بانوراما 2022.. أبرز أحداثها الاقتصادية الدروس والعبر

 

الخرطوم: علي وقيع الله

جرت الكثير من الأحداث الاقتصادية في العام 2022، وكان لها صدى ووقع خاص على المشهد بالبلاد، ومنها ما أثير كثيراً من التساؤلات عن مدى تأثيراتها على المستوى العام للاقتصاد الوطني، فمنها ما أثر على القطاعات الاقتصادية الحيوية التي أفضت إلى تدني النمو الاقتصادي عن سابقه، وأخرى متصلة بمكتسبات الاقتصاد والإنتاج القومي من الزراعة والثروة الحيوانية والاستثمار وغيرها، ووصفت تلك الأحداث بالأهمية البالغة إذا ما تم تضافر الجهود لنجاحها على مستوى الدولة؛ من خلال الاستفادة من الدروس والعبر التي جرت من تلك الأحداث الاقتصادية على الساحة الاقتصادية، وللنبش في بعض النماذج لأبرز القضايا الاقتصادية التي شكلت وأفضت إلى واقع الحال الاقتصادي في البلاد من العام المنقضي 2022، نسرد عبر هذه المحصلة ما جرى من أحداث واقعية على سبيل المثال لا الحصر على مستوى الاقتصاد السوداني، وما يمكن الاستفادة منها والبلاد تستشرف عاماً جديداً 2023 لتحقيق تطلعات الشعب وتجويد وتطوير مكتسبات الاقتصاد.
الكهرباء
زيادة تعرفة الكهرباء
طبقت وزارة الطاقة في مطلع 2022 زيادات على أسعار الكهرباء التي أثارت جدلاً كبيراً، و طبقت الدولة قبل إعلان إجازة الموزانة العامة من ذات العام تطبيق رسوم جديدة في الكهرباء، الشيء الذي قوبل برفض واسع من قبل المنتجين الزراعيين في شمال البلاد، وبعد كل ذلك جمدت الدولة التعرفة الجديدة وأعادت القديمة بعد تكوين لجنة برئاسة عضو المجلس السيادي، أبو القاسم برطم، إلى السستم لتصبح كما في السابق، لكن لم يكن بمقدور اللجنة المكلفة بمراجعة زيادة أسعار الكهرباء حدوث أي اختراق للوصول إلى نتيجة إيجابية ومرضية لإلغاء التسعيرة أو وضع أرقام معقولة لزيادة أسعار الكهرباء حتى تلبي احتياجات القطاعات السكنية والزراعية والصناعية.

ثبات سعر الصرف
يعتبر ثبات سعر الصرف للجنيه مقابل العملات الأجنبية حقيقة كان ملفتاً للنظر ثباته لفترة طويلة جداً من العام، هذا بجانب الانخفاض الملحوظ لنسبة التضخم وتراجعه شهراً فشهراً، دون أن تؤثر على أي مستوى من مستوى المعيشة فى السودان من خلال معدل الأسعار، مقارنة بنسبة تراجع معدل التضخم الشهري خلال العام2022.
عجز الميزان التجاري
ووفقاً لبنك السودان المركزي، فقد سجل العجز في الميزان التجاري أعلى ارتفاع له خلال الربع الثالث من العام المالي 2022، حيث بلغ أكثر من 3.5 مليارات دولار أمريكي، وقد بلغت قيمة واردات البلاد من السلع الخارجية خلال الفترة من يناير وحتى سبتمبر الماضي أكثر قليلاً من 7.1 مليارات دولار أمريكي، وهو أعلى رقم تسجله الواردات في ذلك العام، بحسب ما ذكره الموجز الإحصائي لتجارة السودان الخارجية الذي يصدره بنك السودان المركزي بحالة دورية كل ثلاثة أشهر، كما تدنت الصادرات إلى أدنى مستوى لها ببلوغها حوالي 3.6 مليارات دولار أمريكي.

الرسوم الضريبية بالأسواق
شهدت أسواق العاصمة تصاعداً في أسعار السلع الأساسية، نتيجة لرسوم الضرائب التي فرضتها الحكومة خلال العام 2022 مما زادت من حجم الضغط الذي يواجهه التجار جراء الالتزامات الشهرية، وتبعاً لذلك نمت ظاهرة الكساد بالأسواق، ومن الملاحظ تراجع مضطرد في حركة الشراء بالأسواق، التي باتت معظم المحلات تشهد فراغاً من قبل الزبائن مقارنة بما كان في السابق، وبالتالي لم يتبادر إلى أذهان التجار أي خطوات تخفيض أسعار السلع الاستهلاكية وغيرها لجذب المسهلك للتسويق، فيما يرى كثير من التجار أنه في ظل ضعف الإقبال على الشراء تجارتهم أصبحت خاسرة، خاصة أن الركود الذي يخيم على الأسواق أصبح يمثل الموقف كاملاً رغم استقرار أسعار السلع الاستهلاكية، يرى مراقبون أنه لا تزال الأسواق تواجه تحدياً كبيراً، خاصة في ظل ضعف السيولة النقدية، أما حركة التسويق مع بروز شكوى تجار ومواطنين من انعدام السيولة رغم وفرة السلع الأساسية، ربما الشيء الذي دفع كثيراً من التجار إلى الخروج من العمل التجاري، سيما بعد الصعوبة التي يعاني منها المستهلك حتى على مستوى اقتناء الاحتياجات الأساسية.

القمة العربية الصينية
ووصف حضور السودان للقمة العربية الصينية بأنه الحدث الاقتصادي الأبرز خلال 2022، وذلك لتمثيل مشاركة السودان فيها والتي عقدت بالرياض على مستوى كبير جداً، باعتبار أن الصين تعتبر من أكبر الاقتصاديات الموجودة على مستوى العالم وقوة عظمى، بجانب أن للسودان تجارب عديدة معها و ناجحة واستفاد منها كثيراً، وكذلك استفادت منها الصين. مراقبون يأملون أن تعود هذه العلاقات السودانية الصينية فى المجال الاقتصادي بالذات، وأن يستفاد من التقنية الصينية ورأس المال الصيني والخبرة الصينية فى مشاريع جديدة من ضمنها التوسع فى عمليات استخراج البترول، واكتشاف حقول جديدة والعمل على الاستفادة من الثورة التعدينية والمعادن فى السودان، خاصة أن هناك مجالاً مفتوحاً للاستثمار في الزراعة والصناعة.
الوحدة الاقتصادية بالخرطوم
وكذلك يعتبر انعقاد مجلس الوحدة الاقتصادية فى الخرطوم من نفس العام، بأنه من أكبر التظاهرات الاقتصادية، وبالتالي يمكن أن يستفاد منها إذا توفرت عوامل كثيرة جداً للسودان، من ضمنها الاستقرار السياسي والأمني، كان بالإمكان من خلال تلك الاجتماعات أن تثمر في جذب كثير من الاستثمارات العربية الرسمية أو ما يسهم في تحقيق تطلعات القطاع الخاص والعام.
مشاركة اجتماعات واشنطن
وتعد مشاركة حكومة ما بعد إجراء الخامس والعشرين من أكتوبر 2021 ممثلة في وزير ماليتها د. جبريل إبراهيم، ووفد سوداني رفيع لاجتماع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وطلب السودان بأن يتم عودته إلى المجتمع الدولي وإلى تنفيذ خطط الإصلاح الاقتصادي التي بدأتها حكومة حمدوك الأولى في عهد وزير المالية د. إبراهيم البدوي، ويشار إلى أن السودان أبدى حسن نيته فى كثير من الإجراءات التي يمكن أن يتخذها لمواصلة الإصلاح الاقتصادي، ورغم أنه تم التنفيذ فيه؛ لكن هناك كثيراً من الوعود الفنية والمادية التى تم وعد السودان بها لكنها لم نتفذ إثر تغيرات الجيش فى 25 أكتوبر من العام 2021، التي أثرت على ذلك، وكانت الاجتماعات مهمة في تقديرات بعض الاقتصاديين، ومن الواضح أن السودان لا مجال له إلا أن يسوده الاستقرار الأمني والسياسي، وتوحد السودانيين حتى يتم تنفيذ ما وعدت به المنظمات الدولية والإقليمي، وحتى على مستوى كثير من الدول الداعمة للسودان اقتصادياً.
تعديل قانون الاستثمار
وبالإضافة إلى ما هو أهم لدى كثير من الاقتصاديين؛ ألا و هو تعديل قانون الاستثمار في السودان الذى قامت به وزارة المالية وحيت هذه المبادرة وزيرة الاستثمار المكلفة، بأنها أعدت لجنة لتعديل قانون الاستثمار فى السودان لأن السودان حقيقة ينقصه كثير فى قانون الاستثمار، وهناك ملاحظات كثيرة جداً من المستثمرين على قوانين الاستثمار، ومن المتوقع أن تحدث نقلة استثمارية كبرى، لكن الأهم هو طبعاً تحسين صورة السودان لدى الخارج من حيث الاستقرار الأمني و الاقتصادى و السياسي، وبالتالي ما لم تتم هذه المتطلبات لن يكون هناك استثمار فى السودان، لكنها خطوة تحسب للسادة فى وزارة الاستثمار، وبحسب مراقبين للشأن الاقتصادي العام؛ فإنها تعتبر من الأحداث المهمة التي حدثت فى العام 2022.
مؤتمر الحبوب الزيتية
وكانت مبادرة مؤتمر الحبوب الزيتية بالخرطوم بعد انقطاع بسبب جائحة كورونا، حدثاً نوعياً في 2022 للنهوض بإنتاج الحبوب الزيتية، خاصة أن البلاد تعد من الدول الكبرى و الأولى في إنتاجها إفريقياً و عالمياً، خاصة محصولي السمسم والفول السوداني، بجانب تبادل المعلومات وزيادة التسويق والارتقاء بالصادرات، واستصحب المؤتمر أن العالم يمر “بظروف صعبة” لسلاسل الإنتاج في مناطقها التقليدية، سيما أنها تواجه صعوبات تتطلب تكاتف وتعاون كل الجهات.
.
تراجع الصادرات السودانية
وأظهر مطلع العام 2022 بحسب مصادر، تراجعاً مخيفاً في الصادرات السودانية عن طريقي البر والبحر نتيجة لإغلاق الطرق وإضرابات الوزارات، وأكد الأمين العام للغرفة القومية للمصدرين السابق، محمد سليمان، تدني صادرات البلاد بنسبة 70%، مما فقدت بسببه البلاد قيمة مضافة وخسرت على إثرها بعض الأسواق الخارجية، وكان ذلك نتيجة لإغلاق ميناء بورتسودان الذي تأثر كثيراً فى العام 2022 لكونه يعد من بوابات صادرات بترول جنوب السودان، ويشير خبراء إلى أنه تأثرت الواردات بالإضافة إلى تأثر السمعة والصورة الذهنية لميناء عريق وميناء هام، بجانب إغلاق التجارة أمام ميناء، بورتسودان سواء كانت صادرات أو واردات، بل أثر على الصورة الذهنية كدولة سيما أن مواطنين يقومون بقفل الطرق المؤدية للميناء الرئيسي وشريان مهم كميناء بورتسودان.
مقترح رسوم العبور
وقدمت هيئة الطرق والجسور خلال العام 2022 مقترحاً أفضى إلى تطبيق زيادة ضخمة في رسوم العبور مما أثارت جدلاً كثيفاً، إذ أن المقترح الأخير الذي أوردته هيئة الطرق ألزم بأن تصير الزيادة في رسوم العبور بنسبة بلغت 600%، فبعض خبراء الاقتصاد يعتقدون أن الغرض من الرسوم هو صيانة الطرق القومية، بيد أن مشكلة تواجه وزارة المالية وهيئة الطرق هي غياب التدرج في زيادة الرسوم، الأمر الذي أثر سلباً على المشهد الاقتصادي أكثر مما هو عليه.
استيراد البنزين المخلوط
في مايو من العام 2022 برزت ظاهرة دخيلة في مجال استيراد الوقود خاصة البنزين المخلوط، الذي أحدث أعطاباً فنية في مئات المركبات بالعاصمة، وبحسب ما جاء به مختصون في مجال النفط أن دخول باخرة للسودان وتم توزيعها دون خضوعها للفحص عبر المواصفات المطلوبة لها، مما جعلهم يعيبون عدم أحقية المستوردين من التجار للمواد البترولية لكونها تحتاج إلى علم وفنيات ومواصفات دقيقة حتى تجنب مثل هذه الأخطاء الكارثية التي يدفع ثمنها المستهلك، وبعض خبراء الاقتصاد يعتبرون أن مثل هذه القضايا تعتبر جرماً في حق المواطن و الاقتصاد الوطني.

جنوح باخرة الماشية
في يونيو الماضي في العام 2022 تعرضت الباخرة بدر1 إلى جنوح في رصيف ميناء سواكن بالبحر الأحمر في طريقها للسعودية قبيل التحرك من المياه الإقليمية، مما نتج عنها نفوق قرابة ال16 ألف رأس من الماشية، وكان قد شرع المصدرون – وقتها – في فتح بلاغات لدى هيئة الموانئ البحرية، لتقصي الحقائق المحايدة ومعرفة الأسباب و محاسبة المتسببين في الحادث.
زيادة الدولار الجمركي
في أغسطس الماضي في ذات العام 2022 سادت حالة من الارتباك في الأسواق والمصانع والشركات، عقب تطبيق الدولة زيادة جديدة في تعرفة الدولار الجمركي بنسبة 26.6 %، أي ما جعل قيمة الدولار يصل إلى 565 مقارنة بـ445 جنيهاً، مما أثار القرار بعض التساؤلات حول الأسباب التي من شأنها تحريك الدولار الجمركي، في الوقت الذي ذهب فيه بعض المراقبين إلى أن زيادة الدولار الجمركي سيؤدي إلى المزيد من التدهور في الإنتاج ومجمل الأوضاع الاقتصادية في البلاد، وبعض الخبراء يؤكدون انعكاس ذلك على الأسواق بشكل ملحوظ، خاصة وأن معظم الشركات أوقفت البيع نتيجة لذلك.
مشروع ميناء أبو نعامة
ومن اللافت خلال العام المنقضي 2022 التوقيع بالأحرف الأولى بين السودان وموانئ أبو ظبي لإنشاء ميناء جديد على ساحل البحر الأحمر هو ميناء أبو نعامة، ميناء يمثل أهمية بالغة بالنسبة للاقتصاد، إذا تم إنشاؤه ستتحقق الاستفادة منه كثير جداً، وبحسب خبراء اقتصاديين هناك حديث لشركة موانئ أبو ظبي، أنه سيكون هناك مشروع زراعي استثماري ضخم جداً فى ولاية نهر النيل بأسس عالمية، مع مد الطرق وشبكات للري ومد ولاية البحر الأحمر بالمياه من النيل؛ لحل مشكلة هذه الولاية، وذات الخبراء يتمنون أن هذا الاتفاق يراجع بما حفظ حقوق السودان و الأجيال القادمة.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب