قوى سياسية تطلق رصاصة الرحمة على ورشة القاهرة

قوى سياسية تطلق رصاصة الرحمة على ورشة القاهرة

الخرطوم: اليوم التالي

أطلقت قوى سياسية في السودان (رصاصة الرحمة) على (ورشة القاهرة) التي دعت لها الحكومة المصرية لحل الأزمة السياسية في السودان وعبرت كيانات سياسية عن رفضها بصورة واضحة لدعوات المشاركة في الورشة، بحجة أن الاتفاق الإطاري الموقع بين المكون العسكري وقوى سياسية مدنية يمضي نحو نهاياته، بتوافق كبير حول الرؤى والأطروحات والمحتوى، وأكدت القوى السياسية الرافضة للمبادرة المصرية، أو ما يعرف بورشة القاهرة التزامها بالاتفاق الإطاري والعمل على إنجاحه، لأنه حوى معظم مطالب ثورة ديسمبر، وحاز على قدر كبير من القبول وسط كافة الأطراف.

وفي مطلع يناير الجاري كشف سفير مصر بالخرطوم هاني صلاح عن طرح القاهرة لمبادرة للتوصل إلى تسوية سياسية سريعة في السودان، منوهاً إلى أنه تم الاتفاق على توضيح عناصر المبادرة بشكل أكبر، وبصورة فاعلة لمختلف الدوائر الرسمية والإعلامية والشعبية بالسودان، وجاء ذلك في أعقاب زيارة قام بها رئيس المخابرات المصرية، اللواء عباس كامل إلى الخرطوم في يناير الجاري، التقى خلالها رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، ونقل له رسالة شفوية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بشأن العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل دعمها وتطويرها.

وبشأن الورشة التي دعت لها القاهرة وقاطعها تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير، وقال الناطق الرسمي باسم العملية السياسية خالد عمر يوسف في حوار على تطبيق (كلوب هاوس) إن الاتفاق الإطاري شمل غالبية القوى السياسية في السودان، وهو الأمر الذي ينفي مبرر العودة إلى نقطه الصفر أو خلق مسار بديل سواء عن طريق المبادرة المصرية أو غيره.

وقطع القيادي بقوى الحرية والتغيير المجلس المركزي ياسر عرمان بعدم تلبيتهم لدعوة الحوار السوداني الذي ترعاه القاهرة، وبرر عرمان رفض المجلس المركزي تلبية دعوة الحكومة المصرية باعتبار أن الاتفاق دعوة مصرية لمراجعة كيفية التوافق من جديد، وأضاف عرمان في حوار مع جريدة الجريدة: (نحن نفرق بين العلاقة الاستراتيجية مع مصر وسير العملية السياسية التي قطعت شوطاً).

من جانبه أكد الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي كمال عمر أنهم لن يسمحوا لمصر باختطاف العملية السياسية الجارية في السودان وتحويلها إلى مبادرة دولية، وقال عمر، في مقابلة خاصة مع (عربي21): (نحن لن نقبل باختطاف مبادرة (الاتفاق الإطاري) من قبل أي شخص أو جهة، والذهاب بها لدول الجوار، فالمجتمع الإقليمي والدولي مجرد وسيط سلام)، وأضاف كمال عمر: (من المعلوم أن القاهرة ظلت على مدار تاريخها تتعامل مع ملف العلاقات السودانية كملف تستخباراتي وأمني، وحان الوقت لتغيير العقلية المصرية في تعاملها مع الأزمة السودانية).

وتعليقاً على تطورات الأحداث في السودان وورشة القاهرة قالت الباحثة والمهتمة بالشؤون الدولية رفيدة الشيخ أن المبادرة المصرية ولدت ميتة، ولن تمضي للأمام بعد أن تكشف للجميع أن بعض أنصار النظام السابق يقفون من ورائها ويدعمونها، وقالت رفيدة إن جهود مصر يجب أن تصب في دعم الاتفاق الإطاري، وليس طرح منابر بديلة، لأن الاتفاق الإطاري حاز على رضاء مكونات المجتمع السوداني، ووجد ترحيباً دولياً وإقليمياً، مع اقتراب انضمام أطراف أخرى كانت ممانعة للإتفاق، مما يشير إلى اقتراب انتهاء الأزمة السياسية وتحقيق التوافق الوطني المنشود.

وفي السياق يبدو أن الاتفاق السياسي الإطاري في سبيله لأن يكون منصة انطلاق الحل السوداني ـ السوداني للازمة السياسية للبلاد، وبات رغم كل شيء وكأنه يمتلك العصا السحرية! حيث قدم مؤخراً أكثر من حوالي 70% من لجان المقاومة طلبات للانضمام للإطاري!

وصرح مساعد الأمين العام لحزب الأمة القومي للإعلام مصباح محمد أحمد، إن الاتفاق الإطاري كسب أراضٍ جديدة داخل القوى السياسية والأجسام المدنية، وكشف عن أكثر من (70) طلباً من اللجان للتوقيع على الاتفاق الإطاري، هذا بعد “ الأسبوع الماضي الذي انضم فيه للاتفاق الحزبان الناصري وحركة حق بعد أن جمَّدا نشاطهما في تحالف الحرية والتغيير”! منوهاً أنه “عقب التوقيع على الاتفاق الإطاري أعلن عدد من لجان المقاومة باكراً، عزمها الانخراط في دعم العملية السياسية إذا تمت مُناقشة تحفظاتهم وعدد مقدَّر من القوى المدنية والإدارات الأهلية وقوى مجتمعية مهمة دعمت الاتفاق الإطاري”.

ولا يخفى على أحد أن لجان المقاومة كانت وما تزال تمثل العقبة الكؤود لأي تسوية سياسية أو توافق مالم تكن مُرضية لها، لأنها تمثل غالب الشارع الثوري الذي انفلت من عقال الحرية والتغيير وتجمع المهنيين وتسيدته هي كلجان وتسيدت الفعل السياسي في الساحة!

يعتبر كثيرون أنه مكسب كبير ولا شك أن تتجه إرادة حوالي 70% من لجان المقاومة نحو التوقيع على الإطاري مما يعزز عندهم من نجاحه وفرص قبول الشارع الثوري به! هذا بلا شك مضافاً إليه تصريح أحد قيادات الكتلة الديموقراطية الذي يبشر فيه بتوصلهم الى تفاهمات مع المركزي حول “مسودة” مما يعجل بتوافق كبير يقود الى استعادة مسار الانتقال المدني بالبلاد!

لا شك أن التوصل لحكومة مدنية يجنب البلاد المحاصرة الاقتصادية، ويسهل عملية التدفقات المالية اللازمة لإحداث انتعاش الاقتصاد بالبلاد وذلك مما يعد بداية المعالجة الحقيقية لاقتصادها المنهك ووضعها في المسار السليم وبلوغ العملية السياسية منتهاها باستكمال الورش والمؤتمرات المُتبقية وصولاً لتوقيع الاتفاق النهائي الذي يؤسس لحكم مدني طيلة الفترة الانتقالية ويستعيد مسار التحوُّل المدني الديمقراطي بالبلاد!


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب