عقار وعرمان… هل انطفأ السراج؟

حينما بدأت الخلافات في الحركة الشعبية العام الماضي تناولتها (اليوم التالي) بكل وضوح، الأمر الذي أغضب قادة الحركة، و جعلها تصدر بياناً تنفي فيه أي خلافات بين عقار وعرمان، وقد تصاعدت الخلافات وأصبحت على سطع أوسع بين الرفيقين، وبسبب المواقف حيال انقلاب 25 أكتوبر تفجرت بعد إعلان رئيسها عقار؛ الذي يتولى منصب عضو مجلس السيادة تبرؤه من مشاركة قيادات الحركة في اجتماعات ائتلاف الحرية والتغيير، وتمسكه بمنصب عضو مجلس السيادة، فيما كان نائبه ياسر عرمان، منخرطاً في اجتماعات المجلس المركزي للحرية والتغيير.
الخرطوم : أمنية مكاوي
الرفقة المشتركة :
بعد العديد من البيانات التي جاءت في مقدمتها انتزاع شرعية نائب رئيس الحركة الشعبية شمال ياسر عرمان كانت هناك ردة فعل واسعة، البعض كان مع القرار والآخر ضده.
وبطريقة مفاجئة كشفت الحركة الشعبية في بيان عن اجتماع انعقد بالخرطوم ضمّ مالك عقار وياسر عرمان، بوساطة من رئيس الجبهة الثورية الهادي إدريس؛ بهدف الوصول إلى اتّفاقٍ لتوحيد الحركة الشعبية لتحرير السودان ـ

وأوضح البيان.. أن طرفي الصراع اتفقا على عدم استهلاك طاقتهما في خلافاتٍ غير منتجةٍ؛ خاصة التي تتسم بالإساءات وعدم احترام الرفقة المشتركة لسنواتٍ طويلةٍ.
وأمنّ الاجتماع على عدم تكرار ما هو سلبيّ في إدارة الخلاف، وأنّ يتمّ الافتراق على نحوٍ وُدّي يؤسّس لإرثٍ محترمٍ في أدب الاختلاف داخل المؤسسات السياسية في البلاد.
غير مألوف
اعتقد القيادي بالجبهة الثورية عبد الوهاب جميل في تصريح ل (اليوم التالي) أن الذي حدث بين عقار وعرمان ليس بمستغرب على القياديين، وهذا الانفصال الأبيض غير المألوف في الساحة السياسية السودانية؛ والتي يطغى عليها طابع العزل والفصل والإقصاء، هذا الانفصال الأبيض يؤكد على عظمة ومكانة الرجلين ومستوى الفهم والنضج العالي في التعاطي مع الخلافات في الرؤى، حيث تركا الباب موارباً لأي عملية عودة ووحدة بينهم، بعد زوال المؤثرات الوقتية وفقاً للظروف المحيطة بمفهوم أي منهم، وأضاف جميل.. أما من الذي يحق له البقاء بالاسم التاريخي؛ الحركة الشعبية؛ فكلاهما له الحق بنضاله في الحركة، ولا يحق لأي منهم منع الآخر من التمتع بالاسم لأنه حق مشروع، إذا كان القائد عقار باسم الحركة الشعبيه لتحرير السودان شمال – الجبهة الثورية، فإن الكمرد ياسر عرمان يضيف للاسم قوى إعلان الحرية والتغيير أو أي إضافة للتميز فقط؛ لأن الجبهة الثورية حالياً في احتضار لايستطيع دكتور الهادي إضافة تنظيم جديد؛ لأن الوضع داخل الثورية معقد ويتطلب عقد المؤتمر العام؛ لانتهاء فترة رئاسة الهادي وعدم التمديد له من المؤسسين، وبالتالي أصبح الهادي نفسه فاقداً للشرعية.
مغامرة معاداة البرهان
وقال المحلل السياسي؛ الفاتح عثمان إن القائد مالك عقار؛ رئيس الحركة الشعبية شمال؛ يعرف جيداً أنه بعد طرده من الحركة الشعبية شمال، هو وياسر عرمان وانفراد الحلو بقيادتها أن حركته التي يقودها الآن تفتقر للقوات العسكرية التي انحاز معظمها للحلو، وأنه يحتاج لدعم الفريق أول عبدالفتاح البرهان؛ ليعيد تاسيس قوات تتبع له ويستعيد كامل نفوذه عبر الجيش على إقليم النيل الأزرق، وهذا يعني أنه لن يغامر قط بمعاداة الفريق أول عبدالفتاح البرهان؛ لأنه عندها سيخسر كل شيء، وفي ذات الوقت هو محتاج لياسر عرمان لأنه أحد القيادات التاريخية للحركة الشعبية شمال، وذلك ليدعمه في مواجهة الحلو إن جاءت به اتفاقيات سلام لاحقة .
غير متهم
ويرى أيضاً الفاتح أثناء حديثه ل( اليوم التالي ) أن ياسر عرمان هو غير مهتم بمأزق مالك عقار، ويرغب أساساً في أن يكون جزءاً من المجموعة اليسارية المسيطرة على قوى الحرية والتغيير – المجلس المركزي ويرى أن مستقبله السياسي الحقيقي مع هؤلاء وليس مع مالك عقار، لكنه أيضاً يعرف جيداً أنه لا وزن له من دون ثقل الحركة الشعبية شمال جناح مالك عقار، ولذلك يتحاشى الصدام معه علناً، مع محاولة استغلال اسم الحركة الشعبية شمال؛ ليبني لنفسه موقعاً داخل قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي، وأضاف.. إذن أي انشقاق للحركة الشعبية شمال – جناح مالك عقار، لا قيمة له حالياً؛ لأن المجموعة اليسارية الشمالية تفتقر للبعد الشعبي ولا ترغب في خسارة مالك عقار، ومع ذلك ترغب في المناورة باسم الحركة الشعبية شمال، من دون الالتزام بالموجهات التنظيمية التي يطلبها مالك عقار ، و تابع الفاتح.. إن انعقاد اجتماع لحسم الخلاف بين الرجلين برعاية د. الهادي إدريس؛ رئيس الجبهة الثورية؛ نتج عنه الاتفاق بين الرجلين على الانقسام إلى حركتين، واحدة تمتلك الجمهور والقوة والأرض، وهذه بقيادة القائد مالك عقار، وستحترم كل اتفاقياتها مع العسكر لأن مصالحها تقتضي ذلك، بينما الثانية بقيادة عرمان التي تفتقر للجمهور والأرض والقوة، محتاجة فقط للافتة الحركة الشعبية شمال لإيجاد مكان لها مع قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي، خاصة وأن معظم مكوناتها تفتقر أيضاً للجمهور، ويستطيع ياسر عرمان حجز مكان ممتاز في داخل قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي بالاستفادة من كفاءته الشخصية وعلاقاته الوثيقة بمكونات قوى الحرية والتغيير، لكن هذا الخلاف والانشقاق لن يستمر إن قامت الانتخابات لأن ياسر عرمان ومجموعته سيحاولون العودة للاستفادة من المجموعات العرقية والجهوية التي يقودها القائد مالك عقار، وربما أيضاً القائد الحلو .
جسم غريب
اعتبر المحلل السياسي عمر عبدالعزيز.. ان العلاقات هي أساس أي تحالف، وأن ياسر عرمان يعتبر جسماً غريباً في الحركة، وهو ليس من ابناء المنطقة؛ لذلك من الطبيعي أن يحدث هذا الاختلاف ويكون سبباً في الانفصال، وأضاف عمر – في تصريح ل (اليوم التالي ) – أن ياسر ليس له ثقل وليس لديه وزن شعبي ولا قبلي ولا حتى جماهيري، وأن الانفصال عن عقار لن يؤثر على الحركة، بل بالعكس سيزيد الحركة تماسكاً وقوة، خاصة إذا جمعت ما فصل منها مرة أخرى، وإن ياسر سينضم الى قوى الحرية والتغيير باسم الحركة و ليس بشيء آخر، ولن يؤثر على عقار؛ لأن عقار يعتبر الحركة الشعبية الأم وكل الخطابات السياسية ستوجه إلى قيادة مالك و ستتجاوز ياسر. لذلك على الحركة و النيل الأزرق أن تركز على قضاياها بعد هذا الموقف الشجاع .
الجيش هو الرابح
الانقسام الحالي في الحركة الشعبية لم يكن مفاجئاً، بعد خروج القيادي السابق فيها خميس جلاب، وتأسيسه تنظيماً بالاسم نفسه.وفي خضم الاستقطاب السياسي الحاد الذي تشهده البلاد وتفاقم الأزمة، يبدو أن المكون العسكري أكبر الأطراف الرابحة من التشظيات التي تضرب القوى السياسية والحركات المسلحة، والتي يمكن أن تطال حركات مسلحة أخرى، في ظل حالة من التناقضات السياسية وتضارب المصالح، بعد إعلانه الخروج من العملية السياسية، عندما ترى أي حركة انقسام الرابح هو من يتحدث باسمها، والدليل على ذلك انشقاق الجبهة الثورية السودانية إلى اثنين، الحكومة يعنيها من يحالفها على حسب توقيع الوثيقة الدستورية التي أتت بهم من الحروب إلى المركز .


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب