قلق من فشل الانتقال .. من يختطف المشهد السوداني؟

تقرير ـ عبد الفضيل

يصف المراقبون الفترة التي يمر بها السودان؛ بأنها الأسوأ في تاريخ البلاد القديم والحديث.

وبحسب المراقبين؛ فإن ثورتي أكتوبر 1964م وانتفاضة ابريل رجب 1985م شهدتا توافقاً بين السودانيين، لكن يبدو الأمر مغايراً في ثورة ديسمبر التي مرت بكبوات وعثرات كبيرة أقعدتها عن العبور والمضي بالانتقال إلى بر الأمان ، أبرزها حالة الانسداد في الأفق السياسي رغم المبادرات التي قدمت سواءً كانت من تحالفات أو أحزاب سياسية أو مبادرات إقليمية ودولية، يؤكد المتابعون فشلها منذ الميلاد، وسط تحذيرات من اختناق سياسي يهدد البلاد بالانزلاق نحو الهاوية.

مهددات بالوطن

ويقول الباحث في العلوم السياسية أحمد عابدين لـ(اليوم التالي) إنه من خلال التاريخ السياسي للأحزاب والجامعات السياسية السودانية يبدو أن قصة تقديم مبادرات لحل المشكلات هي ثقافة؛ وليس تقديم حلول، فإذا تم النظر لكل المبادرات المقدمة تجدها تتحدث عن قضايا متطابقة ولا فروقات كثيرة، بمعنى أن الجميع متفق على وجود مهددات تحيط بالوطن والجميع يتحدث عن إبعاد الجيش عن السياسة والكل يطالب بإكمال الفترة الانتقالية بهدوء تعقبها انتخابات ديمقراطية والكل تحدث عن دولة القانون والحريات ومحاسبة المفسدين ومن أجرم في حق الشعب. تابع متسائلاً.. إذاً ما المشكلة؟، واستطرد “المشكلة تكمن في أن العقل السياسي السوداني يزهو بالشطط والعنتريات ويؤمن بذهنية تكبير الذات وإكبار الأنانية؛ فمثلاً تجد حزباً أو تحالفاً يقدم مبادرة ممتازة تتطابق مع رؤية حزب أو تحالف آخر وبدلاً من أن تدرس ويضاف عليها أو يحذف بنقاش وطني هادئ، توضع في درج ذاك الحزب أو التحالف ويقوم بدوره بإنتاج مبادرة لاتختلف عن تلك الموجودة في درجه، ثم أن السلطة في حد ذاتها بالنسبة لجل هذه الأحزاب هي مغانم وليس وسيلة لبناء وطني.

ويقول عابدين: “لهذا فإن قادة القوات المسلحة سيظلون منتظرين اتفاقاً خيالياً لن يأتي، فإما أنهم مسرورون بهذا، وبالتالي يفرضون سياسة الأمر الواقع، أو بالفعل سيحسمون المعركة بالضربة القاضية ويعلنون عن تعيين حكومة مهام وطنية قوية؛ تجبر هذه الفوضى على العودة لدُورِها للاستعداد لكسب ونصر عبر صناديق الانتخابات”.

تبعية دولية

وأشار إلى أن المجتمع الدولي باحث عن مصالحه في هذه المبادرات ولديه شرطان : سد المنافذ على عودة الإسلاميين و العثور على مصالحة.

وبحسب الباحث في العلوم السياسية؛ فإن الإسلاميين استغلوا بخبرتهم هذه الفوضى وقاموا بدس (الجوكر) والآن أربكوا المشهد، وفي طريقهم لإجبار الكل على دك الورق، منوهاً إلى أن ٩٠٪ من القوى السياسية يتوفر فيها شرط التماهي مع  الخارج والاستعداد لتجريف القيم السودانية والتبعية للتعليمات الدولية ووضع البلد بكل إمكانياته تحت تصرف مايسمى بالمجتمع الدولي، وأضاف.. هذه المجموعات على كثرتها أحبطت الأصدقاء الغربيين بنشوزها داخل المجتمع وضعف تأثيرها السياسي والاجتماعي، وكثرة خلافاتها وعدم تجانسها، مشيراً إلى أن المجتمع الدولي الآن مستعد لتقبل حل وسط أكثر من أي وقت مضى، فهو غير مستعد لتقبل فوضى تضرب السودان؛ لأن هذا يهدد السلم والأمن والمصالح المشتركة للمجتمع الدولي ذاته.

 

فشل المبادرات

بدوره قال اللواء د. أمين اسماعيل مجذوب لـ(اليوم التالي) إن المبادرات المقدمة من التحالفات والقوى السياسية أصبحت مبادرات تنافسية بحيث أنها أصبحت (موضة)، وتابع نحن نتحدث عن عشرات المبادرات، وبها أربع مبادرات رئيسية مقدمة؛ لكنها في الأصل تنافسية في محاولة للحاق بكعكة السلطة، زاد… هنالك من يريد أن يرضي المكون العسكري، كما هناك من يريد أن يرضي الحرية والتغيير المجلس المركزي، وأردف.. لن يكون هنالك أثر لهذه المبادرات مادام لم يكن هنالك توافق بين هذه المجموعات التي تطبق هذه المبادرات، منوهاً مجذوب إلى أن مصالح السودان منعدمة من قبل هذه المجموعات التي تقدم هذه المبادرات لأن جميعها تتحدث عن (الأنا)، والذاتية الحزبية اذا تتبعنا هذه المبادرات نجد أن مبادرة الخليفة الطيب الجد نتحدث عن تمكين المكون العسكري باعتبارها هي حاضنة له كذلك الحرية والتغيير المجلس المركزي تتحدث عن التغيير وإقصاء الآخرين كما أن مبادرة الحرية والتغيير – التوافق الوطني، هذه المجموعة تتحدث عن المجموعة التي عملت مع حكم الإنقاذ في فترات سابقة.. تابع.. لذلك بدون توافق والالتقاء لن يكون لهذه المبادرات أي أثر، وربما تنزلق الدولة نحو الفشل الذي قد يؤدي إلى الحكم العسكري مرة أخرى، زاد.. سئمت القوى الإقليمية والدولية من كثرة المبادرات والهروب و المناورات الكثيرة من القوى السياسية مبادرة فولكر والآلية الثلاثية فشلت ومبادرة أمريكا والسعودية في منزل السفير السعودي أيضاً فشلت خروج المكون العسكري من العملية السياسية وترك الفرصة للقوى المدنية أيضاً خطوة فشلت لعدم التوافق، لافتاً إلى أن كل المبادرات أصبحت فاشلة، وإذا لم يكن هنالك توافق فلن تحصد نتيجة .

خيارين للمجتمع الدولي

و حول موقف المجتمع الدولي من المبادرات المطروحة وفشلها في العجز عن الحل، يقول مجذوب.. إن المجتمع الدولي له خياران: يفرض على كل السودانيين عقد مؤتمر طارئ سوداني بفرض حل معين، وأن توقع عليه كل أطراف الأزمة السودانية، ويخرجون للتنفيذ، تابع.. أو خيار ثان في حالة تدهور الأوضاع، وتصل إلى الصراع المسلح، يتدخل المجتمع الدولي لأسباب إنسانية بأن يكون هنالك مندوب من الأمم المتحدة أشبه بالتجربة العراقية ، زاد.. على الفرقاء السودانيين أن ينتبهوا إلى أن مآلات المناورات الكثيرة والتباطؤ في اتخاذ موقف ووفاق يؤدي إلى انتقال صحيح ومعافى سيكون أحد الخيارين؛ مؤتمراً طارئاً سودانياً يفرض الحل من الخارج أو الدخول من المجتمع الدولي عن طريق أسباب إنسانية.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب