بعد المرحلة النهائية.. هل يمكن تطبيق الاتفاق دون “قوى الثورة والكتلة الديمقراطية”؟

جعفر خضر: المجلس المركزي لا يستطيع تطبيق الاتفاق دون قوى الثورة
محي الدين إبراهيم: تطبيق الاتفاق النهائي بحاجة إلى توافق سياسي وشعبي
عروة الصادق: المركزي لا يرغب في تجاوز أحد
الخرطوم: محجوب عيسى
أثار تدشين المرحلة النهائية من الاتفاق الإطاري جدلاً واسعاً، حول إمكانية الوصول إلى اتفاق بين الكتلة الديمقراطية وقوى الثورة وتطبيق الاتفاق النهائي دونهم.
وأكد متحدثون لـ(اليوم التالي) أن المجلس المركزي للحرية والتغيير لا يستطيع تطبيق الاتفاق دون توافق سياسي وشعبي شامل.
وفي غضون ذلك أكد المجلس المركزي أنه لا يرغب في تجاوز أحد، مشيراً إلى وجود تفاهم نظري بينهم والكتلة الديمقراطية ولا سيما وأنهما يريدان تحقيق أهداف الثورة واستكمال مسار التحول المدني الديمقراطي وإبعاد المؤسسة العسكرية عن الحكم وتطبيق الاتفاق السلام.
تفاهم نظري
يقول القيادي بالحرية والتغيير المجلس المركزي نور الدين صلاح الدين، لـ(اليوم التالي): هناك تفاهم نظري حول نقاط اتفاق بين الكتلة الديمقراطية والمجلس المركزي لا سيما وأن كلا الطرفين يتحدثان عن تحقيق أهداف الثورة واستكمال مسار التحول المدني الديمقراطي وإبعاد المؤسسة العسكرية عن الحكم وتطبيق اتفاق السلام.
واستدرك أن الممارسة العملية تشير إلى ارتكاب الكتلة الديمقراطية خصوصاً قوى الكفاح المسلح أخطاء في الفترة الماضية واتخاذها مواقف معادية تجاه قضايا الثورة وما يريده الشعب السوداني.
وأكد صلاح الدين سعي المجلس المركزي لإحداث تفاهمات مع القوى ذات الصلة باتفاق جوبا باعتبار أنها كانت في السابق جزءاً من الحرية والتغيير، ويوضح أنها تفاهمات مع حركتي العدل والمساواة وجيش تحرير السودان، وذلك لعدم حدوث استقرار سياسي أو تحول مدني.
ويضيف: ما تم رفضه من المركزي في السابق لن يقبله الآن، فضلاً عن أن المركزي ضد إغراق العملية السياسية بقوى غير حقيقية أو مثلت دور الظهير السياسي للانقلاب، أو كانت واجهات لنظام البشير.
فشل تنفيذ
ومن جهته يقول القيادي بالكتلة الديمقراطية الناطق باسم التحالف الديمقراطي للعدالة الاجتماعية المكلف، محي الدين إبراهيم جمعة، في إفادة لـ(اليوم التالي) إن تطبيق بنود الاتفاق النهائي والتي تحمل القضايا الخمس القضايا الجوهرية ملك للشعب السوداني وليست للمجلس المركزي وتكمن أهمية القضايا في التفاصيل وكيفية تطبيقها من خلال الأجهزة التنفيذية وأن الأمر يحتاج إلى توافق سياسي وشعبي لتسهيل عملية التطبيق والوصول إلى تراض سياسي وشعبي خاصة فيما يتعلق بقضية العدالة الانتقالية وقضية الشهداء وفض اعتصام القيادة العامة، وكذلك كيفية تفكيك نظام الإنقاذ والتعامل مع ملف السلام والذي أعلن عنه من قبل المجلس المركزي موقف سلبي تجاهه والأمر الذي يؤدي إلى إفشال أي محاولة لتنفيذ الاتفاق.
ويشير محي الدين إلى أن العملية السياسية الآن بحاجة إلى اتفاق سياسي جديد، مسار ثالث يشمل بنوداً من الاتفاق الإطاري وأخرى من الإعلان السياسي لقوى الكتلة الديمقراطية بالإضافة إلى رؤية لجان المقاومة وبقية القوى السياسية المدنية وكذلك رؤية المكون العسكري خاصة في تحديد وضعيتها خلال الفترة الانتقالية المتبقية من حيث الصلاحيات السيادية والتنفيذية ولا سيما رؤيته في مسألة إصلاح المؤسسة العسكرية وكيفية تحقيق الترتيبات الأمنية، وأيضاً كيفية مراجعة الشركات التجارية التابعة لهم وإرجاعها إلى ولاية وزارة المالية.
ويقول: إنه قبل الوصول إلى جلسة الاتفاق النهائي للمجلس المركزي كانت هناك مباحثات وجلسات مشتركة، بين الكتلة الديمقراطية والمجلس المركزي والمكون العسكري، وإن دور المكون العسكري برئاسة البرهان هو تقريب وجهات النظر، وتم الاتفاق على إلغاء الاتفاق الإطاري والوصول إلى صيغة جديدة وإعلان سياسي جديد، إلا أن المجلس المركزي استمر في الانفراد بالعملية السياسية وإقصاء بقية القوى السياسية.
ويضيف: نرفض الخطوة غير الصحيحة وندعو إلى حوار سوداني ـ سوداني بمشاركة كافة القوى السياسية الراغبة في استقرار البلاد، عدا نظام المؤتمر الوطني، كذلك في سبيل التوصل إلى توافق عاجل رحبنا بالمبادرة المصرية التي دعت إلى الحوار بين الفرقاء بغية الوصول إلى توافق سياسي.
وأردف جمعة: لم نزل نسعى لإيجاد حلول شاملة للأزمة السياسية الراهنة، وفي حال انفراد المجلس المركزي بالعملية السياسية، يزيد من تفاقم الأزمة السياسية، ونواجه الاتفاق بكل الآليات المشروعة لإسقاطه لجهة أنه لا مجال لتكرار العقلية الأحادية الإقصائية المركزية، بعد ثورة ديسمبر، كذلك قدمت الكتلة تضحيات عظيمة في الثورة ولن نرضى بحلول لا تحقق إرادة الشعب.
سحب بساط
ولم يذهب رئيس حركة بلدنا جعفر خضر بعيداً: ويقول في حديثه لـ(اليوم التالي) إن المجلس المركزي لا يستطيع تطبيق الاتفاق الإطاري دون مشاركة قوى الثورة الحقيقية، وذلك لأن الحرية والتغيير استطاعت تحقيق وتطبيق الاتفاق السياسي والوثيقة الدستورية، عندما كانت تتمتع بسند كبير من الشارع السوداني في العام 2019، ويرى خضر أن المكون العسكري استطاع سحب البساط من تحت المجلس المركزي واستيلائه على ملف العلاقات الخارجية، وملف السلام، والاقتصاد، وعمل وزارة الداخلية، بالإضافة للقوات المسلحة، فكيف تستطيع الحرية والتغيير أن تصل إلى اتفاق نهائي، مفيد للشعب السوداني؟ وهي تعاني من كل العزلة.
ووصف خضر الحوار بين المركزي والكتلة الديمقراطية، بأنه “عرضة بره الدارة” ويشرح أن الحرية والتغيير المجلس المركزي تجاوزت القوى الثورية الفاعلة، من لجان مقاومة وغيرها، ومضت إلى الوصول إلى صيغة اتفاق مع الانقلابيين بدفع من المجتمع الدولي.
ويشير إلى أن الكتلة الديمقراطية داعمة لانقلاب ٢٥ أكتوبر، وأحد ممهدات الانقلاب عبر اتفاق سلام جوبا، لذلك يستحسن النظر إليهم كإحدى وجهات الانقلاب، لا سيما وأن البرهان يوظفها في الوقت المناسب له، للإخلال بـ(التوافق) ومن ثم إعادة اللعبة.
ويلفت إلى أن مكونات الكتلة الديمقراطية، تعمل لمحض الامتيازات الشخصية لقادتها ومعزولة عن القواعد التي تدعي أنها تمثلها، وضالعة في العمالة لدول خارجية، واستشهد بتوقيع وزير المالية جبريل إبراهيم على عقد ميناء أبو عمامة مع الإمارات، وقال إنه عطاء من لا يملك لمن لا يستحق، بجانب دور المخابرات المصرية في تحريك الاتحادي الأصل.
وأكد أنه في حال ضمنت الكتلة الديمقراطية نصيباً من السلطة والثروة ستشارك في الاتفاق النهائي.
إلا أنه عاد وقال إن مشكلة الاتفاق النهائي تكمن في غياب القوى الثورية الحقيقية، واضاف قد يصل إلى صيغة تجعل من البرهان متنفذاً في إمبراطورية الجيش المستقلة، ومن حميدتي مستقلاً بجيشه، مع ضمانات بعدم المساءلة الجنائية، مما يجعلهما قادرين لتنفيذ انقلاب جديد متى أرادا ذلك.
استصحاب آراء الجميع
غير أن القيادي في حزب الأمة القومي عروة الصادق، يختلف مع الآراء السابقة، ويرى خلال حديثه لـ(اليوم التالي) أن المجلس المركزي لا يبحث عن اتفاق مع الكتلة بقدر ما يريد تنازل الكتلة عن تمسكها بالانقلاب والحديث عن شراكة على أساس الوثيقة الدستورية الممزقة، وأن المركزي يحاول الحديث تحديداً مع مناوي ودكتور جبريل، لأن المرحلة الحالية تتطلب استصحاب آراء الجميع في ملف مؤتمر سلام جوبا، وأن محاولات إغراق العملية بمن جاء بهم اعتصام القيادة العامة فلا سبيل لذلك، والمجلس المركزي الآن جزء من عملية أطرافها قوى الثورة وقوى الانتقال، وجميعهم منفتحون للتقدم للأمام ولكنهم يرفضون الجرجرة إلى الوراء وإلى الوثيقة الدستورية، أو جرهم إلى دول أخرى لإجراء مباحثات فيها.
ويقطع الصادق بأن المركزي لا يرغب في تجاوز أحد وكل من يريد اللحاق بالعملية وفق شروطها الماثلة وأجندة الاتفاق الإطاري بضرورة إبعاد العسكر عن السياسة ومدنية الحكم والسلطة والدولة، وإعادة أنشطة تفكيك النظام وإكمال سلام جوبا وسد ثغراته ومعالجة أزمة الشرق، وإصلاح الأجهزة الأمنية، وهو ما ارتضاه العسكر ويرفضه بعض من في الكتلة.