تصريحات ترك.. لغة التهديد والوعيد

 

راشد التجاني: هنالك أسباب عدة أدت لهذه التصريحات

الفاتح محجوب: تصريحات ترك ممارسة السياسة بطريقة خشنة

محمد محي الدين: التصريحات تعبير عن خروج الأمور عن السيطرة

تقرير: الخواض عبدالفضيل

تصريحات خطيرة أدلى بها رئيس المجلس الأعلى لنظارات البجا، محمد الأمين ترك، بقوله إن المجلس أقام حشداً جماهيرياً شرق «جبل مويتا» بولاية كسلا احتفالاً بالاستقلال، ورفضاً للاتفاق الإطاري، وطالب ترك في تصريحات لـ«العربية» الحكومة بمنبر تفاوضي منفصل أو حق تقرير المصير في فترة أقصاها شهراً، وتابع: «حكومتي جاهزة لشرق السودان ولا أقبل مُستوردين» وجدد رفضهم للاتفاق الإطاري ودمغه بالاتفاق الأجنبي داعياً إلى ضرورة عقد مؤتمر مائدة مستديرة بمُشاركة كل أهل السودان.

إعلان حرب

هدد رئيس المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة محمد الأمين ترك الأحد، بإعلان الحرب في شرق السودان حال رفضت السلطات السودانية منح المنطقة منبراً تفاوضياً منفصلاً لتقرير المصير. ويرفض ترك مسار شرق السودان المضمن في اتفاقية “جوبا” التي أبرمتها الحكومة الانتقالية خلال العام 2020، وقاد البجا في العام 2021 إلى إغلاق الموانئ الرئيسية في البلاد والطريق الرابط بين العاصمة الخرطوم وولاية البحر الأحمر في سياق احتجاج مُناهض للحكومة الانتقالية التي أبعدها الجيش من السلطة، وقال ترك لدى مُخاطبته حشداً جماهيرياً في منطقة “مويتا” بولاية كسلا الحدودية مع دولة إرتريا: ”نطالب بمنبر تفاوضي منفصل إذا استجابت الحكومة نحن مع وحدة السودان وقوته، أما إذا رفضت حتماً سنعلن الحرب، وسنصمد كما صمد مقاتلونا السابقون”، وظهر ترك على المنصة وهو يحمل قذيفة مدفع غير متفجر، وذخائر أسلحة ثقيلة قائلاً: “سنعود مُجدداً لحالات القصف الجوي والمدفعي، وأحيي مواطني هذه المناطق الحدودية الذين صمدوا إبان سنوات الحرب”. وتعد منطقة “مويتا” الواقعة في محلية ريفي كسلا واحدة من مناطق الحرب وكانت مسرحاً للعمليات العسكرية بين القوات الحكومية ومقاتلي مؤتمر البجا، ووقعت حكومة الرئيس المعزول عمر البشير اتفاقاً للسلام مع مجموعات من البجا في العام 2006 رعته الحكومة الإرترية، ووجه ترك انتقادات للسياسات التي اتبعها النظام السابق في تنمية المناطق المتأثرة بالحرب، وأضاف بقوله: ”هناك آلاف الشهداء والجرحى، لم يتم تعويضهم الحكومة والمنظمات، وصندوق تنمية شرق السودان شيد مباني خاوية”، وأعلن رفضهم القاطع المُشاركة في ورشة شرق السودان التي تعتزم القوى السياسية الموقعة على الاتفاق الإطاري إقامتها غضون الفترة المقبلة.

وكشف عن ترتيبات يقودها للانخراط في تحالف يجمع وسط وشمال وشرق السودان علاوة على إقليم كُردفان للعمل على تحقيق الحُكم الذاتي وتابع: “واهم من يظن أنه يُريد أن يحكمنا من الخرطوم”، وجدد رفضهم للاتفاق الإطاري ودمغه بالاتفاق الأجنبي داعياً إلى ضرورة عقد مؤتمر مائدة مستديرة بمُشاركة كل أهل السودان، ويتولى ترك منصب نائب رئيس الحرية والتغيير الكتلة الديمقراطية التي تضم الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل وحركات مسلحة موقعة على اتفاقية جوبا للسلام، وترفض الكتلة الاتفاق الإطاري الذي أبرمه قادة الجيش في الخامس من ديسمبر المنصرم مع القوى المدنية المؤيدة للديمقراطية.

 

ضغط سياسي

يقول الباحث والمحلل السياسي محمد محي الدين لـ(اليوم التالي) إن قراءة تصريحات الناظر ترك تأتي في سياق حالة عدم الاستقرار السياسي التي يشهدها السودان الناتجة عن موقف الحرية والتغيير المجلس المركزي الرافض لقبول مكونات شرق السودان ضمن العملية السياسية وتابع: كذلك الإصرار على مسار شرق السودان الناتج عن اتفاقية جوبا للسلام دون إيجاد معالجة لهذه القضية التي طال أمدها وزاد أن هذه التصريحات لها أثر في الوضع المحتدم والمعقد في شرق السودان بالإضافة إلى أن هذه التصريحات عبارة عن ضغط سياسي في بادئ الأمر وهي تعبير ربما أن الأمور ستخرج عن السيطرة إذا لم يتم الاتجاه لمعالجة هذه القضية واعتقد محي الدين أن الإشارات التي جاءت في سياق خطاب رئيس السيادة بمناسبة ذكرى الاستقلال فيها إشارات مهمة، وأكدت على ضرورة أن يكون الحوار شاملاً وحذر من انفراد فئات معينة من القوى السياسية بالتقرير في المشهد السياسي، ولذلك من المؤكد هذا سيؤثر في المشهد السياسي في السودان وأردف: أعتقد أن هذه رؤية مستبصرة لما سيحدث من تأثيرات في شرق السودان إذا لم يتم القبول بهذه المكونات كجزء من العملية السياسية والتسوية القائمة خاصة وأن الناظر ترك قارن حديثه بالإصرار على أنه لن يقبل المشاركة في المؤتمر الذي من المقرر تعقده الحرية والتغيير المجلس المركزي لمناقشة قضية شرق السودان باعتبارها واحدة من القضايا الخمس المؤجلة في الاتفاق الإطاري وأضاف: في حال عدم مشاركتهم وعدم تضمين رؤيتهم لن تكون هنالك إمكانية لإنفاذ ما يتم التوافق عليه في هذه الورشة في مرحلة الاتفاق النهائي بالتالي على الحرية والتغيير المجلس المركزي أن تدرك بأنها تزيد تعقيد المشهد السياسي بإصرارها باستبعاد مكونات شرق السودان منوهاً الى ضرورة إقامة مؤتمر جامع لكل أهل الشرق كما ضمنهم الموقعين على مسار شرق السودان ليكون ذلك فرصة لتقريب وجهات النظر بين الأطراف المختلفة وبين قضية مسار شرق السودان.

انقسامات وتعقيدات

من جانبه يرى الدكتور راشد التجاني مدير مركز فض النزاعات والسلام بجامعة أم درمان الإسلامية لـ(اليوم التالي) تصريحات ترك تأتي ضمن حالة الانقسامات والتعقيدات التي تشهدها الساحة السودانية وحالة السيولة السياسية التي عجزت عن الاتفاق بالطبع هذه التصريحات ليست بمعزل عن ذلك وتابع: هنالك أسباب عديدة أدت إلى هذه التصريحات الحارة من الناظر ترك في مقدمتها مسار شرق السودان بالإضافة إلى عدم التوقيع في الاتفاق الإطاري الذي يأتي في ظل الرفض العام لهذا الاتفاق وزاد: هذه التصريحات بإعلان الحرب والدعوة إلى الانفصال بالتأكيد هي دعوة تصعيدية من قبل أحد مكونات الشرق الكبيرة التي لا يمكن تجاهلها حتى وإن قيل عنها لا تمثل الشرق، لكن تصبح مؤثرة وزاد: الشيء المقلق هذه المرة يظهر ترك وهو يحمل سلاحاً، هذا مؤشر صريح يقرأ في سياق أنهم جادون في إعلان الحرب، لذلك على الحكومة الإسراع في أن تجابه مثل هذه التصريحات بالجدية التامة وإيجاد حلول مستعجلة في أن يتم توحيد كلمة أبناء الشرق خلال منبر تفاوضي يجمع كل كيانات الشرق خاصة وأن الشرق الآن به عدة جهات تتحدث باسمه لذلك لا بد من إيجاد منبر تفاوضي لأبناء الشرق للبحث في كيفية الخروج بهذه الأزمة لبرِّ الأمان، وأردف: هذه التصريحات من الناظر ترك لم يحالفه الحظ فيها وهذه التصريحات لها تأثير على وضع الإقليم خاصة وأن الإقليم الشرقي أصبح مرتعاً للمخابرات والعصابات العابرة واللاجئين كما أن هنالك حرب أهلية في إثيوبيا.. كل هذه التعقيدات هي ضمن خطورة هذه التصريحات باعتبار أن اشتعال الحرب في تلك المنطقة يصعب إخمادها.

 

سياسة خشنة

من ناحيته قال الخبير الدكتور الفاتح محجوب في حديث لـ(اليوم التالي): يعتبر الناظر محمد الأمين ترك رئيس مجلس نظارات وعموديات البجا المستقلة أحد أهم الشخصيات في شرق السودان ويشغل منصب نائب رئيس الكتلة الديمقراطية للحرية والتغيير التي يتزعمها السيد جعفر الميرغني، وهو بالتالي يعتبر شخصية مؤثرة في السودان.

وتابع: تصريحات محمد الأمين ترك تعتبر نوع من ممارسة السياسة، لكن بطريقة خشنة وهي أيضاً رد غير مباشر على بعض قيادات الحرية والتغيير المجلس المركزي ممن قالوا إنه غير مدعو للتوقيع على الاتفاق الإطاري ورد على العسكر الذين تجاهلوا مطالب أهل شرق السودان وفي حال وقعوا اتفاقية ثنائية مع قحت المجلس المركزي من دون استصحاب أهل شرق السودان ولذلك لا أحد من قيادات العسكر أو من الحرية والتغيير سيتجاهل حديث الناظر محمد الأمين ترك ولا أحد منهم يجرؤ على محاسبته، بل يعملون معه لحل أزمة شرق السودان.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب