معضلة السودان، لماذا؟

نهى محمد الأمين أحمد
nuha25@yahoo.com

التقينا.. نحن مجموعة من الجنسين، جمعتنا الدراسة الجامعية، صف واحد ودفعة واحدة، وتفرقت بنا السبل بعد ذلك، كل سار في دربه، وبيننا من حصل على أعلى الدرجات العلمية وتقلد مناصب مهمة في الداخل والخارج،
جلسنا نتفاكر في أمر الوطن، وكيف يمكن الخروج من هذا المعضل، والوضع المتردي المنهار، شديد التعقيد الذي تمر به البلد،،
أحزنتني نبرة اليأس التي تحدث بها الجميع، والاتفاق العام على أن أقل ما يمكن أن يوصف به الوضع، أنه كارثي، ومهما أعمل الجميع فكرهم للخروج بسيناريوهات منطقية للخروج من هذا النفق المظلم، يجابهون بالكثير من التحديات، التعقيدات والإشكاليات الخطيرة للغاية،
لماذا؟
يظل هذا السؤال يصفعنا كل يوم، بلد غني بهذا الكم الهائل من الموارد المتنوعة، أرض وماء، ثروة حيوانية وسمكية، معادن نفيسة وثمينة، كل هذه الموارد،
وفي المقابل، انهيار اقتصادي، فقر متزايد، عجز كامل عن سد الاحتياجات الأساسية للإنسان،
لماذا يسير العالم كله إلى الأمام؟ بينما يسير السودان بخطى حثيثة للوراء؟
ما السبب في هذا الوضع الأليم المحزن؟
لماذا فشلنا في النهوض بوطننا ومواكبة العالم العربي، الأفريقي والدولي؟
لماذا نحن فااااااشلون؟
لا يعقل أن دولاً لا تمتلك ولا النذر اليسير من مواردنا، نهضت وتطورت وأصبحت في مصاف الدول المتطورة، ونحن نسير القهقرى،
الناظر للحقيقة بتجرد وبدون انفعال؛ يعرف تماماً أن السودان ومنذ الاستقلال لم يسر إلى الأمام، الحقيقة المؤسفة أننا لم نكن أهلاً للحرية التي نلناها بالاستقلال، وأننا أضعنا ما أسسه المستعمر في هذا البلد، أضعناه لمشكل في شخصية الإنسان السوداني نفسه، وهذه هي الحقيقة التي يجب علينا مواجهتها، وينطبق علينا قول الشاعر (نعيب زماننا والعيب فينا،،،، وما لزماننا عيب سوانا)
ظلت أحزابنا (الكثيرة) تعاني دوماً من المراهقة السياسية، أفشلوا الديمقراطية المرة تلو الأخرى، لأنهم لم يمارسوها بنضوج، كانت دائماً المكاسب الآنية والأجندات الخاصة والشخصية هي محور الاهتمام، حتى الحزبين الكبيرين، قبل المتأسلمين، كانت أجنداتهم دوما أهدافاً صغيرة، لم يوسعوا دائرة اهتمامهم لتشمل الجميع، لترتقي بهذا الوطن الغني بموارده، وفي كل مرة كانوا يهيئون الوضع ليقفز على رأس السلطة نظام عسكري ديكتاتوري، لأنهم بالغطرسة والعجرفة يتجاهلون المواطن، معيشته واحتياجاته، ويظنون أنهم هم القمة التي لا تعنى بالقاعدة.
لا أظن أن هناك حدثاً أكثر إيلاماً من ضياع ثورة ديسمبر المجيدة، تلك الثورة التي قامت بشبه إجماع من الناس، باستثناء المتأسلمين والمؤتمر اللا وطني سيء الذكر، ضاعت هذه الثورة العظيمة لذات الأسباب وذات الأخطاء التي ظللنا نقع فيها المرة تلو الأخرى منذ الاستقلال، الأنانية، المكاسب الآنية، الأجندات الشخصية والحزبية الرخيصة،
عن نفسي فقد أصابني اليأس، في أن يقود هذه البلد من يكون همه هو الهم العام، يسعى للتأسيس لدولة تسع الجميع، دولة يعمل الجميع من صغر منهم أو كبر لبنائها، للاستفادة من مواردها المهولة، أن يتساوى الجميع في الحقوق والواجبات، المساءلة والمحاسبية، أن ننأى عن الأنا ونفكر خارج الصندوق، ربما يكون حظ أبنائنا أفضل منا.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب