حديث الاعلام السوداني والتحول الرقمي

صلاح غريبة

ghariba2013@gmail.com

حديث الاعلام السوداني والتحول الرقمي

يحتفل العالم العربي باليوم الاعلام العربي في 21 ابريل، وبهذه المناسبة الجليلة، يجب علينا أن نتريث ونتناقش في مستقبل الاعلام السوداني، كجزء من الاعلام العربي، وخاصة في مجال التحول للإعلام الرقمي وندق ناقوس الخطر حول مستقبل الصحافة الورقية والإعلام المكتوب في السودان في ظل الأزمة اقتصادية الناجمة عن جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19)، وأزمات التغير المناخي واقتصاديات العالم.

أن تخليد هذه الذكرى يتزامن مع سباق اقتصادي وصحي خاص، يتسم بـتراجع الصحافة المكتوبة، في ظل الإجراءات انتشار الإعلام الإلكتروني وبعض من الإجراءات التقييدية مع فيروس كورونا، وفي هذا الصدد، لنذكر الدور المشرف الذي اضطلع به الصحافيين السودانيين بصفة خاصة والإعلاميين، الذين كانوا في الخطوط الأمامية لمكافحة فيروس كورونا، إلى جانب الأطر والاحترازات والبرتكولات الصحية ولجان الطوارئ الصحية.

علينا أن نشيد بالتضحيات التي قدمها هؤلاء الصحافيون في ظروف كانت صعبة وعرضت حياتهم للخطر، وذلك في سبيل إبلاغ رسالتهم، سواء في العمل الميداني أو من خلال دعم المواطنين في مختلف المراحل التي ميزت هذه الفترة.

أن الصحافيين العرب بصفة عامة والسودانيين بصفة خاصة، كانوا بمثابة جنود في معركة ضد الأخبار الزائفة، تلك الآفة التي تكون دوما مدمرة للرأي العام في مثل هذه الظروف.

عندما أشاد المواطنون في الدول الأوروبية بالعاملين الصحيين، فإن الصحافيين أيضا يستحقون نفس التكريم نظير دورهم في التوعية، سواء في الصحافة المكتوبة أو السمعية البصرية أو الإلكترونية، فهم ،رجال والنساء ووسائل الإعلام حافظوا، إبان المراحل الصعبة، على مهمتهم المتمثلة في إعلام الرأي العام، واستوعبوا بشكل خاص ذعر المواطنين من خلال نشر معلومات موثوقة ومطمئنة عن ظاهرة مستجدة.

لاحظنا، بأنه في إطار مكافحة انتشار فيروس كورونا، قررت العديد من الدول العربية، بما في ذلك المغرب والكويت والأردن، وقف نشر الصحف الورقية التي تعتبر ناقلا للفيروس، موضحا أنه إذا كان هذا الإجراء يهدد مستقبل الصحافة المكتوبة في العالم العربي، فإن الصحافة الإلكترونية لم تكن هي الأخرى بمنأى عن تداعيات الجائحة ، وأبرز في هذا الإطار، أنه من المفارقات أن الحماسة الكبيرة التي أبداها قراء الصحافة الرقمية خلال الأزمة الصحية لم تفد الإعلام الإلكتروني الذي واجه ندرة المعلنين، ذلك أن نماذجهم الاقتصادية قائمة، أساسا، على عائدات الإعلانات في حالة عدم استفادتهم من الاشتراكات.

هنالك ثمة هوة في مسارات الاعلام الورقي والالكتروني، ويزداد حجمها مستقبلا، ونستشهد بمثال مصر، التي تعتبر واحدة من أكبر البلدان المستهلكة للصحافة مع ما يقرب من 20 مليون قارئ منتظم، إذ شهدت مؤخرا انخفاضا كبيرا لم يبق معه إلا بضعة آلاف من القراء يوميا، وأن الأسوأ من ذلك هو حرمان مئات الصحافيين في لبنان من أجورهم منذ أكثر من سنة منذ بداية تفشي الجائحة، وأن هذه الأمثلة تعكس واقع الصحافة العربية التي انهارت تحت وطأة السياق الاقتصادي الذي فرضته الجائحة.

بخصوص آفاق الصحافة العربية، فهو مستقبل قاتم للغاية للصحافة المكتوبة في العالم العربي، باستثناء الصحف التي تدعمها دول الخليج، وهذا واضح في صحفاتنا السودانية، ونسبة المبيعات مقارنة بالمرتجعات، مقارنة مع مبيعات مثلا قبل عشرة سنوات مضت.

أن هذه المؤشرات الخطيرة سيكون لها تداعيات حتمية على الموارد البشرية، واستقرار توظيف الصحافيين، ونوعية المعلومات، بالإضافة إلى احتمال تعريض بقاء بعض المنابر الإعلامية للخطر، لا سيما المكتوبة منها، فلابد من الخروج السريع من الأزمة في غضون سنتين أوثلاث سنوات، اعتمادا على الانتعاش الاقتصادي في العالم العربي والحديث عن فرص التحول الرقمى والاتجاهات المستقبلية لإعلام المنطقة.