العابثون..!!

إليكم ……………. الطاهر ساتي
:: ومن الأخبار غير المطمئنة، قرر مجلس مدير عام التعليم بالخرطوم إخضاع تجربة المدارس النموذجية لعملية تقييم للنواحي التشريعية والإدارية والفنية توطئة للعودة المرحلة بعد معالجة أوجه القصور والسلبيات.. وكما تعلمون، فإن فكرة المدارس النموذجية (فكرة سياسية)، ومن محاسن حكومة حمدوك – وقد أشدت بها – إلغاء المدارس النموذجية، وتم ذلك قبل عامين.. ويبدو أن العابثون بالتعليم عادوا إلى هذا القطاع، ليعيدوا مُكرهم وعبثهم.. وفسادهم التربوي والتعليمي..!!
:: فالعابثون بلا مراعاة للجوانب النفسية للطلاب، كانوا يرتكبون جريمة تقسيم المدارس إلى (نموذجية) و(جغرافية).. والنموذجية بدعة ماكرة، مراد بها الهروب من مستنقع الفشل العام.. فمع تردي التعليم العام، وتفوق التعليم الخاص، لم يجدوا ما يغطون به فشلهم غير اختراع فكرة المدارس النموذجية، بحيث تكون هذه المدارس طوق نجاة لفئة قليلة جداً من الطلاب، لا تتجاوز نسبتهم (1%) من كل طلاب التعليم العام.. فالنموذجية تستوعب الطلاب المتفوقين في امتحانات الأساس، لتنافس بهم طلاب المدارس الخاصة في امتحانات الشهادة السودانية..!!
:: قانونياً وأخلاقياً، ليس هناك ما يمنع جمع المتفوقين في مدارس مسماة بالنموذجية.. ولكن، ليس من العدل ولا مكارم الأخلاق، أن تتفرغ الحكومة لخدمة المدارس النموذجية، بحيث تشرف عليها وتراقبها ثم تمدها بالكفاءة وكل عوامل النجاح، ثم تدع المنسيون في المدارس الجغرافية لضنك التعليم و(مناخ الفشل)..!!
:: (الطلاب ذوو المستويات الأدنى يؤثرون على الطالب المتميز ويضعفون مستواه، والصفوة المتميزة عندما تكون مع بعضها تسير إلى الأمام)، هكذا الفكرة الخبيثة التي يتكئ عليها هذا الظلم.. فالتلميذ القادم من مرحلة الأساس، والمسمى بالمتميز، إلى مدرسة ثانوية حكومية نموذجية، يحظى بالإدارة المهنية والكادر المؤهل والكتاب خصماً من ميزانية الدولة التي يساهم فيها كل أفراد الشعب.. أي يحظى ذاك الطفل بالاحترام والثقة والعظمة، فينجح وتتصدر مدرسته الحكومية قائمة (الأوائل)، وهذا حق مشروع للطالب والمدرسة..!!
:: ولكن التلميذ الآخر، والقادم من مرحلة الأساس أيضاً، إلى مدرسة ثانوية حكومية جغرافية، فإن وجد المعلم لا يجد الكتاب، وإن وجد الكتاب لا يجد الفصل، وإن وجد الفصل لا يجد المعلم، وهكذا.. أي لا يجد الاحترام والثقة.. وعندما تتباهى سلطات التعليم بدخول بضعة طلاب بمدارس نموذجية في قائمة المائة الأوائل في نتائاج الشهادة السودانية، فإنها تتناسى بأنها ظلمت آلاف الطلاب بالمدارس الجغرافية بحرمانهم من عوامل التفوق وبهدم أضلاع مثلث النجاح على رؤوس طموحات أسرهم..!!
:: ومع هذا التصنيف غير العادل، كانت هناك ظاهرة (غير تربوية)، وهي أن هناك مدارس نموذجية كانت تقبل أعداداً قليلة من الطلاب المتفوقين (مجاناً)، ثم تخصص مقاعد الفصول – أو فصول كاملة – للقبول الخاص، أي تتتخذ الطلاب المتفوقين (طُعماً) تصطاد بهم طلاب القبول الخاص، وهذا غير أخلاقي وغير تربوي.. فإن كانت ثمة مقاعد إضافية في المدارس الحكومية، فالعدالة تقتضي رفع الحد الأدنى للقبول بحيث تستوعب تلك المقاعد المزيد من الطلاب الناجحين (مجاناً)، بدلاً عن بيع فرص القبول (لمن يدفع)، أو كما كانوا يفعلون..!!


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب