؤية الغربية وحلفائها في النظام الإقليمي العربي والأفريقي.
واستبعد صالح في حديثه لـ(اليوم التالي) أن تفرض الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات على تنظيمات رافضة مثل لجان المقاومة الذي يشكل حجر الزاوية للثورة السودانية ويتمتع بإدارة أفقية يصعب على أية قوى أن تؤثر عليها أو حرفها عن أهدافها، ولجان المقاومة الثورية لها رصيد من التجربة والتنظيم يمكنها من الاستمرار في فعلها الثوري دون أن تقف أمامها التهديدات والعقوبات.
إلا أنه عاد وقال: ربما تكون هنالك عقوبات أو ضغوط على بعض القوى السياسية المتماهية مع روح المقاومة الثورية، لكن لا يمكن أن يحدث تغييراً بما يتماشى مع هوى القيم الغربية ومصالح الدول الراعية للتسوية.
وتوقع دعم ومساندة الولايات المتحدة الأمريكية للحكومة المرتقبة حتى لو أصبحت تلك الحكومة لاحقاً حكومة استبدادية ومارست جميع أشكال القمع والعنف والتصفية للخصوم السياسيين، لكن في المقابل ليس في مقدرورها إنهاء الثورة السودانية وتركيع لجانها المقاومة وبعض القوى الوطنية.
وبحسب محمود أن المجتمع الدولي لا يهمه سوى مصالحه حتى في ظل نظام سياسي مفارق لمنظومة القيم السياسية والاقتصادية والاجتماعية النيوليبرالية، وتابع: أن الرباعية الدولية بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية يهيئون المشهد السياسي السوداني بما يتفق مع مصالحهم ومصالح حلفائهم في المنطقة، والتهديد بفرض العقوبات على كل من لا يلتزم بالاتفاق الإطاري لا يخلو من النبرة الديكتاتورية والتسلطية التي لا يمكن لنا توقعها من دولة بمستوى الولايات المتحدة الأمريكية التي تحتضن تمثالاً للحرية وتسعى إلى نشر قيم الديمقراطية وقبول الآخر.
وقال: هنالك أطراف عديدة ترفض الاتفاق الإطاري، وإن غيابها أو تغييبها من المشهد السياسي لن يجعل عملية التسوية تستمر كما ينبغي لها وفق الاتفاق الإطاري، بل سيعقد الأوضاع السياسية خاصة وأن أحد أبرز هذه الأطراف الرافضة للاتفاق الإطاري هي لجان المقاومة التي تشكل قوام الثورة السودانية ودون استصحابها في العملية السياسية، فإن كل الذي تم يصبح كالحرث في البحر.
وسيلة ضغط
فيما وصفت أستاذة العلاقات الدولية بمعهد الدراسات الدبلوماسية في جامعة الخرطوم د. تماضر الطيب إعلان العقوبات الأمريكية على الرافضين الاتفاق الإطاري بأنها وسيلة ضغط تعني أن الولايات المتحدة تمضي في حماية الاتفاق الإطاري.
وأوضحت الطيب في حديثها لـ(اليوم التالي) أن العقوبات توضح تمسك أمريكا بضرورة الاستقرار في السودان عبر الاتفاق الإطاري سيما وأنها الراعي والحامي للاتفاق، وأشارت إلى أن الولايات المتحدة تعلم الذين لا يرغبون في الإطار.
وبحسب تماضر أن العقوبات شكل من أشكال الضغط الأمريكي تتم ممارستها على الجهات والكيانات التي تحاول عرقلة خطوات الاستراتيجية الأمريكية.
عقوبات أمريكية
وفي وقت سابق قد أعلن وزير الخارجية الأمريكي توسيع استخدام العقوبات في السودان لحظر دخول أي شخص (مع أسرته) يعوق التحول الديمقراطي أو ينتهك حقوق الإنسان والحريات.
أعلن عن توسيع سياسة تقييد التأشيرة الحالية بموجب القسم 212 (أ) (3) (ج) (أو “3 ج”) من قانون الهجرة والجنسية لتشمل أي مسؤولين سودانيين حاليين أو سابقين أو غيرهم الأفراد الذين يُعتقد أنهم مسؤولون أو متواطئون في تقويض التحول الديمقراطي في السودان..
بما في ذلك من خلال قمع حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وأفراد الأسرة المباشرين لهؤلاء الأشخاص.”
يوسع هذا الإجراء أدوات الوزارة لدعم التحول الديمقراطي في السودان ويعكس عزمنا المستمر على دعم شعب السودان في رغبتهم الواضحة في حكومة مستجيبة ومسؤولة بقيادة مدنية تماماً كما استخدمنا سياسة قيود التأشيرات السابقة الخاصة بنا ضد أولئك الذين قوضوا الحكومة الانتقالية السابقة بقيادة مدنية، فلن نتردد في استخدام سياستنا الموسعة ضد المفسدين في عملية التحول الديمقراطي في السودان.
فلاش باك
ولم تكن تلك العقوبة الأولى ففي مارس الماضي قد فرضت الولايات عقوبات على قوات الاحتياطي المركزي بسبب انتهاكات لحقوق الإنسان، واتهمتها باستخدام القوة المفرطة ضد متظاهرين يحتجون سلمياً على الانقلاب العسكري الذي وقع في 25 أكتوبر 2021.
وقالت وزارة الخزانة الأمريكية في بيان إن قوات الاحتياطي المركزي، كانت في صدارة قوات الأمن التي لجأت إلى الرد العنيف للتعامل مع الاحتجاجات السلمية في الخرطوم.
وتأتي العقوبات في إطار ما يسمى بقانون ماجنيتسكي العالمي والذي يهدف لمعاقبة المتهمين بارتكاب جرائم فساد وانتهاكات لحقوق الإنسان وأعمال مناهضة للديمقراطية حول العالم، وسيتم بموجبها تجميد أي أصول أمريكية لقوات الاحتياطي المركزي ومنع الأمريكيين من التعامل معها.
