التفكيك الملح

عمود بلاغ

لؤي عبدالرحمن

حسناً وضعت أطراف الاتفاق الإطاري قضية تفكيك نظام الثلاثين من يونيو 1989 في مقدمة القضايا التي تحتاج إلى تقييم وتقويم وعقدت مؤتمرا لذلك كأول مؤتمر بعد تدشين المرحلة النهائية من العملية السياسية الا أن لجنة أو مفوضية إزالة التمكين القادمة وبعد معالجة المسائل الفنية والقانونية ستجد نفسها مطالبة بتفكيك ثلاثة أنظمة أو قل فترات حكم ظهر فيها الفساد بشكل جلي حتى أصبح حديث الناس.
الفترة الأولى هي فترة حكم الإنقاذ التي شهدت إقصاء كل مواطن لا ينتمي للحركة الإسلامية أو حزب المؤتمر الوطني حتى ولو كان يملك أعلى الشهادات وهو ما دمر الخدمة المدنية وأضعف الحس الوطني وجعل البلاد حاكورة لحزب واحد وفئة معينة.
لم نكد نفق من كابوس الإنقاذ الذي حرم الكثيرين من الدخول لمؤسسات البلاد الحكومية لثلاثين عاماً حتى أتت فترة حمدوك والتي تميزت بتوظيف الشلليات وقدم كل حزب من الحرية والتغيير كوادره في العديد من الوظائف دون التنافس على المواقع عبر لجنة الاختيار أو حتى تشكيل لجنة قومية لاختيار الكفاءات، والغريب في الأمر أن مجموعة أفراد فضلوا البقاء في مواقعهم حتى بعد انقلاب ٢٥ أكتوبر.
أما الفترة الأخيرة فهي التي انحازت فيها الحركات الموقعة على اتفاق جوبا لمعسكر الانقلاب وخلا لها الجو بخروج أحزاب الحرية والتغيير فسكنت كوادرها في الهيئات والوزارات على ذات النسق الذي تم في المراحل التي قبلهم مما جعل الوطن وكأنه جائزة للحزب أو التنظيم المسلح الذي حاز على مقاعد في السلطة.
إن العدالة والشفافية والحياد كل هذه القيم تقتضي مراجعة المواقع وعدم المحاباة في اقتلاع كل فرد شغل موقعاً دون مروره عبر لجنة الاختيار للخدمة العامة، وليست هنالك قداسة لأي جهة أو تنظيم أو استثناء لها في هذا الأمر وإلا سندور في حلقة مفرغة ونكون قد استبدلنا تمكيناً بتمكين.