الإطاري… فشل وساطة البرهان! 

الإطاري… فشل وساطة البرهان!

الوليد مادبو: موقف البرهان سليم ومتسق مع المنظومة الدولية

الكتلة الديمقراطية: مكونات الشرق والوسط وكل البلاد ستخرج لرفض الإطاري

المركزي: العملية السياسية قطعت شوطاً بعيداً ولن تنتظر أحداً

عبده عثمان: ما يجري إعادة إنتاج الأزمة ذات الخطأ المنهجي

عبدالعزيز العوض: الإطاري فرصة ذهبية لا يجب على الشعب إضاعتها

الخرطوم: إبراهيم عبد الرازق

تعقيد جديد للمشهد بانسحاب رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان من رعاية وساطة لتوقيع أطراف مدنية على الاتفاقية الإطارية، بالتزامن مع تصريح من الحرية والتغيير المركزي لـ(اليوم التالي) أن العملية السياسية لن تنتظر أحداً، ولن ترهن حل الأزمة بمجموعات أو أشخاص، وفي نفس الوقت تؤكد الكتلة أمس الأول أن مكونات شرق السودان ووسطه وشبابه سيخرجون جميعاً للشوارع رفضاً للعملية السياسية، أثناء ذلك يتزايد القلق عربياً وإقليمياً ودولياً من الأوضاع بالبلاد لحد الوصف بأنها (أوضاع غير محتملة) بحسب مراكز للدراسات الاستراتيجية، بينما اعتبر الحزب الشيوعي السوداني ما يجري يثير ضباباً واسعاً ويغيب الحل وكشف لـ(اليوم التالي) عن عمله على توسيع تحالف التغيير الجذري كضرورة للخروج من الأزمة.

انسحاب وسيط

وبحسب موقع “الشرق” سحب رئيس السيادي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان وساطته التي تهدف إلى تقريب وجهات النظر بين المجلس المركزي ومجموعة ميثاق التوافق الوطني، بعد اجتماع بين ومجموعة ميثاق التوافق الوطني، ببيت الضيافة وأعلن عن توقف الاجتماعات التي يتوسط حولها بين المجلس المركزي ومجموعة ميثاق التوافق الوطني نهائياً، وبحسب “الشرق” تباعد المواقف بين المجلس المركزي ومجموعة ميثاق التوافق الوطني أدى إلى انسحاب البرهان وأن البرهان أطلع التوافق الوطني أن الحرية والتغيير تتمسك بطرحها للتعامل مع المجموعة كتنظيمات منفردة وليس كتحالف.

استمرار الخلافات!

وأكد متحدث الحرية والتغيير المجلس المركزي الواثق البرير لـ(اليوم التالي) أن العملية السياسية قطعت شوطاً بعيداً نحو التوقيع النهائي والإعلان عن الحكومة المدنية، وأضاف البرير أن العمل يجري على قدم وساق لإطلاق ورش ملف السلام وسلام جوبا لتنطلق في الثامن والعشرين من يناير الجاري.

كذلك قال عضو اللجنة التنسيقية العليا للعملية السياسية كمال عمر لـ(اليوم التالي) إنه لا خطوط حمراء أمام العملية السياسية مشيراً إلى التزام العملية بالحقوق الدستورية الأقاليم فيما يلي تقييم اتفاقية سلام جوبا.

لكن السكرتير العام للكتلة الديمقراطية د. عمر عثمان قال أمس إن الكتلة والشعب بأسره يرفضون الإطاري بقوة حال تقدمه، وأضاف لـ(قناة الجزيرة): عندما عارضنا الاتفاق الإطاري الذي ربما يضع المشهد على العتبات الأولى للحل، قلنا إنه لن يؤدي لحلول ما لم يكن شاملاً، نحن أمام مجموعة من القوى السياسية تريد أن تتسلط على الدولة وتشكلها بمنأى عن القوى السياسية الأخرى ذات الوزن المقدر.

وأضاف عثمان أن الدعوات من قبل الإطار لجبريل ومناوي ابتزاز لعقول الحركات، لماذا يصرون على دعوتهم، إذا كان المنطلق لأنهم أطراف سلام هناك أربعة عشر طرفاً موقعاً على اتفاقية جوبا لسلام السودان من ضمنهم تسعة أطراف ضمن الكتلة الديمقراطية، لذلك لا يجب التمييز بين أطراف وأطراف، إذن هذا اختيار ليست له أسس منطقية وموضوعية ولا يحقق السلام ولا يحقق الاستقرار ولن يتم الانتقال، وزاد: إن قوى شرق السودان وشباب لجان المقاومة وغيرهم يقاومون الإطاري لأنه لا يمثل الأرضية التي تحقق وحدة الصف الوطني.

ونفى عمر استدعاء الكتلة الديمقراطية لمصر من ناحية الاتفاق الإطاري وأشار اللا أنهم يعون أهمية دورها وحرصها على استقرار السودان.

وحذر من خروج السودانيين في شرق البلاد ووسطها وكل الولايات للشوارع لرفض الاتفاق إذا تقدم للأمام، ونفى أيضاً سعي الكتلة للضغط عبر مكونات شرق السودان والتهديد بإغلاق الإقليم، أكد أنهم لا يسعون لذلك وشدد على أن الكتلة ما زالت تتحدث عن اتفاقية جزئية تعقد المشهد ولا تعبر به للحل، ولفت في ذات الوقت الى أن الفرصة ما زالت موجودة لمعالجة الثنائية والإقصائية التي تسيطر على الإطاري.

 

قبلة الحياة!

ومن جهته كشف الحزب الشيوعي السوداني عن العمل على تقوية تحالف قوى التغيير الجذري والوصول لكل القوى المتقاربة لدعم الشارع ومطالب الجماهير وقالت القيادية عضو اللجنة المركزية بالحزب الشيوعي، آمال الزين لـ(اليوم التالي) أمس إن الحرية والتغيير منحت انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر (قبلة الحياة) بتوقيعها على الاتفاق الإطاري لأن الانقلاب ولد ميتاً، وعجز حتى أن يكون انقلاباً واضحاً ومضت، آمال: إن مركزي التغيير لم ينجح في أن يكون معارضة واضحة، وإن التحالف بخطوته هذه ساعد الانقلابيين على السير قدماً في السلطة واتخاذ قرارات دولية، وأضافت الزين إنه ما لم تنجلِ الصورة بالنسبة للعملية السياسية الجارية الآن وكيف تدار البلاد في المرحلة القادمة ستظل الأجواء السياسية معتمة ومعقدة ومقلقة أيضاً، وأشارت الى أن توقيع الإطاري نقل بعضاً وليس كل القوى السياسية من خانة المعارضة إلى خانة اللا معارضة ولا موافقة على سياسة الأمر الواقع، وأشارت الى أن هذا الإرباك أوضح الحاجة إلى الجبهة الواسعة للتغيير الجذري.

 

فرصة ذهبية!

من جهته انتقد رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة الجزيرة د. عبد العزيز حسين العوض مواقف الكتلة الديمقراطية وأضاف العوض لـ(اليوم التالي) أمس: في هذا التوقيت بالذات نحن بحاجة إلى حكومة، وهي أكثر ما يحتاجه الشعب السوداني وهذا الأمل الذي يطرحه الاتفاق الإطاري، بالإضافة إلى أنه يفك العزلة الدولية عن السودان ويوفر حلولاً لملف الديون، وذلك عبر الدعم والتأييد الكبيرين من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وبلغة الاستراتيجية هذه فرصة جيدة لا يجب أن نضيعها، لأن الولايات المتحدة لها إمكانياتها المعروفة في دعم الاتفاقيات وإذا وقفت خلف أي اتفاق ينجح ويصل إلى نهاياته، وحذر العوض أن إضاعة فرصة الإطاري سينتج عنها تأخر حل الأزمة بالبلاد وزيادة معاناة الشعب السوداني، وفتح المجال أمام الحروبات الداخلية، وأن مواقف الكتلة الديمقراطية وتعنتها سيؤدي إلى انزلاقات، لا تحمد عقباها، ودعا عناصر الكتلة لتقديم المصلحة والنأي عن الصراعات السياسية و المحاصصات الحزبية، وحول ما اتهم به المركزي الكتلة بالاستعانة بمصر لإلغاء الإطاري قال العوض: نحن نفهم التوجسات المصرية من عملية الإطاري السياسية، ومخاوفها من الملفات التي سيفتحها الإطاري مثل ملف الحدود، ورعاية الأمم المتحدة لملف سد النهضة الإثيوبي، بجانب المصالح الاقتصادية أو بصورة عامة ما تبنته حكومة حمدوك تسليم القضايا للأمم المتحدة أو ما يعرف بـ(الفصل السادس)، وتابع العوض: نتفهم كل ذلك، لكن ليس على حساب الشعب السوداني، ولن نضيع الاتفاق الإطاري من أجل مبادرة مصرية معزولة. وشدد العوض على أن التحدي الكبير أمام الشعب السوداني أن يدعم الاتفاق الإطاري ويلتف حوله بقوة من أجل الوصول لحكومة تحقق الخروج من الأزمة، ومن ثم الحقوق مكفولة لكل الجهات لطرح مطالبها سياسية واقتصادية.

صوت العقل!

من جهته قال أستاذ العلوم السياسية بروفيسور عبده عثمان رئيس تجمع الأكاديميين والخبراء والباحثين السودانيين قال لـ(اليوم التالي) أمس إن ما يجري هو إعادة إنتاج الازمة ذات الخطأ المنهجي، وسنظل ندور في دوامة (اتفاق إطاري غير شامل، وجهة تسعى لنسفه وجهة تسعى خلف الباب للالتفاف حوله بالتعاون مع العسكر)، وجهة ثالثة تطمع في أن تكون هي (سيدة الموقف) وإلا فلن تشارك! وجهة تعقد اتفاق ثنائي خارج الإطاري! وأضاف عبده: مثلما أضعنا أربع سنوات من التوهان فإن سنوات أخرى ستمضي وتظل القوى السياسية في (اللت والعجن)، وتفتح مفاوضات جانبية مع جهة ما وتلك الجهة تبدأ في فرض شروطها وهكذا.. ستمضي السنوات مثل سابقاتها ونحن فقدنا البوصلة.

هذه البوصلة لا تتأتى إلا بأن تبتعد هذه القوى السياسية من عملية تشكيل الحكومة الانتقالية، تبتعد بالكامل وتتفرغ لإعداد نفسها للانتخابات القادمة التي تحتاج إلى أحزاب قوية وفي المستوى الذي يصنع الديمقراطية المستدامة.

وحذر عبده من تمسك السياسيين بالذهاب في هذا النهج الخاطئ المستمر فلن يصلوا إلى نتيجة قريباً والأسباب معـــروفة..

وطالب المتصارعين بإحكام صوت العقل وتقديم تنازلات حقيقية وأن يشكل الشعب حكومته، وأردف: إن كيفية التشكيل موجودة وجاهزة عند العلماء والخبراء والذين يملكون الحلول لكيفية عمل الحكومة الانتقالية وكيفية بناء الدولة على أسس سليمة حتى نضع حداً وحلاً جذرياً لهذه الأزمة السياسية التي جعلت الشعب فقيراً في الواقع، بينما يرقد على ثروات لا توجد في كثير من دول العالم التي ينعم أهلها بالرفاهية..

 

مصلحة الوطن!

وبدوره شدد خبير الحوكمة د. الوليد مادبو لـ(اليوم التالي) أمس على ضرورة تقديم مصلحة الوطن على مصالح الجميع، ورغبة في إيجاد موضع قدم للأفراد في العملية السياسية. ويرى أن الاتفاق الإطاري مرحلة أولية ستليها مراحل يمكن للكل أن يسهم فيها كل حسب قدراته الفكرية وعطائه الإنساني شريطة أن يتخذ اللاعبون مواقعهم من مواقفهم الوطنية وليس من لافتاتهم أو مسمياتهم.

وأضاف مادبو أن حساسية بعض الجماعات لـ(قحت المركزي) لا تبرر الخيانة العظمى والوقوع في أحضان القوى الأجنبية. وقال: موقف البرهان سليم ومتسق مع موقف الرباعية والمنظومة الدولية التي تريد أن تضع إطاراً زمنياً محدداً يراعي معاناة الإنسان السوداني ويخرج البلاد من أزمتها الهائلة التي لن تزول إلا بتكوين حكومة مدنية، وعلى الكل أن يعوا أن ما يدور بتصميم من اللاعبين الرئيسيين في العالم، فيما يملك الشباب الثائر على الأرض الفيتو في قبول المخرجات أو رفضها.