خطاب الذكرى السابعة والستين للاستقلال.. ما هي الدلالات؟

 

الأمة القومي: تجاوزنا مرحلة عودة الجيش للثكنات في مرحلة الاتفاق على كيفية إدارة الانتقالية

الشيوعي: حديث البرهان تهديد للقوى السياسية والأيام القادمة ستشهد أحداثاً كبيرة.

سياسي: يعكس الهوة الواسعة بين القوى السياسية وعدم توافقها

الخرطوم: محجوب عيسى

قال مراقبون إن خطاب البرهان بمناسبة الاستقلال يحمل رسائل مبطنة، ويعكس مدى الهوة الواسعة بين القوى السياسية وعدم توافقها على الاتفاق الإطاري وينذر بقرب الانفضاض الكامل من الاتفاق.
وخلال احتفال البلاد بالذكرى السابعة والستين لاستقلال السودان المجيد والتي تتزامن مع الذكرى الرابعة لثورة ديسمبر، طالب البرهان القادة الوطنيين والسياسيين باستغلال الفرصة التاريخية لتوحيد الصف، ووضع أسس وحدة وبناء الدولة السودانية، وقال إن الإقصاء وتقزيم دور الآخرين وعدم الاستماع إلى مطالبهم وفرض الوصايا من فئات محددة من قطاعات الشعب سيضيع هذه الفرصة وسيضع وحدة وأمن بلدنا في خطر كبير.

تحذيرات مبطنة
يقول القيادي بالحرية والتغيير – المجلس المركزي، رئيس مكتب السياسات في حزب الأمة القومي، إمام الحلو: إن خطاب رئيس مجلس السيادة؛ الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، في ذكرى الاستقلال، يشمل جوانب كثيرة، وتمنيت أن يصب في دعم العملية السياسية وضرورة سرعة تكوين حكومة مدنية، وهذه مهمة الآن، ولابد من النظر إليها.
وأضاف الحلو في تصريح لـ(اليوم التالي).. إن تأكيد البرهان انسحاب الجيش من الحياة السياسية وتسليم الحكم للمدنيين متفق عليه في الاتفاق الإطاري.
وتساءل.. هل التأكيد هو رد على بعض التخوفات؟ ولماذا يؤكد البرهان الخروج في كل مناسبة ؟
وأشار إلى تجاوز مرحلة الخروج وأنهم في مرحلة ما بعد الاتفاق، مشدداً على ضرورة إنهائها والوصول لحكومة مدنية في كل المؤسسات وعودة الجيش إلى مهامه الأساسية.
وطالب المكون العسكري أن يترك القوى المدنية أن تمضي إلى الاتفاق النهائي الذي يحدد ملامح الفترة الانتقالية، بعد أن وقع على الاتفاق والالتزام بما ورد فيه.
وتابع: تجاوزنا مرحلة عودة الجيش إلى الثكنات، الآن في مرحلة كيف نتفق كقوة سياسية ومدنية على كيفية إدارة الفترة الانتقالية دون وجود مكون عسكري.
وحول حديث البرهان عن الإقصاء وصف إمام؛ الدعوة بأنها حديث معمم يحمل تحذيرات مبطنة، لا سيما وهناك اتفاق إطاري طرح ووقعت عليه القوى الحقيقية، وأن الباب مفتوح لكل من يريد الانضمام والمشاركة في القضايا الخمس المتبقية، وأردف.. ليس هناك معنى لوجود رسائل مبطنة وأشياء غير واضحة، وعلى البرهان توضيح من هم الإقصائيين، وهذه ذات اللغة التي أدت إلى انقلاب 25 أكتوبر 2021.
وعن الحديث حول وجود فرصة للسودانيين لا يضيعوها، قال إن المكون العسكري ليس له علاقة بالانتخابات ليست من مسؤوليته، ولا من حقه الحديث عن العملية السياسية، عليه تسليم السلطة للمكون المدني بناءً على الاتفاق، والقوى المدنية هي من يرتب للانتخابات.

تهديد قوى مدنية
ومن جهته.. سخر المتحدث باسم الحزب الشيوعي فتحي الفضل، من تجديد تأكيد رئيس مجلس السيادة خروج المؤسسة العسكرية من العملية السياسية، ووصفه بأنه مسألة مضحكة؛ لجهة أن السياسة جزء من حياة الناس، وأن الذي تحدث أول من اخترق الدستور ومارس الدكتاتورية، ويشدد الفضل في حديثه لـ(اليوم التالي) على ضرورة أن تكون المؤسسة العسكرية في إطار عام من الدولة، وأن تخضع للدستور.
ويشير إلى وجود تناقض واختلاف جذري بين أقوال وأفعال البرهان، فضلاً عن أنه لم يقدم على خطوة تجاه تحقيق مطالب الشعب.
وتساءل، هل البرهان يملك تفويضاً من الشعب حتى يحث الوطني ين، وبدل الحديث عن الآخرين عليه أن يتحدث عن الاستعداد حول كيفية تسليم السلطة للمدنيين.
واعتبر الجزء الأخير من حديث البرهان تهديداً للقوى المدنية، وأن الشهور القادمة ستشهد أحداثاً كبيرة تمر على السودان وعلى القوى السياسية الحية أن تقف موقفاً موحداً، وتطرح وثيقة حتى تصل لقيادة موحدة لإسقاط السلطة العسكرية وإقامة الحكم المدني الكامل.

تصحيحات جديدة
غير أن المحلل السياسي عبد القادر محمود يقول إن البرهان دأب على تجديد تصريحاته المتعلقة بخروج المؤسسة العسكرية في أكثر من مرة، وخطاب البرهان بمناسبة الاستقلال يعكس مدى الهوة الواسعة بين القوى السياسية وعدم توافقها على الاتفاق الإطاري وينذر بقرب الانفضاض الكامل من هذا الاتفاق.
وبحسب محمود في حديثه لـ(اليوم التالي)، أن المكون العسكري الآن في وضع مريح من بانوراما المشهد السياسي المتشظي، لذلك أراد البرهان أن يرسل رسائل ربما سيكون لها ما بعدها في تعثر العملية السياسية واحتكار البعض من القوى السياسية للحقيقة المطلقة، ويضيف.. ربما نشهد انقلاباً جديداً في حال استمرت الأوضاع السياسية الراهنة، وفشلت القوى المدنية في الوصول إلى توافق متعادل ومرض لكل أطراف الأزمة وأصحاب المصلحة الحقيقيين.
واستبعد محمود أن تتوصل القوى المتصارعة إلى صيغة توافقية تؤدي إلى استلام السلطة من العسكريين للوصول بالبلاد إلى نقطة الانتقال المدني والديمقراطي.
وتابع: تصريحات البرهان في هذه المرة تحمل الكثير من الدلالات والإشارات الحمراء للقوى المدنية، خاصة وأن التصريح تضمن أن الوضع الراهن واستماتة الأطراف في مواقفها سيضيع البلاد ووحدتها، ويضعها في خطر كبير، وأن المكون العسكري يرى وقف التدهور، يتطلب التدخل والحسم السريع، وهذا يشير إلى أنه قد عزم على إجراء تصحيحات جديدة ربما ستكون قاسية على جميع القوى المدنية عدا الحركات المسلحة. وأردف: لكن السؤال المهم ما هو مصير الثورة ولجان المقاومة إذا حاول المكون العسكري القدوم على فكرة الانتحار؟
ويجيب، لا أعتقد أن الشارع سيخمد لمجرد التهديدات المبطنة التي كثيراً ما حوتها تصريحات البرهان، بل سيمضي إلى مزيد من التصعيد الثوري حتى الإسقاط الكامل للنظام الانقلابي والمساومين معه.

وضع جديد
وبدوره يقول المحلل السياسي، الباحث في مركز الأيام للدراسات الثقافية والتنمية، مصعب عثمان القاسم، إن خطاب البرهان امتداد لقرارات خروج المؤسسة العسكرية من السياسة في يونيو الماضي، لا سيما وأن قادة المؤسسة العسكرية تأكدوا أنهم لا يستطيعون إدارة الدولة بمفردهم والحفاظ على مصالحهم، بعد أن وجد الانقلاب مقاومة كبيرة منذ يومه الأول.
وطبقاً لمصعب في إفادة لـ(اليوم التالي)، أن البرهان يريد وضعاً جديداً مختلفاً يحفظ مصالح المؤسسة العسكرية في الاقتصاد، وملفات مهمة مثل سياسة الأمن والدفاع والشرطة، والسياسة ة الخارجية، من خلال تعديلات الوثيقة الدستورية.
ويضيف.. البرهان في مأزق حقيقي وغير قادر على خلق توافق بين القوى السياسية غير المتجانسة في الأفكار والمصالح، علاوة على المخاطر التي يواجهها، التي تتمثل في ملفات العدالة، وما بعد 25 اكتوبر، ووحدة وتماسك الجبهة الداخلية للقوات المسلحة.

فرصة تاريخية
وخلال احتفال البلاد بالذكرى السابعة والستين لاستقلال السودان المجيد، والتي تتزامن مع الذكرى الرابعة لثورة ديسمبر، خاطب رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، الشعب، وقال: إن ما أُنجز في السودان منذ فجر الاستقلال، وحتى يومنا هذا يبقى دون مستوى الأمل والتطلعات، الأمر الذي يستدعي ويُحتم علينا جميعاً ضرورة توحيد الصف والكلمة، ويستلزم التعاون والتوافق، وأن نتعاهد على نَبذ الكراهية والعنف، وأن نتخذ من الحوار الجاد والموضوعي وسيلة لتجاوز الخِلافات والصراعات، ونوحد الجبهة الداخلية لمجابهة التحديات والمخاطر التي تُحيط بالوطن.
وأضاف في خطابه.. بلادنا تستشرف مرحلة جديدة نتطلع فيها لتوسيع قاعدة التوافق السياسي حتى يُمهد الطريق لخطوات أُخرى مُهِمة لمُناقشة وحَسم القضايا الجوهرية التي حددها الاتفاق الإطاري لنضع جميعاً أُسس ومعايير تشكيل الحكومة وبرنامج الانتقال الذى يُهيئ البلاد للانتخابات العامة بنهاية الفترة الانتقالية.
وجدد التزام المؤسسة العسكرية بالخروج نهائياً من العملية السياسية مع التزام بحماية الفترة الانتقالية استجابة للمطالب الثورية وضرورات الانتقال.
ودعا إلى تكوين الحكومة الانتقالية من الكفاءات الوطنية المستقلة، وتكون برامجها الأساسية إيجاد حلول عاجلة للمشاكل الاقتصادية، والعمل على استكمال بناء السلام وتحقيق الأمن والاستقرار، وتهيئة البلاد للانتخابات مع توحيد اللحمة الوطنية.
وطالب القادة الوطنيين والسياسيين باستغلال الفرصة التاريخية لتوحيد الصف ووضع أسس وحدة وبناء الدولة السودانية التي حصل عليها الشعب بعد تضحيات جسيمة، وأن الإقصاء وتقزيم دور الآخرين وعدم الاستماع إلى مطالبهم وفرض الوصايا من فئات محددة من قطاعات الشعب سيضيع هذه الفرصة وسيضع وحدة وأمن بلدنا في خطر كبير.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب