قرار فصل إدارة الثروة الحيوانية من وزارة الإنتاج والموارد الاقتصادية بالولايات هل يطور القطاع الزراعي؟

أحمد حسن الأمير
معلوم أن القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني يعتبر أحد ركائز الاقتصاد السوداني، حيث يسهم القطاع الزراعي بنسبة 48% من الناتج المحلي الإجمالي، ويوفر فرص عمل لنحو 80% من السودانيين.
بالرغم من مساهمة القطاع الزراعي بهذه النسبة في الاقتصاد السوداني الا أن هذا القطاع الحيوي تواجهه تحديات في الإنتاج والتسويق معظمها تتعلق بالسياسات والقرارات المستعجلة وغير المدروسة من قبل المسؤولين في الدولة سواء كانت سياسات تتعلق بالإنتاج الزراعي أو الإنتاج الحيواني أو السياسات المتعلقة بالتمويل والتسويق في مجال الإنتاج الزراعي والحيواني والرعوي والغابي.
لم يكتف المسؤولين بذلك، بل ذهبوا لإصدار قرارات إدارية فيها نوع من الاستعجال مثل القرار الصادر من الأخ وكيل وزارة الثروة الحيوانية الاتحادي بتاريخ 2022/12/14 المعنون للمدراء العامين لوزارات الإنتاج والموارد الاقتصادية بالولايات لمخاطبة ولاة الولايات بالفصل التام بين وزارة الإنتاج والموارد الاقتصادية بالولايات وإدارة الثروة الحيوانية على أن تتبع إدارات الثروة الحيوانية إدارياً لولاة الولايات، ذلك حسب نص الخطاب الصادر من وكيل وزارة الثروة الحيوانية المكلف.
أعتقد هذا القرار فيه نوع من الاستعجال وعدم التفسير الصحيح لخطاب وزير الحكم الاتحادي الخاص بأوضاع إدارات الثروة الحيوانية بالولايات المذكورة في خطابه بتاريخ 1/12/2022م الذي شمل عدة مقترحات من ضمنها المقترح الخاص بفصل إدارة الثروة الحيوانية من وزارة الإنتاج والموارد الاقتصادية في الولايات على أن تتبع إدارة الثروة الحيوانية إدارياً لوالي الولاية وفنياً لوزارة الثروة الحيوانية الاتحادية وربط السيد وزير الحكم الاتحادي مقترحه بتعديل الاتفاقيات والقوانين مستقبلاً ومناقشة مقترحاته الخاصة بأوضاع إدارة الثروة الحيوانية بالولايات والتي من ضمنها مقترح الفصل في مؤتمر الولاة القادم الذي لم ينعقد بعد.
أعتقد أن نقاط الضعف في خطاب الأخ وكيل وزارة الثروة الحيوانية أن وكيل وزارة الثروة الحيوانية فسر مقترحات وزير الحكم الاتحادي على أنها قرارات وخاطب المدراء العامين لمخاطبة الولاة لتنفيذ قرار الفصل في حين أنها ليست قرارات، بل مقترحات لتوفيق أوضاع إدارات الثروة الحيوانية بالولايات وتنفيذها مرتبط بشرطين أساسيين حسب خطاب الأخ وزير الحكم الاتحادي:
1 / تعديل الاتفاقيات والقوانين مستقبلاً.
2 / طرح ومناقشة مقترحات وزير الحكم الاتحادي والتي من ضمنها (فصل إدارة الثروة الحيوانية من وزارة الإنتاج والموارد الاقتصادية وتبعيتها إدارياً للوالي وفنياً لوزارة الثروة الحيوانية الاتحادية) في مؤتمر الولاة القادم.
من وجهة نظري الشخصية وقد يكون هناك رأي آخر
أرى أن الأخ وكيل وزارة الثروة الحيوانية استعجل في إصدار خطابه الخاص بعملية الفصل، فعملية الفصل مرتبطة بانعقاد مؤتمر الولاة وموافقتهم على مقترحات وزير الحكم الاتحادي الخاصة بأوضاع إدارات الثروة الحيوانية بالولايات أيضاً مرتبطة بتعديل الاتفاقيات والقوانين وحتى صدور الخطاب من الأخ وكيل وزارة الثروة الحيوانية لم ينعقد مؤتمر الولاة ولم تعدل الاتفاقيات والقوانين فهذه نقاط الضعف الموجودة في قرار الأخ وكيل وزارة الثروة الحيوانية والتي ربما تقلل من فرص تنفيذه لأنه غير مكتمل الحلقات الإدارية المرتبطة بتعديل الاتفاقيات والإجازة والموافقة من قبل الولاة لأن اجتماع الولاة المشار إليه في خطاب وزير الحكم الاتحادي لم ينعقد حتى تاريخ صدور خطاب وكيل وزارة الثروة الحيوانية.
هذا القرار ومثله من القرارات الفوقية المستعجلة أتوقع أنها لا تطور القطاع الزراعي بشقيه الحيواني والنباتي، فالقطاع الزراعي في الدول المتقدمة وحتى الدول النامية يعامل كوحدة واحدة (إدارياً وفنياً) باعتبار أنها موارد طبيعية وتنميتها تحتاج لإدارة مشتركةومنهجيات تنموية تحتاج لتكامل وتجانس على مستوى الإدارات وحتى على مستوى الفرق الإرشادية الفنية الميدانية المنفذة للأنشطة كلٌ في مجاله وتخصصة تحتاج لتوافق وتجانس والعمل بروح الفريق.
القطاع الزراعي في تقديري سواء كان زراعياً أو حيوانياً لا ينفصل إدارياً وفنياً لأنه مرتبط مع بعض.
إذا كان الهدف من عمليه الفصل حسم صراع تولي الإدارات بوزارة الإنتاج والموارد الاقتصادية في الولايات فهذا من السهل معالجته فمعالجته في تقديري ليست بفصل الإدارات فإني أتساءل: ما الذي يمنع أن يتولى (طبيب بيطري أو مفتش إنتاج حيواني أو مفتش مراعي) مدير عام وزارة الإنتاج والموارد الاقتصادية، بوزارات الإنتاج والموارد الاقتصادية بالولايات إذا كان مؤهلاً فنياً وإدارياً لهذا التكليف؟
تاريخياً تولى أطباء بيطريون مدراء عامون لوزارات الإنتاج والموارد الاقتصادية بالولايات، فما كان من المهندسين الزراعيين إلا التعاون والاحترام المتبادل بينهم.
قرار الفصل من وجهة نظري كمهندس زراعي أعمل بوزارة الإنتاج والموارد الاقتصادية بولاية شمال كردفان وقد أتيحت لي فرص عمل مشتركة مع أطباء بيطريين ومفتشي إنتاج حيواني ومفتشي مراعي بصورة تكاملية
كل في تخصصه في فريق واحد، ظللنا نعمل بروح الفريق الواحد تعلمنا من الأطباء البيطريين الكثير وتعلموا منا الكثير فأصبحنا نعرف كيف نتحصل على المعارف من بعض ونتقاسمها معاً، وعلى الصعيد الاجتماعي أصبحت لدينا علاقات وتواصل أسري واجتماعي.
أتوقع وقد يكون هناك رأي آخر أن قرار الفصل ليس من مصلحة تنمية وتطوير القطاع الزراعي بشقيه الزراعي والحيواني وليس من مصلحة المهندسين الزراعيين والإخوة الأطباء البيطريين، هذا القرار في تقديري وقته غير مناسب والبلاد تعاني من عدم استقرار سياسي واقتصادي واجتماعي تتطلب الوحدة والعمل بروح الفريق .
أتوقع هذا القرار أنه يمهد لانفصال إدارات أخرى تتبع لوزارة الإنتاج والموارد الاقتصادية مثل (إدارة الصناعة وغيرها) هذه الإدارات يمكن أن تحذو حذو إدارة الثروة الحيوانية وتنفصل عن وزارة الإنتاج والموارد الاقتصادية.
أيضاً هناك إدارات أخرى تتبع لإدارة الثروة الحيوانية مثل (إدارة الإنتاج الحيواني وإدارة المراعي والعلف) هم مهندسون زراعيون يتبعون إدارياً وفنياً لإدارة الثروة الحيوانية وهناك تحدٍ من المحتمل قد يواجه إدارة الثروة الحيوانية إذا انفصلت وهو: (هل يقبل الإخوة الأطباء البيطريون أن يكلف مهندس زراعي يحمل تخصص إنتاج حيواني أو مفتش مراعي ويتم تعيينه مديراً عاماً لإدارة الثروة الحيوانية بالولايات؟)، أيضاً أتوقع أن تطالب بعض الإدارات التي تتبع لإدارة الثروة الحيوانية بالانفصال عن إدارة الثروة الحيوانية بحجة التعاطف المهني أو غيره من الأسباب و(للقبلية المهنية) التي بدأت تظهر وتهزم العمل الزراعي والتنمية المستدامة.
إذا نفذ هذا القرار فإني أخشى أن تتوزع وزارة الإنتاج والموارد الاقتصادية الى أشلاء من الإدارات غير المرتبطة ببعض وتسود روح الفرقة والشتات وعدم الانسجام ويؤثر ذلك على العمل بروح الفريق في الميدان ونفقد (الأهداف والرؤية والرسالة) والراعي ينتظرنا والمزارع ينتظرنا والمزارع الراعي أيضاً ينتظرنا لإرشاده ونحن نتصارع في تولي الإدارات ونؤسس لإدارات ووزارات مترهلة لا تحقق الأهداف التي أنشئت من أجلها ونهزم فلسفة الحكم المحلي الذي يهدف لتقصير الظل الإداري لتسهيل تقديم الخدمات للمواطن ونرجع للمركزية وتحدياتها.
أتمنى للمصلحة العامة للوطن والمواطن أن يتم إرجاء تنفيذ هذا القرار لوقت كافٍ لمزيد من الدراسة والنقاش وتحليل نقاط الضعف والقوة فيه عبر ورش عمل فنية جامعة تجمع المهندسين الزراعيين والأطباء البيطريين والخبراء من الجهات الإدارية ذات الصلة ومن ثم ترفع التوصيات إلى وزارة الحكم الاتحادي لاتخاذ القرار المناسب.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب