الخرطوم – أبو الكنزة
محمد.. شاب لم تصل سنين عمره الغض ثلاثين عاماً، يقف بجوار “تكتك” أزرق اللون مغطى بمشمع ممزق الجوانب وبداخله مقعدين متواجهين سعة الواحدة أربعة أفراد، يصيح الشاب محمد بصوت جهور ” خدمات الجمهور – المزاد المزاد “، وسط سوق بحري ليس المكان الوحيد في العاصمة الذي فتح للدباب الصغير الطريق للعمل وسيلة مواصلات، وإنما هناك طرق كثيرة داخل العاصمة اعترفت به رسمياً ضمن مواعين نقل الركاب، تجده نشطاً في الهجرة وأبو روف، وهناك في سوق ليبيا وأحياء غرب أم درمان، وفي شرق النيل، لم يجد “بشير” المعاشي الذي ترك وظيفته قبل أربع سنوات وسيلة دخل سوى “تكتك” ادخره للزمن، لم يجد حرجاً في العمل به، جمع اسطوانات الغاز من زبائنة والذهاب بها على ظهر الدباب وملئها ثم إرجاعها إلى أهلها مقابل مبلغ 500 جنيه؛ عبارة عن قيمة خدمات بعيداً عن ثمن العبوة المقدر ب” 3500″ جنيه سوداني، ولم تكن خدمة تعبئة الغاز هي الوحيدة، إن الرجل السبعيني جاهز لتلبية كل المشاوير..
ويعتبر التكتك “الدباب” المرخص لحمل البضائع وسيلة سفر ناجحة في ولايات السودان والمناطق الريفي، ويعمل هناك حراً، ويمكن أن يصل إلى أي مكان دون قيود أو وعورة الطريق، لأن الوسيلة ذات الثلاث عجلات حققت نجاحاً كبيراً في السفر وتحمل الصعاب، كما أنها قليلة صرف الوقود وصديقة في السفر والترحال..
والتكتك الذي ينشط في خطوط المواصلات ونقل المواطنين داخل مدن العاصمة وفي أحيائها الطرفية، احتفظ في مدينة ود مدني بعمله الأساسي نقل البضائع، تجده هناك دائماً بالقرب من محلات البيع الإجمالي (وتجار السلع مثل السكر، الدقيق، البصل، البسكويت وغيرها، أما في بقية مناطق ولاية الجزيرة تجد التكتك متعدد الأغراض، يعمل في المناطق السكنية مثلما يعمل داخل الحقول والمزارع يحمل الأعلاف – المعاول – الطماطم – الخضروات والبطيخ..
قد يكون “التكتك” بخفته وسرعته قد هزم “الكارو” الناقل الشعبي في سباق حمل البضائع، وأبعده عن طريقه، ولكنه لم يكتف بهذا الانتصار، لأن طموحه بدا أكبر من ذلك، فهو يعمل الآن بخطى ثابتة للتخلص
من الحافلات القديمة التي يطلق عليها الجثث من خطوط المواصلات..
