انخفاض التضخم “الرسمي” واستمرار الارتفاع الجنوني في الأسعار

تقرير: محجوب عيسى
لم يخفَ على أحد تذمر المواطن السوداني من الغلاء، وسط مطالبات للحكومة بوضع حد لارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية والمحروقات التي ألهبت جيوب المواطنين وباتت تهدد قدرتهم الشرائية، سيما وأن أسعار بعض السلع الضرورية، على غرار اللحوم والسكر والبقوليات والخضراوات، تشهد ارتفاعاً يومياً وتعد الأسعار عالية فوق طاقة أصحاب الدخول الثابتة والمتغيرة (الأعمال الحرة) والفئات الأكثر هشاشة، أن ارتفاع الأسعار انعكس على كل تفاصيل الحياة، ورغم ارتفاع الأسعار الجامح يشهد معدل التضخم الرسمي تراجعاً مستمراً للشهر الثاني على التوالي، بعد أن سجل مستويات قياسية، في العام الماضي، ووصف متحدثون لـ(اليوم التالي) انخفاض معدل التغيير السنوي بأنه صوري وذلك لأنه لا يؤثر على الوضع الاقتصادي أو تحسين معاش الناس محذرين من حدوث كارثة اقتصادية ورهنوا استمرار انخفاض معدل التضخم عبر تفسير الحكومة وتحديد نوع التضخم لوضع سياسيات ناجحة.
انخفاض تضخم
سجل معدل التضخم السنوي تراجعاً للشهر الثاني على التوالي، حسب الإحصاءات الرسمية، وكشف الجهاز المركزي للإحصاء في البلاد في بيان تحصلت (اليوم التالي) على نسخة منه انخفض معدل التغير السنوي (التضخم) مسجلاً 125.41% في شهر يوليو مقابل 148.88% في يونيو، بمعدل تغيير شهري أكثر من 2%، وكان معدل التضخم قد سجل تراجعاً في يونيو إلى 148.8% مقابل 192% في مايو الماضي.
ويعاني السودان من معدلات تضخم تصل إلى مستويات قياسية وسط تراجع القدرة الشرائية للعملة المحلية وصعود الدولار، وسجل السودان رقماً قياسياً في معدل التضخم في يوليو 2021، وبلغ 422.78%، وهو رقم لم يحدث منذ 43 عاماً، عندما سجل التضخم، وقتها، نسبة أعلى من يوليو 2020 بـ1%.
كذلك ذكر البيان أن معدل التضخم الأساسي السنوي، الذي يتم حسابه مع استبعاد أسعار الأغذية والمشروبات، انخفض ليسجل معدلاً فوق 154% في شهر يوليو، وبحسب البيان سجلت ولاية شرق دارفور أدنى معدل للتضخم قرابة 58% بينما سجلت ولاية غرب كردفان أعلى معدل فوق المعدل العام حوالي 395%.
انخفاض صوري
يقول الخبير الاقتصادي د. مصطفى نجم البشاري، لـ(اليوم التالي) إن انخفاض التضخم لا يؤثر على الوضع الاقتصادي بشكل عام أو تحسين معاش الناس وعزا ذلك إلى تدني معدلات الإنتاج بشكل عام ما أدى إلى تآكل الناتج الإجمالي وزيادة الدين العام واستمرار تدهور قيمة العملة الأمر الذي قاد إلى تدهور القدرة الشرائية للمواطنين الذين يعيشون بأقل من 2 دولار في اليوم، وأضاف: تقدر نسبة المواطنين القادرين على توفير احتياجاتهم الأساسية أقل من 20% من المواطنين، واعتبر الخبير الاقتصادي انخفاض التضخم صوري وليس له أثر في الواقع، سيما وأن الاقتصاد يشهد ركوداً وظاهرة مرونة الكساد، التي يستصحبها توقف عجلة الإنتاج وضعف القوة الشرائية للأفراد مع ارتفاع مستمر في الأسعار، رغم انخفاض نسبة التضخم بشكل عام، وحذر نجم البشاري من حدوث كارثة اقتصادية جراء زيادة نقص الناتج الإجمالي وزيادة البطالة ونسبة الفقراء فضلاً عن توسع دائرة الجوع ونقص الأمن الغذائي لمعظم المواطنين، وفشل الموسم الزراعي وتكرار الكوارث الطبيعية مثل السيول وتدني نسبة الأمطار في بعض المناطق، بالإضافة لعدم الاستقرار السياسي والاضطرابات الأمنية.
تفسير علمي
الا أن المحلل الاقتصادي وعضو التحالف الاقتصادي لثورة ديسمبر د. دلال عبدالعال ترى عدم وجود انخفاض في معدل التضخم وذلك لأن معدل التضخم مقياس لمستوى معيشة المواطنين وأن مستوى المعيشة ما زال متدهوراً حتى للفئات التي كانت تحسب متوسطة الدخول، واستدلت بقولها إن سلة المستهلك مكونة من 5 أنواع من الخضروات قبل شهر لا تفي في أغسطس لشراء 3 مكونات من نفس الوحدة، ورهنت عبدالعال لـ(اليوم التالي) انخفاض التضخم بتحسين مستوى المعيشة العام، وأبانت أن معدل التضخم في زيادة مستمرة في المستوى العام للأسعار ونقود كثيرة تطارد سلعاً قليلة، وانتقدت تقارير الجهاز المركزي للإحصاء وقالت إن القيمة التي ينشرها لم يقدم لها تفسير علمي سيما وأن معدل التضخم يعتمد في مقياسه على كميات وأسعار وانخفضت كميات مشتروات السلع نسبة لتدني مستويات دخل الأفراد.

تحسين المعيشة
وفي السياق ذاته أكدت عضو التحالف الاقتصادي أن انخفاض معدلات الشراء الناتج عن انخفاض التضخم يؤدي إلى ركود حاد وتوقف الإنتاج وعجز في الميزان التجاري علاوة على توالي تدهور سعر صرف العملة ومزيداً من ارتفاع معدلات البطالة، وحتى يستمر انخفاض معدل التضخم طالبت الحكومة بتفسير الانخفاض بصورة صحيحة وتحديد نوعه تضخم في الطلب أم العرض أم أسعار الواردات بغية وضع السياسة التصحيح، الا أنها عادت وقالت إن وجود انخفاض في معدلات التضخم يقود إلى تحسين مستوى المعيشة وزيادة معدلات الادخار الأمر الذي يشجع الاستثمارات المحلية ويعمل على إنعاش الأسواق فضلاً عن أن البلاد تشهد حالة ازدهار كمرحلة أولى، وذلك عبر تشجع الدولة للإنتاج وتجويد المنتج المحلي وإعادة توزيع الدخل بالإضافة إلى فتح فرص الاستثمار المحلي لتشجيع المدخرات لمساعدة الاقتصاد على الازدهار والنمو.
تضخم قياسي
وبدورها أبانت مدير قسم جمع البيانات والأرقام القياسية والتضخم بالجهاز المركزي للإحصاء نجاة عبد العاطي في إفادة لـ(اليوم التالي) أن التضخم المنشور التضخم للرقم القياسي لأسعار المستهلك وقالت إن التضخم هو معدل الزيادة المستمر في المستوى العام للأسعار لمدة عام، أي أن شهر يوليو 2022 مع نظيره في العام السابق 2021 وقد كان لشهر يوليو 2022 معدل الزيادة 125.41 بمعنى أن الأسعار قد زادت عن شهر يوليو 2021 بنسبة 125.41 وذكرت عبد العاطي أن مستوى المعيشة يعتمد على دخل الفرد وذلك في حال زاد الدخل مع ثبات الأسعار في حالها زاد مستوى المعيشة، فيما ينخفض مستوى المعيشة في حال زيادة الأسعار وانخفاض الدخل.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب