الاستثمارات التركية.. الفرص والتحديات

الخرطوم: أمين محمد الأمين
يرى خبراء في الاقتصاد أن الاستثمارات التركية في السودان فيها مكاسب اقتصادية كثيرة، وقالوا إن تركيا مشهود لها بالباع الكبير في الخطط الاستراتيجية التي نفذت فيها، وأوضحوا أن الأتراك لهم مبادرات جيدة مع الحكومة السابقة في دخولهم للسودان، فيما استبعد آخرون مخاطرة شركات خاصة بالاستثمار في ظروف السودان الذي يعاني من عدم الاستقرار السياسي وهشاشة أمنية وضبابية في استقراء المستقبل، وطالبوا وزير المالية أن يسعى أولاً إلى توجيه المدخرات المحلية وتنشيطها وتقديم التسهيلات الضريبية، إضافة إلى تشجيع الصناعات الوطنية.

استثمارات تركية
وكان وزير المالية والتخطيط الاقتصادي د. جبريل أوضح استعداد السودان وانفتاحه على كافة الاستثمارات والشراكات الاستراتيجية مع الدول الصديقة والشقيقة في كافة أنحاء العالم وخاصة الاستثمارات التركية، وأعرب عن أمله في أن تسهم الاستثمارات التركية في إضافة قيمة اقتصادية للمنتجات السودانية تساعد على إنشاء البنى التحتية للبلاد والارتقاء بقيم الإنسان السوداني، ودعا د. جبريل الحكومة ورجال الأعمال الأتراك للاستثمار في مختلف المجالات والقطاعات الزراعية والصناعية والتعدين وتطوير البنى التحتية وخدمات التعليم والصحة بطريقة تواكب العصر معددا الموارد والمزايا التي يتمتع بها السودان في مجال الفرص الاستثمارية المتنوعة، ووجه بتذليل كافة العقبات التي تواجه الاستثمارات الأجنبية بشكل عام والاستثمارات التركية على وجه الخصوص في سبيل النهوض بالاقتصاد وتحقيق التنمية.

مجالات مهمة
وقالت الأكاديمية د. سهير صلاح إن العلاقات التركية السودانية علاقة متميزة، وأضافت: تركيا دولة يمكن أن تدخل في استثمارات كبيرة بآجال بعيدة، مبينة أنها منحت السودان كثيراً من الفرص في مجالات التنمية خاصة السياحة وترميم الآثار ومجال التعليم الفني، وطالبت بضرورة أن يكون الأمر لرجال أعمال حيث تعظم الرغبة في الربح والاستمرارية، واستبعدت أن تخاطر شركات خاصة في الاستثمار في ظروف السودان التي تعاني من عدم استقرار سياسي وهشاشة أمنية وضبابية في استقراء المستقبل، واعتبرت أن المجالات التي ذكرت “البنى التحتية والتعليم” مجالات مهمة وواعدة في السودان كالاستثمار، معتقدة أنها تحتاج إلى استقرار سياسي وأمني، وبررت ذلك لأنها تعتبر من الاستثمارات طويلة الأمد، مبينة أن التوقيت لهذه الأسباب يعتبر مخاطرة.

خفض التضخم
وقالت د. سهير في حديثه لـ”اليوم التالي” إن الزراعة والصناعة التي ترتبط بالزراعة والحيوان هي مجالات تتفوق فيها تركيا، إضافة إلى أنها تمتلك خبرات كبيرة، معتقدة أنها يمكن أن تحدث طفرة كبيرة في هذه المجالات، قاطعة أنه تسهم في زيادة صادرات السودان من الإنتاج الزراعي والحيواني التصنيع، وقالت إنه يحقق قيمة مضافة ترفع من مساهمة هذا القطاع في ميزانية الدولة، كما يحقق استقرار في سعر الصرف وخفض التضخم المتصاعد يومياً.

عامل جاذب
وفي السياق ذاته يرى أستاذ الاقتصاد بجامعة النيلين مزمل الضي عباس أن الاستثمارات التركية في السودان خطوة فيها مكاسب اقتصادية كثيرة، معتبراً أن أي علاقة اقتصادية تربط السودان بالعالم الخارجي جميلة، موضحاً أن البنيات التحتية في السودان “قطاع الخدمات والمشروعات الإنتاجية” تحتاج إلى استثمارات كبيرة جداً ليتم توجيهها بطريقة استراتيجية تخدم المواطن والدولة، إضافة إلى أنها تعمل على زيادة الناتج المحلي والقومي الإجمالي وتحسين المستوى المعيشي للأفراد ومعدلات دخولهم، وقال في حديثه لـ”اليوم التالي” إن كل هذه الأشياء مرتبطة مع عملية الاستثمار الأجنبي، مضيفاً أن السودان يعاني من ناحية البنية التحتية وهناك مشاريع أخرى ولا نستطيع تفعيلها أو جلب مسثمرين من الخارج لأن البنية التحتية في السودان ضعيفة، وتابع: مثل قطاع الطاقة ضعيف والبنيات التحتية من طرق وجسور ومستوى الاتصالات والإنترنت ضعيف، وأكد أن أي استثمار يدخل في البنيات التحتية يكون بمثابة العامل الجاذب للمستثمر الأجنبي من الخارج.

إضافة كبيرة
وقال مزمل إن تركيا مشهود لها بالباع الكبير في الخطط الاستراتيجية “ربع قرنية وعشرية وغيرها”، وأضاف: تم تنفيذها في تركيا خاصة في مجال الزراعة والصناعات الصغيرة، موضحاً أن تركيا وصلت إلى صناعة الطائرات، معتبراً أنها إضافة كبيرة للسودان ويجب الاستفادة من التجربة، وتابع: طالما هناك عقبات في التعامل مع أمريكا أو حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية والحظر الاقتصادي الذي مورس على السودان لفترات طويلة، وطالب بضرورة أن ينفتح السودان على دول أخرى، كما السياسة التي اتبعتها حكومة والإنقاذ في السابق الاتجاه شرقاً، موضحاً أنه الاتجاه إلى الصين ودول شرق وجنوب آسيا وغيرها من الدول التي يمكن للسودان أن يستفيد من تجاربها وخبراتها واستثماراتها ليوظفها داخل الدولة السودانية.

نقل خبرات
وطالب مزمل بضرورة الخروج إلى العالم الخارجي لرؤية دول ومنافذ أخرى للاستثمار داخل السودان، وقال إن الأتراك لهم مبادرات جيدة من خلال الحكومة السابقة في دخولهم للسودان ومحاولة تطوير ميناء سواكن وتطوير الخدمات في بعض الموانئ الأخرى، إضافة إلى محاولتهم إنشاء مصانع النسيج داخل السودان وإنشاء بنك يتعلق بالزراعة “بنك كتلين الزراعي” مبيناً أن أي استثمار أجنبي داخل السودان يعتبر إضافة جيدة من ناحية توظيف العمالة وزيادة معدلات دخول الأفراد، إلى جانب جلب الماكينات والرأسمالية التي تخدم الصنع ونقل الخبرات من الخارج للخبرات الداخلية، مؤكداً أن ذلك يحدث نوعاً من التمازج والتكامل بين هذه الخبرات، قائلاً إنه يصنع عقلية جديدة ونوعاً من المنافسة داخل السودان، وزاد: حتى المستثمرين الصغار “السوريون” في مجال الكافتيريات والمطاعم استطاعوا أن يغيروا من عقلية السوداني التي تعتمد على المحاكاة في الاستثمار حيث أنها خلقت نوعاً من التنافس بين السودانيين والسوريين خلقوا خدمات راقية تتعلق بالمطاعم والكافتيريات وهذا أيضاً ينعكس على الاستثمارات التركية.

نهب موارد
إلى ذلك ترى الباحثة الاقتصادية د. دلال عبد العال أن الخطوة فيها جانب سياسي بحت الذي لا يمت لخيارات الجانب الاقتصادي بصلة، وقالت في حديثها لـ”اليوم التالي” إن د. جبريل ينتمي للحركة الإسلامية الهالكة وأذرع النظام المباد من الإسلاميين، وتابعت: اليوم تأخذ من تركيا حظيرة لإخفاء ما تم نهبه من السودان من قبل منسوبي النظام اللاإسلامي المباد، موضحة أن الحكومة التركية تحتضنهم، وأوضحت أن التوقيت ليس مناسباً لفتح مجالات الاستثمار الأجنبي، مبينة أن رأس المال جبان لا يدخل إلى دولة تعاني من عدم الاستقرار السياسي وتتجه نحو انحدار وتدهور في جميع المؤشرات الاقتصادية، وأكدت أنه إذا لم يتم وضع أسس لاستقرار اقتصادي لن تدخل إلى بلادنا أي استثمارات الا إذا كان القصد منها نهب مواردنا لا غير.

مصلحة البلاد
ولفتت إلى أن فرص النجاح لأي شكل استثمار لا يتم إلا تحت بيئة استثمارية نقية، تشريعات وقوانين منظمة مرنة إضافة إلى جهاز مصرفي يتداخل مع النظام المصرفي العالمي ويلبي متطلباته، إلى جانب وضع ضوابط تراعي مصلحة البلاد في حركات الأرباح، وقالت: أرى الفشل من وزير المالية جبريل، وبررت ذلك لأنه بتصربحه هذا إما ينم عن عدم درايته بما تعانيه البلاد وما تمر به من ظروف اقتصادية وسياسية، أو أنه يبحث عن موطئ قدم للحركة الإسلامية التي ينتمى إليها.

تسهيلات ضريبية
ونوهت د. دلال إلى أنه في الوقت الحالي لا يمكن أن يحقق السودان اقتصادياً من هذه الخطوة سوى مزيد من هروب رؤوس الأموال المحلية إلى دول أخرى، مشيرة إلى أنه بدلاً من البحث عن رأس المال الأجنبي، فليسمح لرأس المال المحلي الوطني بولوج الاستثمارات في المشاريع خاصة الزراعية التكاملية رأسياً أو أفقياً، وطالبت وزير المالية د. جبريل أن يسعى أولاً لتوجيه المدخرات المحلية وتنشيطها وتقديم التسهيلات الضريبية لها وتشجيع الصناعات الوطنية، موضحة أن العالم كله يخطو نحو أزمة اقتصادية تتعلق بالأمن الغذائي.

منفعة متبادلة
وبخصوص مستقبل العلاقة بين البلدين قالت: ربما يكون شكل العلاقة بين تركيا والسودان له فرص أن يحقق نجاحات إذا غيرت تركيا نظرتها للسودان، مضيفة أن تركيا ترى في السودان مزرعة لنهب مواردها واستغلال مساحاتها لتعزيز حركة ميزان مدفوعاتها، وتابعت: فالمصلحة منذ سنوات خلت بنيت على المصلحة من جانب واحد يصب في خانة مصالح دولة تركيا، وطالبت حكومتنا الوطنية القادمة بإذن الله بعد زوال حكم العسكر وزوال سيطرة التنظيم الإسلامي العالمي الذي يتخذ من تركيا أيضاً ملجأً آمناً لحفظ ما ينهبه ويتحصل عليه بصورة غير مشروعة في ظل “اقتصاد خفي عابر للدول” تديره تركيا عبر دول مثل السودان وغيره، طالبت حكومتنا التي سنختارها بعد استكمال ثورتنا أن تضع العلاقات الاقتصادية الدولية في إطار مستوى المصلحة المشاركة بين البلدين وتحقيق منفعة متبادلة.

شرك انهيار
وأشارت إلى أن تركيا إذا لم تخرج من عباءة الحركة الإسلامية سيظل الاقتصاد التركي مهدداً، وأوضحت أنه ما زال يعتمد على الجانب الخدمي ويتناسي الجانب الإنتاجي ومواكبة العالم من حيث استحداث شكل اقتصادات تراعي الميز النسبية، إلى جانب أنها ما زالت تعتمد على السياحة والعقارات والمضاربات في الأسواق المالية وتنشيط وتشجيع الاقتصاد غير الوطني والإنتاجي الذي سيقود تركيا إلى شرك الانهيار.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب