تقرير ـ الخوا ض عبدالفضيل
قالت الحرية والتغيير إن الإعلان الدستوري المزمع إعلانه قيد الدراسة الذي يؤسس لوضع دستوري جديد في البلاد، يقوم على حكومة مدنية، تُحصر فيها مهام الجيش في حفظ الأمن والدستور والدفاع عن سيادة البلاد. وتقترح حصر مهام حكومة الانتقال الذي حددت أجلها بين 18 إلى 24 شهر، في وضع حد للإفلات من العقاب وتحقيق العدالة وإصلاح مؤسساتها وإعادة هيكلة الجيش وإيقاف التدهور الاقتصادي، وفي ظل الأوضاع الراهنة يبدو أن الحرية والتغيير ستواجه تحديات كبيرة في إعلانها المزمع طرحه، أبرزها جدلية وإلغاء الوثيقة الدستورية القديمة التي حكمت بها الفترة الانتقالية السابقة خاصة وأن هنالك العديد من القوى الموجودة أبدت تحفظها حيال فكرة الحرية والتغيير الإعلان الدستوري، وفي مقدمة تلك القوى الثوار ولجان المقاومة وبعض حلفائها في المعارضة مما يجعل نجاح وقبول هذا الإعلان في كف عفريت، فهل سيفلح المركزي في جمع توقيعات القوى الحية؟
فرض رؤية
قال القيادي بالحركة الشعبية جناح جلاب السنوسي محمد كوكو في حديثه لـ(اليوم التالي) إن من حق أي كيان سياسي أن يعبر عن رؤيته في الحل السياسي للأزمة، ولكن الحرية والتغيير المركزي ليس لديه القدرة على فرض رؤيته على القوى السياسية الوطنية ولجان المقاومة والثوار، وتابع: “نحن لسنا على استعداد لتجربة المجرب ولا لإعادة إنتاج الأزمة مرة أخرى” مشيراً إلى أنه يجب على الجميع تحمل المسؤولية الكاملة والعمل على تحقيق التوافق الوطني حتى نستطيع إدارة هذه الأزمة دون إقصاء لأي جهة ودون استحواذ أو سيطرة من أي جههةحتى نفوت الفرصة على الانتهازيين والمتربصين بهذا الوطن.
والثلاثاء الفائت أعلنت الحركة الشعبية ــ شمال عدم اعتراضها على الإعلان الدستوري المرتقب حال تطابقه مع رؤيتها، ومشروعها الخاص.
فكرة ممتازة
من جهته قال المحلل السياسي د. عثمان الفاتح لـ(اليوم التالي) إن الوثيقة الدستورية قامت على شراكة بين قوى الحرية والتغيير والعسكر وبالتالي باتت شيئاً من الماضي ولا تصلح لإدارة الفترة الانتقالية القادمة التي من المتوقع عدم انخراط العسكر في شؤونها التنفيذية، وتابع: ولذلك الحاجة ماسة لإعلان دستوري جديد بشرط أن ينال موافقة القوى السياسيه السودانية جميعها وينال قبول العسكر الذين انسحبوا من الحوار حول الحكم، لكنهم احتفظوا فعلياً بوضعية معينة تجعل لهم الكلمة العليا في إدارة الأمن والدفاع وربما تؤول إليهم صلاحيات الرئاسة الرمزية أيضاً في حالة عدم وجود مجلس السيادة.
ويقول الفاتح: “سعي قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي لصياغة إعلان دستوري فكرة ممتازة بشرط أن تفسح المجال لرؤية بقية القوى السياسية السودانية وأن تنسق مع العسكر في كيفية إدراج دورهم في الحكومة الانتقالية القادمة”.
وأشار إلى أن الإعلان الدستوري لا يمثل مشكلة إلا حال قررت قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي فرضه على جميع القوى السياسية السودانية وعلى العسكر، وعندها لن تكون له أي قيمة قانونية لأن قوة الإعلان الدستوري تعتمد على قبول العسكر والقوى السياسية الأخرى به كأساس لإدارة الفترة الانتقالية.
تحلل أخطاء الماضي
في ذات السياق يرى الباحث والمحلل السياسي أحمد عابدين في حديثه لـ(اليوم التالي) أن الحرية والتغيير تمارس ضغطاً وحشداً كي تثبت أنها فاعلة وتنتج وبإلغائها للوثيقة الدستورية تتحلل من أخطاء في ظنها ارتكبتها وبإعلانها استحداث لإعلان دستوري جديد تحاول من خلاله إثبات جديتها لمخالفيها مِن مَن فارقوها من التحالف ذاته وأضاف: تحاول الحرية والتغيير أن تضع العسكر في زاوية تفاوض جديد وتشكيل الملعب للفوز بأكبر مكاسب ممكنة تعيد لها الثقة وسط الجماهير وبفلاحتها في التسويق الإعلامي تريد تسوق لحدث جديد وقطع الطريق لأي مبادرة خارج مطابخها.
وتابع عابدين: بهذا الإعلان الدستوري الجديد تضع قحت نفسها على عتبة 11 أبريل 2019م أي تعيد أحداث تغيير ديسمبر لنقطة البداية، وبزخم الثورة بالإضافة لأصدقائها من المجتمع الدولي تسعى لإعادة عقارب الساعة لما قبل 25 أكتوبر أو ما يسمونه بانقلاب البرهان حميدتي.
ويقول عابدين إن المشكلة التي ستواجهها هي أن الشعب تجاوز هذا التفكير وينصب الحديث عن كيفية الحفاظ على الدولة موحدة وقطع الطريق عن أي صراع يمزق الوطن وليس تفكيراً في سلطة حزبية تتصارع عليها جماعات أثبتت التجربة أنها غير معنية بسلامة الدولة.