(بدعة مدني)

إليكم ………………… الطاهر ساتي

:: وصلاً لزاوية الأمس، وكانت مساعي البعض لإعادة إنتاج الكارثة التربوية المسماة بالمدارس النموذجية.. وبالمناسبة، هناك من يظن أن المدارس النموذجية فكرة قديمة، ومنها مدارس خور عمر وحنتوب وخور طقت وغيرها من المدارس القومية التي تم تجفيفها.. ولكن الأمر ليس كذلك.. فكرة المدارس النموذجية تختلف – شكلاً ومضموناً – عن تلك الفكرة المدارس القومية.. فالنموذجية بدعة سياسية ابتدعها وزير التعليم الأسبق محمد الشيخ مدني في العام الدراسي (1994 – 1995)..!!
:: وكما ذكرت، فمع تردي التعليم العام، وتفوق التعليم الخاص، لم يجدوا ما يغطون به فشلهم غير اختراع فكرة المدارس النموذجية، بحيث تكون هذه المدارس طوق نجاة لفئة قليلة جداً من الطلاب، لا تتجاوز نسبتهم (1%) من كل طلاب التعليم العام.. ولا تزال الغاية من هذه المدارس النموذجية هي فقط استيعاب هذه الفئة القليلة من المُتفوِّقين في امتحانات مرحلة الأساس، لتُنافِس بهم الحكومة طلاب المدارس الخَاصّة في امتحانات الشهادة السودانية..!!
:: نعم، قانونياً وأخلاقياً ليس هُناك مَا يَمنع جَمع المُتفوِّقين في مدارس مُحدّدة.. ولكن، ليس من سلامة التربية أن تتفرّغ سُلطات التعليم لهذه المدارس النموذجية، بحيث تشرف عليها وتُراقبها، ثُمّ تمدّها بكل عوامل النجاح، ثُمّ تَدَعَ المنسيين في المدارس الجُغرافية لضنك التعليم وعوامل الفشل.. ومن يطالب بإلغاء المدارس النموذجية لا يطلب غير العدل والمساواة – بين مدارس السودان – من حيث توفير المعلم والكتاب والإجلاس والبيئة التعليمية المثالية..!!
:: وغير أنها من وسائل الظلم، فمن الأخطاء التربوية تقسيم أطفال هذه المرحلة إلى أذكياء يجب الاعتناء بهم في نعيم النموذجية وأغبياء يجب رميهم في جحيم المدارس الجغرافية.. (هنالك مؤشرات تؤكد نجاح تجربة المدارس النموذجية حيث احتلت المدارس النموذجية المراكز الستة الأولى على مستوى الشهادة الثانوية)، محمد الشيخ مدني متحدثاً عن أهم أهداف المدارس النموذجية.. ومن المؤسف أن يكون ما يشغل بال مدني هو الترتيب وليس التحصيل..!!
:: لو كان محمد الشيخ مدني من ذوي الطموحات السامية، لاقتدى بالدول ذات النظم المثالية في التربية والتعليم.. ومنها اليابان، على سبيل المثال، وفيها من الصف الأول الابتدائي، وحتى نهاية المرحلة المتوسطة، لا يُوجد ما يُسمى – في نهجنا المتخلف – بالنجاح والرسوب، ولا الأول و(الطيش).. فالبلاد بحاجة إلى تعليم مثالي ليخرج من مستنقع الفشل العام، وهذا هو التغيير المنشود، وبه تتغير كل مناحي الحياة نحو الأفضل..!!
:: فالهدف في مرحلة الطفولة ليس هو تلقين الطفل المواد ليرددها كالببغاء، ولا الهدف تصنيفهم إلى (أوائل وأواخر)، بل هناك أهداف سامية في هذه المرحلة الخطرة، وكان على محمد الشيخ مدني أن يتطلع إليها، وهي التربية وبناء الشخصية واكتشاف الموهبة واكتساب المعرفة.. وما لم يصبح التعليم مثالياً فلا معنى لترتيب المدارس والتلاميذ، وقديماً قالوا (في سباق الحمير الأول حمار والطيش حمار).. يجب التوقف عن تلويث العقول بالمفاهيم المتخلفة، ثم التفكير في كيفية تأسيس نظم التربية والتعليم المثالية..!!


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب