ابوعبيدة عبدالله يكتب: يخسي عليكم

في تقديري

يعد المجلس الوطني أو الهيئة التشريعية أو البرلمان من أهم مؤسسات الدولة، وذلك لأنه المؤسسة المناط بها التشريع في البلاد.
وبقدر أهمية تلك المؤسسة للدولة، فإنها كذلك مهمة للصحفيين والإعلاميين في تغطية أنشطتها، بل وتعتبر من أهم (الدوائر) في مؤسسات العمل الصحفي، حينما كانت المؤسسات الصحفية تخصص لأي مؤسسة حكومية أو غيرها صحفياً يكون مسؤولاً عن تغطية أنشطة تلك المؤسسة.
كان البرلمان في عهد الإنقاذ وقبله من أهم دوائر صناعة القرار والسياسات، كانت عناوين الصحف في معظمها تخرج من تحت قبة البرلمان سواء من حديث داخل الجلسات أو تصريحات خاصة خارج الجلسة.
اشتهرت فترة الإنقاذ بقيادات كان لها قصب السبق في رفد الصحف بالمناشيتات، والخبطات الصحافية من خلال إثارتهم لقضايا تهم الرأي العام وتشغله، نذكر على سبيل المثال د. غازي صلاح الدين، فاروق أبو عيسى، يوسف حسين من الحزب الشيوعي، ياسر عرمان، وسعاد الفاتح وآخرون.
كنا ومن على شرفة البرلمان حينما تقف سعاد الفاتح أو أي من الذين ذكرتهم أعلاه يعتدل الصحافيون في جلساتهم ويركزون في حديثهم لأهميته ودقته.
اليومان الماضيان انتقلت إلى رحمة مولاها د. سعاد الفاتح، وهي امرأة معروفة وشهدت لها الحياة السياسية بكثير من المواقف.
كانت سعاد الفاتح في جلسات البرلمان رغم التقدير والاحترام الذي تجده من كل النواب لمواقفها الشجاعة، إلا أن رئيس الجلسات وكان حينها أحمد إبراهيم الطاهر يتحاشاها في كثير من المرات من منحها فرصة الحديث، خاصة في القضايا التي يريد المؤتمر الوطني تمريرها بـ(الدغمسة) عبر اللجؤ للأغلبية الميكانيكية.
من أشهر مواقف سعاد الفاتح في البرلمان حينما أراد وزير المالية علي محمود تمرير قرض كويتي ربوي بقيمة (25) مليون دينار كويتى بما يعادل (75) مليون دولار، وأفتت فيه هيئة علماء السودان بأن القرض ربوي، ولكن الهيئة بررت قبوله إن كانت هناك مصلحة للبلد فلا بأس، فوقفت سعاد الفاتح ورفضت تمرير القرض وبررت حديثها بكل الأسانيد من القرآن والسنة، الا أن التصويت حسم القضية وتمرير القرض بنسبة 52%، فيما عارضه 48%، وهنا وقفت سعاد وقالت للنواب ممن أجازوا القرض وبأعلى صوت (يخسي عليكم).
أذكر في لقاء لها بالمركز السوداني للخدمات الصحافية في العام 2015 ذكرت سعاد أن القيادية الشيوعية “فاطمة أحمد إبراهيم” كانت من أعز أصدقائها قبل أن تنضم سعاد للإخوان المسلمين وتختار فاطمة الانضمام للحزب الشيوعي، وقالت سعاد إن سبب ابتعادهما عن بعض كان أنها أرادت أن تجند فاطمة للانضمام للإخوان المسلمين وقدمت لها كتاباً لحسن البنا، الا أن فاطمة قدمت لها كتاباً عن الاشتراكية.
كانت سعاد وفاطمة مثالاً للشجاعة والوطنية والقومية نسأل الله لهما الرحمة والمغفرة والعتق من النار.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب