زيادة الرسوم الحكومية.. جيب المواطن الطريق لملء الخزينة!!

وزارة المالية: الزيارات 100% في كل الرسوم والخدمات
محلل اقتصادي: على الجميع التصعيد القانوني ضد الحكومة التنفيذية
مفوضية حقوق الإنسان: على الحكومة رفع المعاناة بدلاً من سد العجز عن طريق المواطنين
قانوني: قرارات رفع أسعار الخدمات باطلة قانوناً لغياب الموازنة والمجلس التشريعي
مركز الخرطوم لحقوق الإنسان: بسبب تجاهل الحقوق الاقتصادية أصبح الشعب السوداني من أفقر شعوب العالم

مهما بلغ الحال من التردي الاقتصادي ومهما ساءت الأوضاع وكثرت المشاكل وتدهورت الظروف فإنه لا يمكن أن تعتمد حكومة جاءت على دماء وأرواح الشباب وأشلاء الشهداء ودموع النساء والآباء ونواح الأسر، في موازنتها المالية التي تنفق منها على جيوشها ونثرياتها وعلى مصروفاتها في ذلك على ما تبقى من حفنة جنيهات معدودات تعتمد عليها الحكومة لتسد به عجزها المالي والاقتصادي في بلد مهما تحدثت لا تستطيع أن تعدد ثرواته ولكنها نهاية الزمان أن يولي ويسند الأمر إلى غير أهله وصدق الرسول عندما قال: ما تزال أمتي بخير ما لم يضيعوا الأمانة)،.ضياع الأمانة هو إيكال الأمر لغير أهله في زماننا هذا..
بالأمس تفاجأ كثير من المواطنين داخل مجمعات خدمات الجمهور بزيادة في رسوم استخراج المستندات والأوراق الثبوتية بلغت أكثر من 100% دون مراعاة لأي ظروف ..
حيث عللت وزارة المالية أنها أجازت هذه الزيادات في مرحلتها الأولى وأصبحت ملزمة وواجبة النفاذ من بداية الأول من يناير للعام 2023. .
(اليوم التالي) رصدت بعض من الملاحظات والانتقادات التي وجهت للحكومة بصورة أشمل ولوزارة المالية بصفة خاصة جراء تلك الزيادات .

تحقيق: النذير دفع الله
بيان حقوقي
البيان الذي أصدرته المفوضية القومية لحقوق الإنسان أمس الأول يمثل فاتحة خير جديدة فيما يتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية حيث وجد البيان إشادة واسعة من المهتمين بقضايا الناس ومن الداعمين لحقوق الإنسان، وقالت المفوضية في بيانها إنها تتابع بقلق بالغ الزيادات الأخيرة التي طرأت على بعض الخدمات، في موازنة العام 2023، وإذ تأسف المفوضية القومية لحقوق الإنسان، على هذه الزيادات التي لم تراعِ الحالة الاقتصادية والأوضاع المعيشية للمواطنين، فإنها تؤكد الآتي: تطالب السلطات بإلغاء هذه الزيادات التي طرأت، والتي من شأنها التأثير على تمتع الأشخاص، بطائفة كبيرة من الحقوق. كما تعبر المفوضية القومية لحقوق الإنسان، عن انزعاجها البالغ من الزيادات في الرسوم الدراسية، وتؤكد أن هذا الإجراء يتعارض مع الحق في التعليم. حيث طالبت المفوضية القومية لحقوق الإنسان السلطات، بمعالجة العجز في الموازنة بعيداً عن تحميلها للمواطنين، الذين هم بالأساس يعانون من الأزمة الاقتصادية، والتي أثرت تأثيراً بالغاً على تمتعهم بجميع الحقوق، بما في ذلك الحق في الغذاء الكافي، والحق في التمتع بالصحة .
وأوضحت المفوضية أنها لاحظت أن هذه الزيادات، بنسبة أكبر في بعض الولايات. وشددت المفوضية على أن مثل هذه الإجراءات من شأنها زيادة الاحتقان وارتفاع معدلات الفقر.
دعوى قضائية
فيما تقدم المحلل الاقتصادي الدكتور ناجي مصطفى برفع دعوى ضد وزارة المالية كطرف أول مشكو ضده ووزارة الداخلية كطرف ثانٍ تتعلق بإيقاف تنفيذ الزيادات التي تمت في الرسوم الحكومية والخدمات، وقال ناجي على صفحته في الفيس بوك: واجب وطني على الجميع الآن التصعيد القانوني ضد الحكومة التنفيذية، في مقابلة الغلاء ورفع أسعار الخدمات، كل قرارات الحكومة برفع أسعار الخدمات باطلة قانوناً في ظل غياب الموازنة والمجلس التشريعي، على كل متضرر التوجه لأقرب محكمة إدارية.

متابعة جماهيرية ..
وقال مدير مركز الخرطوم الدولي لحقوق الإنسان، مؤسس الحركة الجماهيرية الحقوقية، دكتور أحمد المفتي المحامي والموثق لـ(اليوم التالي) إن اهتمام النخب السياسية المدنية والعسكرية، وكافة الكيانات الحقوقية، والسياسية، انصب جل اهتمامهم بحقوق الإنسان السياسية، مثل حرية النشر والتعبير، وحرية التجمع السلمي، على حساب الحقوق الاقتصادية، التي ترفع المعاناة اليومية عن كاهل الجماهير، على الرغم من أن الحقوق الاقتصادية، هي المجموعة الأولى، من المجموعات الخمس التي وردت في العهدين الدوليين، علماً بأن الحقوق السياسية هي المجموعة الخامسة والأخيرة. مضيفاً: وبسبب تجاهل الحقوق الاقتصادية، على الرغم من المعاناة التي يسببها ذلك التجاهل للمواطنين، أصبح السواد الأعظم من جماهير الشعب السوداني، من أفقر شعوب العالم، وعلى الرغم من أن السودان، يزخر بموارد طبيعية ضخمة جداً جداً، ولذلك أسسنا الحركة الجماهير الحقوقية عام 2005، لتدارك ذلك التجاهل للحقوق الاقتصادية .
وأكد المفتي أن مركز الخرطوم الدولي لحقوق الإنسان، قد درج على إصدار منشورات، تطالب كافة المبعوثين الحقوقيين الأممين للسودان منذ 1993م، بإعطاء اهتمام للحقوق الاقتصادية، يماثل الاهتمام الذي يعطونه للحقوق السياسية، ولكن لا حياة لمن تنادي .

موازنة قاسية
وقال مصدر مطلع لـ(اليوم التالي) إن ميزانية العام الماضي كانت 2,9 ترليون، أما ميزانية العام 2023 فتجاوزت الزيادات فيها نسبة 100% حيث بلغت الميزانية لهذا العام 6,7 ترليون تعتمد في غالبها من المصادر والإيرادات المتعلقة بالرسوم والضرائب..
وأضاف المفتي لـ(اليوم التالي) أن المالية أصدرت بعض المناشير والموجهات التي تسمح بتطبيق تلك الزيارات ابتداءً من تاريخ 1/1 إذ أن الموازنة إجرائية تعتمد ثلاثة مستويات.. اللجان الفنية وهؤلاء يأتون من جميع المؤسسات ويقومون بالإجراءات الفنية، ثم الوزراء وهؤلاء يوافقون على ما تم من قبل الفنيين التابعين لهم، ثم المستوى الثالث المتعلق بالمجلس التشريعي وهنا يمثل المجلس السيادي هذا الجانب ومهتمه إجرائية وشكلية .
وجدد المصدر أن الزيادات التي حدثت في رسوم الأوراق والمستندات الرسمية حدثت العام الماضي في عملية زيادة تعرفة الكهرباء قبل أن يتم إلغاؤها مرة أخرى موضحاً أن الزيادات تتم إجازتها في المرحلة الأولى من قبل وزارة المالية كاشفاً أن الزيادات شملت كل الرسوم الحكومية مثلاً رسوم الدخول إلى مطار الخرطوم كانت 500 العام الماضي هذا العام ومنذ أمس أصبحت 1000ج .
مبيناً أنه في مرحلة الإجازة الأولية لا أحد يقف أمامها، وذلك للمصلحة المشتركة المتعلقة بالمصروفات المخصصة للمؤسسات التي تحصل الرسوم وكذلك مصروفات الفصل الأول والتنمية والخدمات بالإضافة لمشروعات دارفور وعملية السلام.. كل هذه المشاريع يتم الصرف عليها من الموازنة .
وأكد المصدر أن المالية أصدرت منشوراً بأن جميع الخدمات الحكومية التي تقدمها للمواطن ستكون بسعر التكلفة الحقيقية للخدمات بمعنى أنه لا يوجد أي دعم لأي خدمة في أي مرحلة من المراحل وتمت إجازتها في المرحلة الأولى في الموجهات والمنشور، أما الإجازة في المرحلة الثانية، فإنها تتعلق بالأرقام فقط ..
رفع المعاناة ..
وقال رئيس المفوضية القومية لحقوق الإنسان الدكتور رفعت مصطفي لـ(اليوم التالي) إن المفوضية تتابع بقلق بالغ الزياداتالتي طرأت على بعض الخدمات، والتي نعتقد أنها زيادات لا تراعي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة للمواطنين.
وأضاف رفعت أن الناس حالياً يعيشون في ظل ظروف صعبة ومن المناسب أن تعمل الحكومة على رفع المعاناة عن المواطنين بدلاً عن محاولات معالجة العجز في الموازنة عن طريق إثقال كاهل المواطنين.
موضحاً أن هذه الزيادات بالطبع ستزيد من معدلات الفقر وستزيد من الفجوات التي تعاني منها الأسر وبخاصة الأسر محدودة الدخل، والتي تعاني أساساً في الحصول على الحقوق الأساسية بما في ذلك الغذاء الكافي والصحة والتعليم وغيرها من الحقوق..