تأجيل القضايا الأربع.. هل التفاف على أهداف الثورة؟

الشيوعي: تأجيل القضايا استمرار لحكم العسكر والإفلات من العقاب
المؤتمر السوداني: إرجاء القضايا الأربع من أجل مزيد من النقاشات ومعالجة أي قصور
محلل سياسي: تأجيل القضايا انعكاس لخلافات القوى السياسية
الخواض عبد الفضيل
الاتفاق الذي تم بين قوى الحرية والتغيير اتّفاق مع المكوّن العسكري، يتضمّن جميع الآليات المطلوبة لإنهاء الانقلاب وإقامة سلطة مدنية ديموقراطية استناداً إلى وثيقة نقابة المحامين السودانيين، ويتكوّن الاتفاق، الإطاري، من مرحلتَين، ستتركّز ثانيتهما على تطوير النسخة الأوّلية بمشاركة معنيّين وقوى ثورية، وذلك للبت في أربع من القضايا العالقة وهي: العدالة والعدالة الانتقالية، الإصلاح الأمني والعسكري، اتفاق جوبا للسلام، وتفكيك النظام السابق في غضون شهر، أي بحلول نهاية العام الجاري.
وتشير ديناميات التوصّل إلى الاتفاق الإطاري، إلى قبول أطراف الأزمة الرئيسين حلّاً وسطاً، يؤجّل عملياً المطالب عالية السقف خصوصاً لناحية خروج المكوّن العسكري من المرحلة الانتقالية، ويعيد السودان إلى مسار التطبيع الدولي اقتصادياً وسياسياً بعد انقلاب 25 أكتوبر من العام الماضي إلى أن قوى ثورية رفضت تأجيل الملفات الأربعة في مقدمتها العدالة الانتقالية وتفكيك نظام الإنقاذ واعتبرت أن العدول عن هذه القضايا يعتبر نكوصاً عن مبادئ ثورة ديسمبر.

التفاف على الثورة
يقول القيادي بالحزب الشيوعي الهندي محمد عمر إن تأجيل القضايا الأربع التفاف على أهداف الثورة بما يضمن استمرار العسكر في السلطة وإفلاتهم من العقاب جراء الجرائم الكثيرة التي ارتكبوها في حق الشعب السوداني.
واعتبر الهندي في إفادة لـ(اليوم التالي) أن تأجيل القضايا لتصبح في طي النسيان وأن الآثار المترتبة على ذلك استمرار السياسات الأمنية والاقتصادية السابقة ووجود دولة داخل دولة (دولة العسكر ذات النفوذ الأمني والاقتصادي) واستمرار الحروب نتيجة لعدم حسم ملف العدالة والعدالة الانتقالية.
وأوضخ أن إرجاء قضية التمكين تعني استمرار الموالين للنظام السابق غير المؤهلين في مواقعهم داخل كل مفاصل العمل بالدولة ليواصلوا مسلسل تخريبهم في الخدمة المدنية ومن ناحية أخرى لن ترجع الثروات التي نهبوها خلال فترة حكمهم منذ انقلاب 1989.
قضايا شائكة
فيما يرى المحلل والباحث السياسي محمد محي الدين في حديثه لـ(اليوم التالي) أن تأجيل القضايا الخمس في الاتفاق الإطاري الهدف من ذلك لأنها قضايا حولها خلاف كبير ومن الواضح أن الحرية والتغيير المجلس المركزي كانت تستعجل ومن خلفها الداعمين توقيع الاتفاق الإطاري لذلك تم إرجاع هذه القضايا إلى مرحلة قادمة خاصة وأنها قضايا شائكة ويصعب فيها الوصول إلى اتفاق لوجود تعقيدات بها.
وشرح أن مسألة المسارات وخاصة قضية شرق السودان تأخذ أكثر من بُعد، الأول فيها الخلافات بين موقعي المسار ورافضيه والخلافات داخل حركات الكفاح المسلح بشأن القبول أو إلغاء المسار أو تعديله بالإضافة الى بقية الخلافات.
ولفت إلى أن الخلاف حول القضايا يمكن أن يكون أحد العقبات الكبيرة التي قد تعيق الوصول الى اتفاق شامل أو الموافقة على الإطار الدستوري الذي يحكم الفترة الانتقالية لأن هذه القضايا مهمة مثل إصلاح المؤسسة العسكرية.
وأضاف: سمعنا بشارات مهمة من رئيس مجلس السيادة تصب في أن التدخل في الجيش ممنوع للقوى المدنية وأن الجيش سيلتزم بأن يعمل تحت الحكومة المدنية بعد الانتخابات هذه كانت إشارة واضحة من البرهان.
التأجيل مقصود
ومن جهته قال الخبير والمحلل السياسي محجوب عثمان لـ(اليوم التالي) إن القضايا التي تم تأجيل التفاوض حولها هي لب الخلاف بين العسكر وقوى الحرية والتغيير المجلس المركزي وهي أيضاً تمثل أس الخلاف بين الطرفين وبين ما تمت تسميتهم بأصحاب المصلحة مثل لجان المقاومة وأسر الشهداء في قضية العدالة الانتقالية وأهل شرق السودان وحركات دارفور والحركة الشعبية شمال بقيادة مالك عقار والأخرى تحت قيادة ياسر عرمان وتابع: بخصوص اتفاقية جوبا للسلام، بينما هيكلة القوات النظامية وتوحيدها ودمج الحركات الموقعة على اتفاقية جوبا للسلام ومحاولة ضم حركتي الحلو وعبد الواحد محمد نور يتطلب تفاوض مع تلك الحركات الموقعة وغير الموقعة مع موافقة المؤسسة العسكرية على أي إجراء حول هذا الأمر ويشمل ذلك المؤسسات المعنية بالإشراف على المؤسسة العسكرية وقال: مثل ذلك عن لجنة تفكيك التمكين التي تحتاج لإجراء مشاورات واسعة بشأنها لأن الأسلوب السابق جعلها فوق القانون وجعلها تتسبب في خسائر اقتصادية ضخمة جداً للبلاد وللشعب.
ويرى تأجيل البت في هذه القضايا كان مقصوداً بغرض تحقيق تشاور واسع حولها للوصول إلى صيغة توافقية بشأنها مع أصحاب المصلحة والقوى السياسية السودانية وبالتأكيد بموافقة العسكر، وأردف: إذا تمت المشاورات بحكمة وأنتجت تسوية توافقية حول تلك القضايا الخلافية الأربع سيمضي السودان قدماً نحو تشكيل حكومة انتقالية بقيادة مدنية تقود إلى انتخابات نزيهة وشفافة تمهد الطريق إلى حكومة منتخبة.
ومضى محجوب قائلاً: أما إن تم تجاهل أصحاب المصلحة وتم إنشاء حكومة انتقالية من دون مراعاة حقوق هؤلاء ومطالبهم المشروعة فسيمضي السودان إلى الهاوية إذ سيسود عندها عدم الاستقرار وربما مزيد من الحروبات الأهلية أو الانقلابات العسكرية.
معالجة قصور
وبحسب (السودان نيوز) نفى القيادي بحزب الموتمر السوداني وعضو اللجنة المركزية للحرية المهندس خالد عمر يوسف أن يكون التحالف قد استبعد القضايا الأربع من توقيع الاتفاق الإطاري وهي: (العدالة والعدالة الانتقالية، وإصلاح الأجهزة الأمنية والنظامية، وإزالة تمكين نظام الثلاثين من يونيو 1989م، واتفاق سلام جوبا).
وأكد أنه تم إرجاء هذه القضايا وليس استبعادها من أجل مزيد من النقاشات حولها لمعالجة أي قصور محتمل في التفاصيل المتعلقة بها، ومن أجل حشد المشاركة الشعبية الواسعة فيها.

أمهات قضايا
من ناحيته قال أمين الثقافة والإعلام بالمؤتمر الشعبي الموقع على الاتفاق الإطاري عوض فلسطيني لـ(اليوم التالي) إن القضايا الرئيسية التي تم تأجيلها تحتاج لمزيد من التفاصيل في مقدمتها العدالة الانتقالية وهذه تحتاج لمشاركة أصحاب المصلحة وأسر الشهداء والذين تضرروا من انتهاكات حقوق الإنسان في فترات ماضية وهذه فيها نماذج كثيرة في دول العالم، وهي بمثابة مصالحة فلا بد أن تؤخر ليتم حولها إجماع وتابع: ثانياً الإصلاح الأمني والعسكري وكذلك يتعلق ذلك بترتيبات اتفاق السلام الشامل وهي من أمهات القضايا التي تحتاج نقاشها بهدوء للخروج بجيش واحد مهني وقومي وفق ترتيبات أمنية متفق عليها وتابع: أما اتفاق جوبا بعلاته عليه ملاحظات فيما جرى من محاور وغيرها وهو استحقاق مطلوب أن يقود البلاد إلى سلام دائم، فالأمر متروك للذين وقعوا على هذا الاتفاق لتتم المراجعة اللازمة والماضي قدماً إلى الانتخابات. وأردف: القضية الرابعة والأخيرة هي تفكيك نظام 30 يونيو وهذه قضية شائكة لأن الفترة التي شابها الكثير من اللغط ولم يتم التعامل مع الملف بطريقة قانونية تحفظ كامل الحقوق وترد المسلوبة منها، وكانت التعامل من زاوية سياسية ما أدخل القضية جملة في متاهات، بل ما تم استرجاعه خضع لمراجعات جعلت القضية محل جدل كبير وبالتالي لا بد أن يتم الترتيب القانوني اللازم من أجل استعادة الحقوق المنهوبة، وقال فلسطيني: في اعتقادي أن تأخير هذه القضايا وتناولها في وسط إجماع للقوى السياسية التي وقعت على الاتفاق السياسي الإطاري وكل الأجسام الثورية ومناقشة الأمر باستفاضة يجعل أهداف الثورة محققة بإجماع من أجل الانتقال إلى مرحلة الانتخابات والتي يكون القول الفصل فيها للشعب.
قلب الثورة
وبدوره قال المسؤول السياسي المكلف بالحزب الوحدوي الديمقراطي الناصري عبد الناصر علي الفكي لـ(اليوم التالي) إن الاتفاق السياسي الإطاري كان يحتاج إلى مزيد من الوقت لكي يتم النقاش مع القوي الثورية الحقيقية الموجودة في شارع النضال الثوري السلمي بدلاً عن الاتجاه إلى قوى سياسية لديها رأي حول الثورة وبحكم علاقاتها السابقة مع نظام المخلوع مثل أنصار السنه والمؤتمر الشعبي والاتحادي الديمقراطي تابع: وهذا التسارع نحو عمل اتفاق إطاري كما خرج ناقص ومحدود من القوى الثورية التي كان من الممكن تكون صمام أمان وصد، من أجل تحقيق أهداف ثورة ديسمبر المجيدة.
وتابع: إن القضايا الأربع العدالة والعدالة الانتقالية أهمها، ليس من المنطقي تجاوز العدالة والقصاص لحوالي ١٢٠ شهيد وهم حق عام بناء موقف من أجل المدنية وضد الانقلاب العسكري وما يطرح على أنها حق خاص بالأسرة أمر غير حقيقي، فالشهداء فداء من الوطن وهم قضايا وطن واستحقاق لأي حل سياسي يحل بالعدالة والقصاص زاد: إن لجنة إزالة التمكين لا تحتاج لنقاش وحوار ويجب أن تعاود عملها من شروط أي اتفاق، ولا تكون محل موازنات وتسويات خاصة بعد أن عمل الانقلاب على إلغاء قراراتها وإرجاع كل عناصر النظام المخلوع وإلغاء لجان التسيير للنقابات المهنية والفئوية، وأردف: وأيضاً السلام والأمن الاجتماعي يحتاج إلى مراجعة اتفاقية سلام سودان جوبا وتوسيعها بحيث تشمل الحركة الشعبية سلام وحركة تحرير السودان الرفيق عبد الواحد محمد نور.
وعن دمج القوات المسلحة في الجيش المهني الواحد الذي يعبر عن الدولة السودانية اعتقد عبد الناصر أن تلك القضايا لب وقلب الثورة السودانية وتعبير عن شعارها حرية سلام عدالة ومضى الى أن الانقلابيين يحاولون كسب مزيد من الوقت في التهرب من جريمة الانقلاب في ٢٥ أكتوبر من العام الماضي على الفترة الانتقالية والثورة الآن القوى الثورية رفضت الاتفاق الإطاري لجان مقاومة وأحزاب الشيوعي والناصري والبعث الأصل وحشد الوحدوي والمؤتمر العام الاتحادي الديمقراطي وتجمع المهنيين وغيرها من المجموعات المدنية والسياسية طيف واسع يرفض هذا الاتفاق ويرى بضرورة إسقاط ذلك وأنه أوجد مخرجاً للبرهان وحميدتي أمام ما تم من ردة ونكوص تجاه الدولة المدنية، وكل جرائم الإنسانية والقتل والجرحى والمصابين مشدداً على أن القضايا الأربع يجب أن تكون مضمنة في الوثيقة الدستورية لتسييرية المحامين وتكون دليل لأي اتفاق ولكن المجلس المركزي لم يناقش حتى آراء مكوناته حول القضايا والتي علق عليها الانقلابيون باللون الأحمر حتى هذه اللحظة، بل وأصبح البعض يقول عنها إنها مسودة غير ملزمة. عموماً الاتفاق الإطاري عقد المشهد أكثر وشتت قوى الثورة الحقيقية.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب