الطاهر ساتي يكتب: حُلم الشرق..!!

إليكم ……………
:: إن لم يكن لميناء أبو عمامة جدوى للسودان غير توصيل مياه النيل إلى مدن وقرى البحر الأحمر، فإن هذا يكفي.. أزمة المياه هي أم الأزمات في البحر الأحمر، ومع ذلك هي غير موضوعة في أجندة (نخب المركز).. ومد البحر الأحمر بمياه النيل، وهو مشروع مصاحب لمشروع ميناء أبو عمامة، ليس مجرد مشروع خدمي، بل هو خدمي و(استراتيجي)، إن كانت المسماة بالنخب السودانية تعرف معنى الاستراتيجيات..!!
:: ولو كانت النخب السياسية تعرف معنى الاستراتيجيات، فإن مد أهل الشرق بأنابيب مياه النيل كان يجب أن مشروعاً من مشاريع الوحدة الوطنية.. فالجنوب لم ينفصل بإرادة واستفتاء أهله، بل بفشل وعجز النخب السودانية عن تقوية الوحدة الوطنية بالمشاريع الاستراتيجية، كأن يكون بين مدن الشمال والجنوب شبكات الطرق والسكك الحديدية والنقل النهري وخطوط الطيران وغيرها من وسائل التواصل وعوامل الانصهار والمصاهرة..!!
:: وكما حال الشرق اليوم، فالجنوب كان مفصولاً بمعاول النخب الفاشلة، وما كانت نتيجة الاستفتاء إلا تأكيداً لذاك الانفصال، وهذا ما سيحدث للشرق في حال أن يحظى بحق تقرير المصير، أي سيغادر الوطن بلسان حال قائل: (إن كان وطناً ويحرمني المياه، فلمَ الوطن؟)، ثم يصبح وطناً ثالثاً.. وقبل أن يجاور السودان دولة على الساحل، فعلى العقلاء إسكات الجهلاء، ثم دعم كل مشاريع الاستقرار بالشرق، وعلى النظار والعمد والشيوخ أن يعضوا على هذه المشاريع الكبرى بالتواجذ..!!
:: ولأن الذكرى تنفع، نذكركم بإحدى المواجع، وهو مشروع مد البحر الأحمر بمياه النيل، وترقينا تحقيقاً في هذا الملف، ولكن حكومة النشطاء شغلتها الصغائر والغبائن، وليس الاستراتيجيات.. فالدراسة جاهزة، بميزانية قدرها (450 مليون دولار)، مع فترة تنفيذ لا تتجاوز (18 شهراً).. ومبلغ الميزانية كان يجب أن يكون (قرضاً صينياً)، فالشركة المنفذة كانت هي ذات الشركة الممولة..!!
:: ودفعت الحكومة (47 مليون دولار) عند التوقيع على عقد التنفيذ في مارس 2011.. وبعد دفع المقدم، تم التصميم الهندسي للمشروع، وإنشاء معسكرات العمالة، وتم جلب المعدات والآليات، وشراء الساقية التي تضخ منها المياه بنهر النيل، أو هكذا أثبتت الشركة جديتها.. ثم طالبت وزارة المالية بخطاب ضمان يحفظ حقوقها.. وتلكأت المالية في إصدار خطاب الضمان بأعذار واهية، ثم رفضت متأثرة بصراع مراكز قوى مركزية..!!
:: وغادرت الشركة الصينية بأموال الناس المدفوعة مقدماً، ثم لحقتها حكومة البشير.. ولم تفتح حكومة النشطاء ملف القضية، ولم تسأل المسؤولين عن الخسائر، ولم تتكلم عن الشرق إلا بما يخدم المسار وليس الناس والبلد، وهكذا دائماً (نخب المركز)، فالشرق عندها مجرد (ملحق سياسي)، وليس مشروع وطن.. وعلى كل، إن لم يكن لميناء أبو عمامة نفعاً لأهل الشرق غير تحقيق الحلم الاستراتيجي (مياه النيل)، فهذا يكفي، فعضوا عليه بالنواجذ..!!