بانوراما محاربة الفساد.. فضل محمد خير .. محاولات استرداد “تسوية” بمبلغ (50) مليون دولار

اتهام فضل بغسيل الأموال وتمويل الإرهاب والمرابحات الصورية والثراء المشبوه
مصدر: فضل رفع دعاوى للمحكمة العليا لاسترداد مبلغ التسوية السابقة
في وقت سابق من العام 2018م أعلن الرئيس المعزول عمر البشير، الحرب على الفساد في كل مكامنه ومخابئه، دون توقف حتى يتم إيقاف وإنهاء عمليات تهريب الذهب والمضاربة في العملة واحتكار السلع، وعليه شنت السلطات حملة اعتقالات واسعة شملت عدد (16) من كبار رجال الأعمال والعاملين في القطاع المصرفي وشركات، بجانب ثلاثة من ضباط جهاز الأمن، قبل أن تحتجز نحو (4) آخرين في قضايا تتعلق بالاقتصاد.
ودونت السلطات السودانية في العام 2018 وعبر نيابة أمن الدولة جملة من البلاغات في مواجهة (9) متهمين حول قضايا متعلقة بالفساد. وتعهدت النيابة بتوفير كافة الفرص للمتهمين للدفاع عن أنفسهم وفق معايير العدالة الجنائية.
وكان من ضمن المتهمين سابقاً مدير بنك فيصل الإسلامي ورئيس مجلس إدارة شركة التأمين الإسلامية، وعدد من رجال الأعمال المعروفين. فتم إغلاق بعض القضايا وقبل البعض بالتسوية وأقر بفساده، ولكن يبدو أن القطط السمان لم تنقرض وظلت في طور السكون، إذ ليس من الفطنة والحكمة أن تتم إجراءات تسوية قانونية ويصدر النائب العام قراراً تم بموجبه إيقاف الدعوى الجنائية والإجراءات المتعلقة حولها وبعد مرور سنين عدداً يطالب دافع التسوية الدولة مرة أخرى باسترداد مبالغ التسوية.. (اليوم التالي) تحصلت على تفاصيل مطالبة رجل الأعمال فضل محمد خير باستيراد مبلغ خمسين مليون دولار من الحكومة عبر المحكمة العليا..
تحقيق: النذير دفع الله
محكمة خاصة ..
وكان رئيس القضاء السوداني السابق حيدر أحمد دفع الله، أصدر قراراً بتأسيس محكمة جنايات تختص بمكافحة الفساد ومخالفات المال العام. وكشف رئيس اللجنة، رئيس نيابة أمن الدولة السابق بابكر عبد اللطيف، عن حصول لجنة التحريات على مستندات ومتهمين في قضايا فساد نوعية قدمت من الجهات المختصة، وأضاف: “تم بموجبها فتح دعوى جنائية تحت المواد 35 من قانون غسل الأموال و21/26 من القانون الجنائي و5/9 من قانون التعامل بالنقد والمادة 57/ أ من القانون الجنائي (تخريب الاقتصاد القومي) ومواد أخرى من قوانين ذات صلة.

عودة القطط السمان
وفي ذات الأمر شن جهاز الأمن والمخابرات الوطني في العام 2018م حملة شرسة لمكافحة الفساد والمفسدين وسميت وقتها بمحاربة (القطط السمان)، كانت حملة شرسة انتبهت فيها الحكومة وحزب المؤتمر الوطني آنذاك بأن فساد عدد كبير من منسوبيه قد فاحت رائحته وأزكمت الأنوف فكشر جهاز الأمن والمخابرات الوطني عن أنيابه وأشهر مخالبه في وجه القطط السمان التي توارت خوفاً وهلعاً. فكان من بين هذه القطط والمفسدين شخصية مثيرة للجدل، عم فسادها القرى والحضر وذاع صيتها عند الكبير والصغر، وهو نائب رئيس مجلس إدارة بنك الخرطوم سابقاً فضل محمد خير، في قضية لم تكتمل فيها مراحل التقاضي المعروفة حول هذه القضايا، فكانت التسوية والتي تعتبر (كتل النار بصب الزيت)، فلم تخمد نار الفساد بعد مرور أكثر من أربع سنوات عليها .
فالتسوية دفع مقابلها فضل محمد خير مبلغ (خمسون مليون) دولار عداً نقداً وقبِل بالتسوية تماماً ووافق عليها إلا أنه خرج من باب التسوية وجاء عبر شباك الابتزاز واستغلال الصلاحيات داخل بنك الخرطوم ليحفر مرة أخرى في جسد الطيران بدلاً من المصارف .
إيقاف الدعوى..
وكان النائب العام قد أصدر قراراً سابقاً بالرقم (56) في الدعوى الجنائية بالرقم 246/2018م الشاكي فيها جهاز الأمن والمخابرات الوطني والمتهم فيها فضل محمد خير تحت المواد (6) من قانون مكافحة الثراء الحرام والمشبوه لسنة 1989 والمادة 88/1 من القانون الجنائي لسنة 1991م. حيث تتمثل أساس الدعوى عن تقدم جهاز الأمن والمخابرات الوطني المُبلغ في الدعوى الجنائية أعلاه طلب جهاز الأمن إيقاف الدعوى الجنائية بموجب المادة (58) من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م بعد التسوية التي تمت مع المتهم وسداده مبلغ التسوية.
وقال جهاز الأمن والمخابرات الوطني وقتها إن أسباب الطلب المتعلقة بإيقاف الدعوى هو أن المتهم سدد مبلغ التسوية والبالغ قدرها (50) مليون دولار (خمسون مليون دولار) لصالح حكومة السودان وذلك نتيجة المخالفات المتعلقة بالمُرابحات الصورية والتحويلات الخارجية من (بنك الخرطوم) لشركات يساهم فيها المتهم من بنك الخرطوم والأراضي التي يمتلكها المتهم سواء بالتمويل أو الشراء من بنك الخرطوم، تخص المتهم ومسجلة في اسمه وأي اسم من شركاته وإضافة إلى ذلك التهرب الضريبي، ويشير جهاز الأمن في خطابه للنائب العام وقتها عمر محمد أحمد أنه بعد الاطلاع على محضر الدعوى الجنائية ومواد الاتهام التي تمثلت في مخالفة لقوانين الضرائب والمادة (6) من قانون مكافحة الثراء الحرام والمشبوه لسنة 1991م وحصول المتهم على مرابحات صورية لشركاته وتحويلات خارجية من بنك الخرطوم نتيجة معاملات مصرفية وتهرب ضريبي.
ضرر قومي ..
أكد جهاز الأمن في طلبه على أن الاستمرار في الدعوى يضر بسمعة الجهاز المصرفي في البلاد ويؤثر على الاستثمارات الأجنبية وخاصة أن بنك الخرطوم لن معظم المساهمين فيه من الأجانب حيث أن المتهم قام بسداد كل الأموال التي تحصل عليها بطرق غير مشروعة لصالح الدولة واكتملت التحريات وبما أن الجرائم موضوع الدعوى يجوز فيها التصالح بموجب القانون لأنها تتعلق بتهرب ضريبي وثراء مشبوه وعليه رأى النائب العام أن إيقاف الإجراءات يحقق مصلحة عامة، وأوضح النائب العام أنه وعملاً بالسلطات الممنوحة له بموجب نص المادة (58/1) من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م قرر النائب العام إيقاف الدعوى الجنائية بموجب المادة (58/1) في مواجهة المتهم فضل محمد خير، وإخلاء سبيله.
خطاب الأمن
وقال جهاز الأمن والمخابرات الوطني في وقت سابق إن الدعوى الجنائية أعلاه ضد فضل محمد خير مقيدة تحت المواد (57)(أ) من القانون الجنائي لسنة 1990 والمادة (27) من قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب المادة (6) من قانون الثراء الحرام والمشبوه والمواد 5/9 من قانون النقد الأجنبي أكد فيها الجهاز عن إبرام تسوية نهائية وشاملة مع المذكور بتاريخ 25/10/2018م فيما يتعلق بالمرابحات لشركات مساهم فيها المذكور باسمه أو باسم آخرين، بالإضافة لتحويلات خارجية من بنك الخرطوم لحسابات متعددة خارج السودان بما فيها تحويلات مبلغ خمسين مليون دولار من حصيلة عوائد الصادر الى شركة (فلادما إنترناشيونال) بدولة الإمارات العربية والمتحدة لتوريد خام فضلاً عن الأراضي التي تخص المذكور أو مسجلة في اسمه أو باسم أي من الشركات التي يملكها والمشتراه والممولة عن طريق بنك الخرطوم وبحيازته أسهم في شركات بما فيها بنك الخرطوم. وكشف جهاز الأمن وقتها أنه قبِل بالتسوية التي تمت وبالتالي عدم رغبته في مواصلة إجراءات الدعوى الجنائية أعلاه في مواجهة المذكور، وذلك لارتباطها ارتباطاً مباشراً بالنظام المصرفي وعلاقته الخارجية، وكذلك ارتباطها بالاستثمارات الخارجية، وقال للنيابة: نوصي اليكم بأعمال سلطاتكم الواردة في المادة (58) من قانون الإجراءات، حسب نص الخطاب الصادر من جهاز الأمن والمخابرات الوطني للنائب العام.
استرداد التسوية ..
وأكد مصدر لـ(اليوم التالي) أن فضل محمد خير الذي قبِل بالتسوية السابقة واطمأن لها وأعاد بموجبها كل المبالغ محل التسوية يحاول مرة أخرى وعبر المحكمة العليا استرداد المبالغ محل التسوية السابقة والتي تقدر بمبلغ (50) مليون دولار التي تمت بينه وبين جهاز الأمن والمخابرات الوطني.
حيث أكدت المصادر أن فضل قدم عدداً من الدعاوي ضد بنك السودان بمبلغ 10 ملايين دولار وأخرى ضد ديوان الضرائب بمبلغ 30 مليون دولار وضد وزارة المالية حول أسهم أسمنت السلام والمسجل التجاري.
وأكدت المصادر أن الدعاوي حالياً أمام قاضي المحكمة العليا المختص بتنفيذ إلغاء قرارات (لجنة إزالة التمكين)، بينما يظل السؤال قائماً: هل توجد أي علاقة تربط بين قضية فضل محمد خير ولجنة إزالة التمكين، وتفكيك نظام الثلاثين من يونيو علماً بأن الدعاوي ضد المؤسسات المذكورة بدأت في أكتوبر من العام 2022. بينما الدعوى موضوع التسوية هي من العام 246/2018 بينه وجهاز الأمن والمخابرات الوطني فما علاقتها بقرارات لجنة إزالة التمكين؟
حجز الأصول الوهمية ..
فيما أصدر المسجل التجاري الأسبوع الماضي وبناءً على طلب مقدم بواسطة فضل محمد خير أصدر المسجل قراراً بحجز أملاك وأسماء أعمال “تاركو أير ومركز تاركو لصيانة الطائرات وتاركو لخدمات المناولة الأرضية” وهي أسماء عمل مصفاة، مملوكة لشركة “تاركو للحلول المتكاملة” وهذه الشركة أيضاً تمت تصفيتها في العام ٢٠١٨ بموجب قانون العمل لديونها وعدم احتوائها على أصول “وفق المستندات”، ولا توجد هذه الأسماء في كشف أسماء الأعمال أو مسجل عام الشركات وتعتبر تصفية الشركات في القانون بمثابة محو اسم العمل نهائياً من المسجل التجاري.
وقالت شركة تاركو لـ(اليوم التالي) إنه فيما يخص التصرف في أسماء أعمال المصفاة مسبقاً فإن أسماء الأعمال هذه غير مملوكة “لشركة تاركو للحلول المتكاملة المحدودة” ولا يمكن لشركة أن تتصرف في أي شيء لا تملكه أصلاً.
وأوضحت أن سحب امتيازات هذه الشركات مسجلة في المسجل التجاري وليست في وزارة الاستثمار، ولم يتم منحها أي امتيازات أو إعفاءات جمركية، لأن الامتيازات والإعفاءات يتم منحها عبر وزارة الاستثمار فقط.
وأشارت تاركو الى أن مخاطبة الطيران المدني بالحجز على التراخيص والامتيازات الممنوحة لأسماء الأعمال تم تحويلها لشركة تاركو للطيران، فإنه لم يتم تحويل أي امتيازات أو أصول لشركة تاركو للطيران لأن جميع الامتيازات غير موجودة، وهذه الشركة مسجلة لدى المسجل التجاري وليست في وزارة الاستثمار.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب