المؤتمر السوداني.. هل تطارده لعنة الانقسامات؟

عبدالقادر محمود: أتوقع حدوث انشقاقات أعمق داخل الحزب
راشد التجاني: تجميد العضوية يؤكد عدم القدرة الحزب على إدارة الخلاف
الفاتح عثمان: التجميد تمهيد للفصل النهائي من الحزب
الخرطوم: محجوب عيسى
أثارت الخطوة التي اتخذها حزب المؤتمر السوداني تجميد عضوية قيادات بارزة في التنظيم وإحالتهم للتحقيق، تحت ذريعة ارتكاب مخالفات تنظيمية جدلاً واسعاً، حيث اعتبرها متحدثون لـ(اليوم التالي) إنها إشكالية مؤسسية داخل الحزب وبداية انقسام حزب المؤتمر السوداني، في المستقبل في حال لم يتم حسم الخلافات الداخلية، ويرى آخرون أنها خطوة تمهيدية للفصل النهائي من الحزب، وإنها ظاهرة خطيرة تعكس مدى الرفض الواسع داخل الحزب لأية تسوية مع الانقلابيين، وأن الإجراء سيعصف بالحزب، مطالبين بحسم الخلافات الداخلية حتى لا تؤثر على سير العملية السياسية الجارية في البلاد.
تجميد عضوية
كشفت مصادر موثوقة لـ(سودان تربيون)، أن حزب المؤتمر السوداني قرر تجميد عضوية قيادات بارزة في التنظيم وإحالهم للتحقيق، تحت ذريعة ارتكاب مخالفات تنظيمية.
وقالت المصادر إن المجلس المركزي للحزب شكل في نوفمبر الماضي لجنة تقصي للتحقيق مع (17) من أعضاء المجلس الولائي للحزب في الخرطوم كما قرر تجميد عضويتهم لحين فراغ اللجنة من أعمالها.
وأفادت أن القرار النهائي بشأن الأعضاء سيتخذه المجلس المركزي بعد تسلمه تقرير لجنة التقصي التي تتحرى حول مخالفة الأعضاء للأطر التنظيمية، كما يتهم بعضهم بتسريب معلومات حزبية وخلق تكتلات داخل التنظيم علاوة على الإساءة للحزب وبعض قادته.
وقالت المصادر إن من بين الأعضاء الـ17 المجمدين نور الدين صلاح الدين، فيما تم تجميد عضوية رئيس الحزب بولاية الخرطوم سليمان الغوث قبل نحو ستة أشهر بموجب قرار أصدرته لجنة محاسبة داخلية.
ووصف مصدر آخر بحزب المؤتمر السوداني تحدث لسودان تربيون شريطة عدم الإفصاح عن هويته قرارات تجميد الأعضاء بالخاطئة سيما أن نظام الحزب يحظر توجيه إنذار أو فصل أو تجميد عضوية أي كادر قبل تكوين لجنة محاسبة وهو ما لم يتم مع أعضاء المجلس الولائي.
وأرجع المصدر التطورات المتكتم عليها لصراعات حول النفوذ علاوة على اللوبيات والتكتلات قائلاً إن تفاقمها يعود لما أسماه الأدوات غير النظيفة المستخدمة في إدارة الخلاف علاوة على محاولة بعض الجهات تجيير مؤسسات الحزب لصالح الصراع.
ظاهرة خطيرة
يقول المحلل السياسي عبد القادر محمود إن الخلافات داخل حزب المؤتمر السوداني متوقعة خاصة وأن الحزب اختار طريق التسوية التي تتعارض مع شعار الشارع.
ويشير إلى دوره الكبير والمؤثر في الحراك الثوري السودان قبل وبعد سقوط النظام السابق، الذي لا يمكن تجاوزه.
ويضيف: بسبب عوامل عديدة أصبح حزب المؤتمر السوداني يتبنى “الأيديولوجيا النيوليبرالية” ويشرح أنه خط مغايراً لبرنامج الثورة الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، ولا يرى ضرورة في التغيير الجذري الذي تنادي به قوى الثورة المختلفة من لجان مقاومة وتجمعات مهنية ونقابات ومنظمات مجتمع مدني وأحزاب سياسية، ويلفت إلى وجود تواصل بشكل أو بآخر لعضوية حزب المؤتمر السوداني مع القوى الثورية وربما هذا الارتباط يرقى إلى مستوى المبادئ والأهداف التي اندلعت الثورة لأجل بلوغها وتحقيقها.
واعتبر عبد القادر تجميد عضوية (١٧) عضو منتسب للحزب ظاهرة خطيرة تعكس مدى الرفض الواسع داخل الحزب لأية تسوية مع الانقلابيين، وهذا الإجراء سيعصف بالحزب ويضعه في حجمه الطبيعي الذي كان عليه قبل الثورة.
وتوقع محمود حدوث انشقاقات أعمق داخل الحزب وأن هذا التصدع سيكون له ما بعده على مستوى الحزب وإيجابياً بالنسبة للثورة والشارع، لأن حزب المؤتمر السوداني في الوقت الراهن يعيش على سند وتأييد المجتمع الإقليمي والدولي، وتابع: أستبعد أن يستمر هذا الدعم إذا حدث الانشقاق وتشتت ما تبقى للحزب من رصيد جماهيري في صفوف لجان المقاومة والقوى الثورية الأخرى.
حسم صراع
ومن جهته اعتبر المحلل السياسي الدكتور الفاتح عثمان قرار حزب المؤتمر السوداني بتجميد عدد (17) من قياداته المؤثرة وتكوين لجنة محاسبة تنظيمية الخطوة بمثابة تمهيد للفصل النهائي من الحزب.
وبحسب عثمان في حديثه لـ(اليوم التالي) إنها عادة الأحزاب السياسية العقائدية التي أسسها طلاب الجامعات وفق حديثه كما هو مشاهد في الحزب الشيوعي والحركة الإسلامية والحزب الجمهوري وحزب البعث والحزب الناصري.
وأضاف أن ذلك غالباً لحسم الصراع حول قيادة الحزب الأمر الذي يمهد الطريق لانشقاق تنظيمي وتكوين حزب جديد غالباً لن يكون له دور كبير في الحياة السياسية لأن الحزب الأصل نفسه ضعيف التأثير ولا يتمتع الى الآن بوجود حقيقي وسط عامة الشعب السوداني.

إشكالية مؤسسية
ولم يذهب بعيداً المحلل السياسي مدير مركز فض المنازعات بجامعة أمدرمان الإسلامية د. راشد التجاني، ويرى أن خطوة تجميد العضوية داخل الأحزاب ليست بعيدة عن المشهد السياسي العام في السودان، وأنها موجودة داخل الأحزاب والتنظيمات في البلاد وأنها ناتجة عن إشكالية داخل المؤسسات بسبب اتخاذ القرار وتحديد المهام والتكاليف.
وتوقع التجاني في إفادة لـ(اليوم التالي) انقسام حزب المؤتمر السوداني في المستقبل، في حال لم يتم حسم الأمر، وقال إن الخلافات داخل المؤسسات واختلاف الرؤى دليل على عجز مؤسسية الحزب في إدارة الخلافات الداخلية.
ويقول إن تجميد عضوية أعضاء حزب المؤتمر السوداني، يؤكد عدم القدرة الحزب على إدارة الخلاف بصورة مؤسسية سليمة، وأضاف: لن يستطيع إدارة الخلاف مع بقية المؤسسات والأحزاب الأخرى، إن لم يستطع إدارة الخلافات الداخلية.
وتابع: ربما إنها مرتبطة بالخلافات السياسية في إدارة الاختلاف وقبول الآخر وتغليب المصالح العامة على الشخصية لجهة أنه يمكن حسم الخلافات الداخلية دون أن تظهر إلى الرأي العام.
وفي الوقت ذاته حذر من تحويل الخلافات إلى تصفية حسابات شخصية وأشار راشد إلى أن الخلافات سمة أصبحت سائدة وإن هناك الكثير من الأحزاب أصبحت تتشقق وتنقسم وتتفكك بسبب اختلاف الرؤى.
وطالب بحسم الخلافات داخل الأحزاب لاستمرار الفترة الانتقالية بصورة سلسة مشدداً على ضرورة تشكيل جسم مؤسسي يمثل الموقعين على الاتفاق الإطاري حتى لا تؤثر مثل هذه الخلافات والتعقيدات في إدارة الفترة الانتقالية.

خلافات تنظيمية
ومن جانبه كشف القيادي بالمؤتمر السوداني نور الدين صلاح لـ(التغيير)، عن وجود خلافات تنظيمية داخلية، دون ذكر تفاصيلها.
وقال إن الموضوع حالياً يخضع للجنة تحقيق لتقصي الحقائق، وستقوم برفع توصياتها إلى المجلس المركزي للحزب.
ووفق مصادر أخرى بالحزب، فإن لجنة التحقيق رفعت بالفعل توصياتها إلى المجلس المركزي، وتبقى إعلانها فقط.
وبدوره قال مصدر بالحزب لـ(التغيير)، إن هناك استهداف كبير يطال الحزب من جهات وصفها بـ”غير الصديقة”.
وأشار إلى التعقيدات الكبيرة في المشهد السياسي السوداني، ومحاولة جهات للتدخل وشق الحزب، متهماً بعض أعضاء الحزب بتسريب معلومات سرية ومخالفة أوامر مباشرة من قيادات الحزب.
ويعقد المجلس المركزي بالمؤتمر السوداني اجتماعه الجمعة حيث يناقش فيه العقوبة المناسبة للأعضاء الموقوفين.
ظهور خلاف
وفي مايو الماضي اشتدت حدة الخلافات بين تيارين داخل حزب المؤتمر السوداني بسبب قيام المؤتمر العام للحزب الذي اعتبره كل من سليمان الغوث ونور الدين صلاح ومواهب مجذوب أنه تأخر كثيراً بسبب انشغال الأمين العام للحزب خالد عمر يوسف ببرامج المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير.
وبحسب (موقع الصحافة) يرى تيار الإصلاح الذي يقوده سليمان الغوث أن رئيس الحزب عمر الدقير منحاز لتيار مجموعة الطلاب المستقلين مشيراً إلى عقد الدقير اجتماعات فردية مع قيادات الحزب لتهدئة الأوضاع حتى انتهاء الدورة الحالية للمكتب السياسي للحزب الأمر الذي اعتبره تيار الإصلاح تهرباً من الجلوس مع طرفي الخلاف لاتخاذ قرار واضح .
وقال تيار الإصلاح إن المكتب السياسي للحزب يسيطر عليه خالد عمر الذي يصرح باسم الحزب وفقاً الخط الذي ينتهجه المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب