تفكيك التمكين صراع سياسي أم قانوني؟

تفكيك التمكين صراع سياسي أم قانوني؟

أديب: تفكيك التمكين قرار سياسي يجب أن يطبق بأساليب قانونية

عبدالله درف: النائب العام عطل إجراءات التقاضي في مواجهة أعضاء لجنة التمكين

نون كشكوش: متطلبات عودة التمكين مراجعة القوانين وإكمال الدائرة العدلية

الخرطوم: محجوب عيسى

لم تزل مساعي القوى السياسية في البلاد مستمرة لعودة المسار الديمقراطي وإنهاء انقلاب 25 أكتوبر، حيث عقدت قوى الحرية والتغيير ورشاً لتقييم عمل لجنة إزالة التمكين، القضية التي شغلت الرأي العام، وفي غضون ذلك عقد منبر فريند ميديا ندوة حوارية، حول قضية إزالة التمكين أمس بقاعة مركز نبض السودان، بحضور القانوني والسياسي نبيل أديب، والقانوني عبدالله درف، فيما غاب القانوني والسياسي رئيس حزب البعث الناصري ساطع الحاج دون أسباب، وأكد المتحدثةن أن إزالة التمكين قرار سياسي يجب أن يتم وفق القانون، مطالبين بضرورة مراجعة قانون اللجنة، من أجل بناء دولة ديمقراطية.

يقول القانوني د. نبيل أديب إن تفكيك التمكين قرار سياسي يجب أن يطبق بأساليب قانونية وفق الثورة، وأوضح أديب خلال مخاطبته ندوة إزالة التمكين، إنه قرار سياسي لأن الثورة عملية سياسية، وعند الرجوع لمادة الوثيقة الدستورية التي تتحدث عن إزالة التمكين، وترسيخ الديمقراطية وأضاف: لا يمكن إزالة التمكين بصورة تخلق تمكيناً آخر وهذا ما رفضته الوثيقة الدستورية.

وفسر أن نظام 30 من يونيو هو النظام الذي أخضع الدولة وإمكاناتها لإرادة المتنفذين والأسرة الحاكمة.

وأشار إلى سلطة خفية بدأت عملها منذ اليوم الأول لنظام الإنقاذ وأن المجموعة التي تحركت للاستيلاء على السلطة لم تكن جميعها عسكرية، علاوة على وجود مجموعة تحكم بعضها في المعتقل وتصدر قرارات وأوامر.

وبحسب أديب أن إزالة التمكين تعني إعادة الدولة إلى وضعها الطبيعي ومعرفة من المسؤول.

وأضاف إن إزالة التمكين متفق عليه وحتى الآن من حيث أن عمل ترسيخ حكم القانون لن يتم دون تفكيك وإزالة التمكين، وذلك لأن نظام الإنقاذ به جهات موازية.

تعديل قانون

وأكد أديب أن لجنة إزالة التمكين لن تستطيع إزالة التمكين دون تعديل القانون وقطع صلة أي شخص خارج الدولة بأجهزة الدولة لأن الدولة لا تدار من الخارج.

لا يوجد خلاف حول إزالة التمكين إنما حول كيفية إزالة التمكين، وشدد على ضرورة الإصلاح القانوني لا سيما وأن قانون اللجنة لا يحوي ما يجعلها لا تخطئ، علاوة على أن تتم تصفية الأجهزة الموازية وتجريم عمل المليشيات، ومحاسبة كل من أخطأ وفق القانون ومنح الأشخاص حق الدفاع، وأن تكون شاملة.

ونوه إلى أن اللجنة في السابق لا تستطيع التدخل في القوات المسلحة، ودعا نبيل إلى تشكيل مفوضية الأجهزة العدلية التي تم تشكل من أجل المحاسبة، وقطع باستحالة بناء نظام ديمقراطي دون أن تكون السلطة القضائية فوق السلطة التنفيذية.

ولفت إلى أن لجنة التمكين طبيعتها إدارية، وذلك لعدم وجود لجنة سياسية تصدر قرارات،.

ويقول أديب إن النظام الديمقراطي يبدأ بتفكيك نظام الدولة القديم، والقضاء على أساليبه، وأن إزالة التمكين واجب مهم لا بد من أدائه خلال الفترة الانتقالية وما بعدها، بطريقة لا تخرق سيادة حكم القانون، وموازنة السلطات، إزالة تمكين مشروع سياسي عبر القانون، وشدد على ضرورة الالتزام بالدستور للمضي قدماً.

مخالفة دستور

فيما يرى القانوني د. عبدالله درف أن المشكلة ليست في لجنة إزالة التمكين، إنما قانون اللجنة الذي به مجموعة من المخالفات الدستورية والقواعد التي لم تكن عامة مجردة.

وانتقد درف منح اللجنة حق فصل وإنهاء خدمة الموظفين العامين، وحل المنظمات، وقال: هذا مخالف للوثيقة الدستورية، التي تنص على عدم جواز مصادرة المال الخاص إلا بحكم قضائي، علاوة على وجود الكثير من القرارات مستندة على تمييز سياسي، رغم أن الوثيقة منحت حق المشاركة وعدم التمييز وفق اعتبارات سياسية بحسب المادة 59.

وأضاف: اللجنة لم تستمع للمفصولين، وأكد مخالفة اللجنة للوثيقة الدستورية والمواثيق الدولية التي منحت حق الدفاع والسماع، ورهن عبدالله معالجة أخطاء لجنة التمكين بمراجعة قانونها لترسيخ العدالة.

واتفق مع أديب على أن طبيعة لجنة التمكين سياسية لا يحق لها مصادرة القرارات، وأن نصوص قانونها لا تتواءم مع القوانين الدولية ومواثيق الحقوق والحريات التي صادق عليها السودان.

وحول توصيات التي قدمتها الحرية والتغيير بعد ورش تقيم عمل لجنة إزالة التمكين، قال إنها تزيد المشهد السياسي والاجتماعي تعقيداً، وذلك لأنها أكثر سوءاً من تجربة اللجنة السابقة، بالإضافة إلى أنها توصيات مخالفة للقوانين والمواثيق، وأشار إلى أن النائب العام عطل إجراءات التقاضي في مواجهة أعضاء لجنة إزالة التمكين، مطالباً بعمل لجنة التمكين وفق القانون والإجراءات القضائية.

إلغاء قرارات

وفي وقت سابق أوصت ورشة عمل حول “لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو” بإلغاء قرارات القضاء التي أعادت النظر في قرارات لجنة إزالة التمكين المحلولة بخصوص منسوبي النظام السابق. ووفقاً لمشاركين في ورشة العمل دعت التوصيات إلى عملية إصلاح أمني، تتطلب إنهاء التمكين في الأجهزة النظامية شرطاً ضرورياً للتحوُّل الديموقراطي، وطبقاً للتوصيات شدَّدت على قيام شرطة خاصة بلجنة إزالة التمكين فور عودتها للعمل بموجب الاتفاق الإطاري وإعفاء الدائرة القضائية في المحكمة العليا، فيما أكد البيان الختامي لورشة العمل على ضرورة عودة لجنة إزالة التمكين بهيكل جديد وتطوير القانون والإجراءات واسترداد الأموال التي استولى عليها.

مطلب ثورة

وفي السياق يقول: القانوني د. نبيل أديب، لـ(اليوم التالي) إن لجنة إزالة تمكين نظام الثلاثين من يونيو ومحاربة الفساد واسترداد الأموال أحد مطالب الثورة الأكثر أهمية لارتباطها بتأسيس نظام ديمقراطي يخضع لحكم القانون ولكن ذلك يجب إنجازه وفقا للأسس الديمقراطية السليمة، ويوضح أديب أن الأسس تتمثل في العدالة الإجرائية في جميع مراحل التحقيق والمحاكمة وهذا يتطلب بالضرورة أن تحال الاتهامات للقضاء الذي يختص دون غيره بالفصل في الخصومة، بالإضافة إلى الفصل والموازنة بين السلطات واستقلال أجهزة الدولة الدائمة عن السياسة الحزبية، علاوة على تفعيل مفوضية مكافحة الفساد ومدها بالكفاءات المستقلة عن الأحزاب السياسية.

بينما تمنى عضو اللجنة المحلولة، المستشار القانوني، عوض كرنديس، عودة لجنة إزالة التمكين، وأن تكون لجنة قانونية كاملة الأركان تمثل فيها الشرطة ونيابة من أجل فتح البلاغات والتحري عنها بجانب إنشاء محكمة خاصة تمر قراراتها بكافة المراحل الاستئنافية المنصوص عليها في القانون. ويوضح عوض في إفادة لـ(اليوم التالي) أن أخطاء اللجنة السابقة تتمثل في أنها كانت تكتفي باسترداد المال المنهوب دون محاسبة قانونية لمن نهب.

ويضيف: من استولوا على المال العام دون وجه حق كانوا يستمعون إلى قرارات الاسترداد عبر القنوات الإخبارية وهم يرتشفون الشاي بمنازلهم..!!

ووصف ذلك بأنه وضع أسوأ بكثير من نظام التحلل الذي ابتدعه النظام المباد، وذلك لأن الشخص يقوم بالتحلل أمام النيابة وبعدها تقيد دعوى جنائية في مواجهته.

تطوير لجنة

ولم تذهب بعيداً عضوة اللجنة التمهيدية لنقابة المحامين، المحامية نون كشكوش، وشددت في إفادة لـ(اليوم التالي) على ضرورة تفكيك بنية نظام الإنقاذ، من خلال تطوير لجنة التفكيك، عبر إنشاء مفوضية مكافحة الفساد والتنسيق بينها ولجنة التمكين، إضافة إلى فتح بلاغات في الملفات التي تم حصرها بواسطة اللجنة وأن تذهب إلى المحكمة لإكمال الدائرة العدلية وعدم مصادر حق أي متهم يدافع عن نفسه، وعدم مصادرة إلا بحكم قضائي، وأن يكون الحجز عبر النيابة حتى صدور القرار القضائي له درجة استئناف.

وتضيف كشكوش وهي مسؤول حقوق الإنسان في نقابة الصحفيين، أنه يمكن تطوير لجنة التفكيك بتعديل قانون الإثبات وقانون الإجراءات الجنائية الذي به مشاكل علاوة على القانون الجنائي لسنة 1991، الذي هو بحاجة لمراجعة، وذلك لتأسيس دولة القانون والعدالة بشكل صحيح، لمنع حدوث تمكين جديد في المستقبل، وتستطرد: يجب تكوين المحكمة الدستورية، لا سيما وأن غيابها أثر على كافة القوانين وعلى لجنة التفكيك.

وتقول إن تمكين نظام الإنقاذ داخل مؤسسات الدولة المختلفة حتى العدلية ما زال مستمراً حتى بعد الانقلاب، واستشهدت بتضارب القرارات التي يتخذها رئيس المجلس السيادي عبد الفتاح البرهان مع اللجان المختلفة في المؤسسات العدلية، ووصفت ذلك بأنه استغلال القضاء للتمكين وعودة الإسلاميين مرة أخرى وتكسير قرارات لجنة التمكين.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب