الخرطوم وتل أبيب.. قمة مغاربية.. تعيد فتح الملف بقوة!

 

_ عبدالرحمن أبو خريس: حكومة الإطاري تواجه تحدياً في التعامل مع إسرائيل!

_ الوليد مادبو: إسرائيل تستغل الفراغ الدستوري في السودان!

_ صلاح الدومة: ليس من العدل ربط مصير السودان العظيم بمصير دولة آيلة للسقوط!

_ استراتيجي: النخب بحاجة لمزيد من التركيز في التعامل مع الملف

الخرطوم: إبراهيم عبد الرازق

كشفت صحيفة إسرائيلية عن مشاركة السودان في قمة مغربية لدول التطبيع، وصدقت الأخبار أم لم تصدق فإن الأسئلة تترى، (هل سيكمل البرهان ما بدأه مع نتنياهو في (عنتيبي)، وذلك اللقاء الشهير كذلك ما الضغوط الإسرائيلية المتوقعة على البلاد لأخذ مواردها والاستفادة من التطبيع معها في مواجهة الانتفاضة الفلسطينية عن طريق ضربها من الخارج، وكذلك في تجميل وجه تل أبيب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي توشك مواجهة إسرائيل بسؤال: هل هي دولة احتلال أم غير ذلك؟، وأخيراً ماذا أعدت حكومة الإطاري المرتقبة لمواجهة الملف الإسرائيلي، هل ستقبل بالتطبيع وتواجه الشارع السوداني بقيادة الشيوعي والبعثي والحركة الإسلامية، أم ترفض التطبيع، وتواجه الدول الراعية للتسوية وأبرزها الولايات المتحدة ومصر.. (اليوم التالي) استفتت خبراء حول القضية وخرجت بالتالي..

 

أخبار وتكهنات !

صحيفة إسرائيلية قالت: إن السودان سيجتمع بحسب الخارجية الإسرائيلية مطلع مارس المقبل في قمة للدول ذات العلاقات الطبيعية مع إسرائيل مثل الإمارات والمغرب، وذلك بُعيد اجتماع مصغر للمدراء العامين لوزارات الخارجية لتلك الدول، وقبل أشهر كشفت صحف إسرائيلية عن طلب لوزير الخارجية الأمريكي من إسرائيل بالتوسط لها لدى المكون العسكري، وبينما يرى إعلاميون سودانيون أن ما يجري مع إسرائيل أمور غامضة ولا تتوفر حولها معلومات، وأن ما يرشح يأتي دائماً فقط من الجانب الإسرائيلي، لكن إعلاميين إسرائيليين قالوا إن المعلومات متاحة وأن العلاقات تسير قدماً، وأشاروا إلى طلب بايدن في التوسط لدى إسرائيل، والذي أوردته صحف صادرة في الخرطوم.

وظهر مشروع التطبيع مع إسرائيل بصورة واضحة أواخر سنوات حكم النظام المباد والذي يعتقد أنه مضى قدماً شاء أو أرغم في التطبيع مع دولة الكيان الصهيوني.

 

الفراغ الدستوري!

وقال الخبير الاستراتيجي في الحوكمة د. الوليد مادبو عضو منظمة التنمية العالمية لـ(اليوم التالي) أمس إن إحراز السلطات الحاكمة الآن لأي تقدم في العلاقات الخارجية خاصة مع دولة إسرائيل، لن يبنى عليه في ظل حكومات قادمة، وبالتالي لن يكون له تأثير كبير على البلاد، وأضاف: هذا يعود لطبيعة إسرائيل نفسها والتي تعلم أنه لا مجال لها لخلق علاقات مستدامة مع الدول العربية، لذلك لا تجدها تميل لتحقيق التحول الديمقراطي في تلك الدول، فضلاً عن أنها تعي رفض شعوب هذه الدول لوجودها وسياساتها.

فهي بالتالي تركز على اصطياد الدول التي بها فراغ دستوري، وتابع مادبو: في الماضي نحن السودانيين كنا (ملكيين أكثر من الملك) في تعاملنا مع دولة الكيان الصهيوني، ولاحقاً صرنا بسبب الأنظمة العسكرية (منبطحين أكثر من اللازم)، ولفت مادبو لضرورة اتباع استراتيجية وسط في التعاطي مع هذه الدولة (جيو استراتيجية) بحيث نتقي شرورها ونحافظ فقط على القدر الذي يقينا ويحفظ مصالحنا وأضاف مادبو: إن كان ولا بد فينبغي للنخب العسكرية أن تتعامل مع الكيان الصهيوني من منظور استراتيجي، يقَيمون من خلاله مصالح السودان السياسية والاقتصادية والجيواستراتيجية، ولا ينبغي أن يخضع هذا الأمر للمصالح الفئوية أو أن يتم بدوافع شخصية ذاتية، تتعارض مع تاريخ هذا الشعب الأبي، إرثه ومنطلقاته العقائدية.

_ ربط المصير!

ومن جهته حذر المدير الأسبق لمركز الدراسات الاستراتيجية والعلاقات الدولية بجامعة أم درمان الإسلامية بروفيسور صلاح الدين عبد الرحمن الدومة من ربط مصير شعب عظيم كالشعب السوداني ودولة كبرى كالسودان بمصير دولة آيلة للسقوط وإلى زوال مثل إسرائيل، وأضاف الدومة لـ(اليوم التالي): الحديث يجب أن يكون عن مشاركة السلطة الانقلابية وليس مشاركة السودانيين أو الشعب السوداني في القمة المرتقبة، لأن حقيقة سلطة الانقلاب أتوقع  أن ستشارك في هذه القمة وفي أي قمم أخرى متاحة في المنطقة العربية، لأنهم لا يستطيعون المشاركة في قمم أفريقية بعد تجميد عضويتهم، كما هم بالتالي بحاجة لإضفاء مظهر من مظاهر الشرعية على وجودهم في سدة الحكم بالبلاد، وإضافة سجل لهم في السيرة الذاتية، وكذلك تسليط الضوء عليهم كحكام، ومضى الدومة: لكن الجانب العسكري نسي شيئاً مهماً، وهو أن هذا التسليط وتلكم الأضواء تلفت عليهم النظر، وتفتح عليهم الجراح من جانب آخر، حتى تقدمهم كحكام غير شرعيين وغير منتخبين، يقومون بأنشطة وملفات استراتيجية دون الرجوع إلى مواطنيهم أو إطلاعهم على حيثيات هذه الملفات شديدة الحساسية، والتي هي ليست من ملفات الفترة الانتقالية بأي شكل من الأشكال، في الفترة الانتقالية لتصريف الأمور بالبلاد  فقط، وليس للخوض في ملفات بهذه الدرجة من التعقيد والحساسية.

وحول تأثيرات أي بناء استراتيجي أو علاقات طبيعية مع إسرائيل من خلال السلطات الحاكمة على مستقبل البلد والحكومات المقبلة قال الدومة إنها لا تشكل خطورة باعتبار أنها ستجيب وتزول بزوال السلطة الحاكمة لأن أي نظام قادم لا سيما الديمقراطي سيلغي كل ما تم في القضايا المصيرية والاستراتيجية، ولفت الدومة إلى سهولة ذلك ونوه إلى أن السلطات الحاكمة الآن لم تستطع حتى إقامة أي شكل من أشكال المؤسسات التشريعية حتى ولو عن طريقتها كسلطة حاكمة أو حتى مجلس صوري تشريعي موالٍ لها بحيث تتحجج به لتمرير أو تبرير ما قاموا به.. ولفت الى أنه لا توجد طاولة برجلين أو ثلاث تقف على الأرض بثبات، كذلك السلطة الحاكمة أياً كان نوع وظروف تلك السلطة.

وحول زوال إسرائيل وعدم جدوى إقامة علاقات معها قال الدومة: هناك اعتراف من الإسرائيليين أنفسهم بزوال دولتهم من على الوجود بعد عقد أو اثنين لا أكثر، وزاد أن هذه الفرضية مدلل عليها من كتب سماوية بما فيها القرآن ومن أدلة على أرض الواقع، وحذر الدومة من المضي قدماً في التطبيع مع إسرائيل وتابع: انظر إلى الدول التي أقامت علاقات مع دولة الكيان الصهيوني تجدها محاصرة بالشكوك ومهددة بالصراعات الداخلية وبسلسلة من الضغوط من الدولة وأكبر حلفائها الولايات المتحدة الأمريكية.

الإطاري وإسرائيل!

وحول ظلال القمة والملف بأكمله على العملية السياسية الجارية الآن بالبلاد والتي تسمت بالإطاري قال خبير الدراسات الاستراتيجية د. عبد الرحمن أبو خريس لـ(اليوم التالي) أمس إن التسوية الجارية ستنتج حكومة تواجه العلاقات مع إسرائيل بحكم تكوينها، ولفت إلى أنها سواء أقرت بالتطبيع أو رفضته ستواجه الضغوط في الحالتين، وتابع مفصلاً بقوله: من المسائل المهمة في طبيعة العلاقات الإسرائيلية مضي رئيس الوزراء المنتخب بنيامين نتنياهو قدماً في التطبيع الدولي لا سيما عربياً وأفريقياً، باعتباره واحدة من الآليات لوأد المقاومة الفلسطينية، وذلك عن طريق ضرب الانتفاضة في فلسطين عبر البعد الخارجي، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى تطبيع العلاقات مع مزيد من الدول، سيكون له عائد على الشعوب تلك بالدعم المالي ولو عن طريق الحليف الاستراتيجي للكيان اليهودي الولايات المتحدة، كما أنه في نفس الوقت يدعم بشكل أو آخر إسرائيل فيما يلي الترتيبات للجمعبة العامة للأمم المتحدة، ومشروع إحالة الملف الإسرائيلي للجمعية لإبداء الرأي حوله، أهي دولة احتلال أم غير ذلك، وتابع أبو خريس: ومن ناحية وطنية سودانية فإن البلاد تعيش حالة من المجاهدة لتمرير عملية سياسية تحقق الاستقرار وتنقذ ما يمكن إنقاذه فهي ليست بحاجة لمزيد من التعقيد، كما أن الشعب السوداني بطبعه يرفض التطبيع مع دولة الصهاينة تتقدمه عدد من القوى السياسية لا يستهان بها كالبعث العربي والحزب السيوعي السوداني، والحركة الإسلامية، عليه فإن قمة الرباط المرتقبة في مارس تطرح السؤال: هل سيمضي البرهان في ما بدأه مع نتنياهو في (عنتيبي) واللقاء الشهير على هامش قمة سابقة، من وجه آخر يضع حكومة الإطاري المرتقبة أمام تحديين لا ثالث لهما، إما أن ترفض التطبيع وتلغي كل التفاهمات الأولية وبالتالي ستواجه أمريكا ومصر المطبعة وعدد مقدر من الراعين الرسميين للتسوية، أو تقبل التطبيع وتواجه الشارع السوداني بكل مكوناته.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب