ظاهرة النز.. محاصرة المسببات وخطط المواجهة
الخرطوم: علي وقيع الله
برزت حديثاً ظاهرة النز في بعض الولايات، مما أثارت المخاوف على مستواها الرسمي والشعبي، باعتبار أنها من المهددات الرئيسية لحياة المواطنين واقتصاديتهم، جهات الاختصاص وضعت للأمر أهمية كبيرة من أجل العمل الجاد لمجابهة الظاهرة المستجدة بكل جوانبها على عجالة من الأمر، وينبغي بالضرورة دراسة الأمر بصورة أوسع وعمل خريطة غرضية لمعرفة ما يحدث بغرض الوصول إلى حلول ومعالجات.
بدورها.. وزارة الري ممثلة في وكيل الوزارة أعلنت تبني القضية وتصعيدها لرفعها إلى الجهات العليا من بينها مجلس الوزراء والجهات السيادية، والذي كشف عن اتهامات طالتهم في إدارة السدود بأنهم سبب في ظاهرة النز.
محاصرة الظاهرة
كشف رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للأبحاث الجيولوجية بروفيسور، الشيخ محمد عبد الرحمن، ظاهرة النز التي ظهرت فى ولايات الخرطوم، نهر النيل، الشمالية، عن عدة أسباب: منها مياه الأمطار و الصرف الصحى و آبار السايفون و أنابيب المياه القديمة المتفجرة، بجانب ارتفاع منسوب النيل والمجاري القديمة المدفون، بالإضافة لانتشار المباني والعمران، وأكد أن الظاهرة خطيرة وقد أثرت كثيراً فى حياة الناس و اقتصادهم، ودعا فى حديثه أثناء المحاضرة التى قدمها عن ظاهرة النز، أمس (الأربعاء)، بمقر الهيئة العامة للأبحاث الجيولوجية، بالخرطوم، والتى شهدت حضوراً كثيفاً من مديرى الإدارات بالهيئة والوزارة والوزارات ذات الصلة وأساتذة الجامعات والشركات والمهتمين، إلى تضافر الجهود الرسمية والشعبية وتكاملها مع توفر الإرادة السياسية لمحاصرة الظاهرة، وشدد على ضرورة مواصلة الدراسات المتعلقة بالظاهرة لكل منطقة خاصة، مناطق البرقيق، عطبرة، الجزيرة مقراد والخرطوم.
هاجس وخطر
وقال الشيخ إن ظاهرة “النز” أصبحت تشكل هاجساً وخطراً يهدد سلامة المواطنين والمنازل والمباني والأراضي الزراعية، مبيناً أنها في السابق كانت محصورة فقط في أمدرمان شارع البوستة، الزعيم الأزهري، بيت المال الملازمين والمسجد الكبير، وقطع بأن الظاهرة أصبحت ملفتة للنظر، وبالتالي تهدد بعضاً من الأحياء العريقة بولاية الخرطوم، مبيناً أن الظاهرة تتركز حول السدود(مروي، سد النهضة، السد العالي) وقال إن الظاهرة في الشمالية لم تكن معروفة قبل قيام سد مروي، وأرجع ظهورها لأسباب جيولوجية وتركيبية قنوات الري والصرف الصحي و أنابيب إمدادات مياه الري و شبكات المياه القديمة، وألمح لإمكانية أن يكون لشبكات الصرف الصحي الجديدة أثر على المناطق، وقال إن طريقة البنيان للمساكن القديمة تنذر بضرورة ترحيل المواطنين لجهة خطورتها، بيد أنه أشار إلى أن هجرة المواطنين والأهالي ليست بجديدة ولكن المشكلة تكمن في خطورة ترحيل الآثار (تهراقا) لأنها تمثل بداية حضارة وثقافة السودان، وشدد على ضرورة تداركها، وأردف.. نحتاج إلى صيحة عالمية لمعرفة ما يحدث تحت الأرض، وشدد على ضرورة دراسة الأمر بصورة أوسع وعمل خريطة غرضية لمعرفة ما يحدث في المنطقة، داعياً إلى الوصول إلى حلول ومعالجات، مؤكداً أن هناك عدداً من الجهات ذات الاختصاص كشركاء في القضية (التخطيط العمراني، الري)، وحث على التدخل العاجل لمعالجة المشكلة بصورة جذرية بالولاية، من خلال التحليل العلمي الجيولوجي قبل التفاقم، وأشار إلى أهمية إشراك المنظمات الأجنبية في الحلول، وانتقد عدم التنسيق بين الجهات؛ خاصة في ما يتعلق بإنشاء المباني والتصديق لها، وضرب مثالاً لذلك لإنشاء المنطقة الحرة بحري، والتصديق لكميات من المصانع تستخدم كميات كبيرة من المياه.
مشكلة مؤرقة
وأقر وكيل وزارة المعادن د.محمد سعيد زين العابدين بأن ظاهرة “النز” أصبحت مشكلة مؤرقة، و دعا أساتذة الجامعات والجيولوجيين للمساعدة في معرفة سبب الظاهرة والوصول إلى حلول للمحافظة على السودان.
تصعيد القضية
من جانبه أعلن وكيل وزارة الري والموارد المائية مهندس مستشار، عثمان مصطفى أحمد، تبني الوزارة لتصعيد القضية لرفعها إلى الجهات العليا، من بينها مجلس الوزراء والجهات السيادية، كاشفاً عن اتهامات طالتهم في إدارة السدود بأنهم سبب في ظاهرة النز، وعاب على الجهات عدم استصحاب رأي وزارة الري في نمط الري في بعض المناطق من بينها البرقيق، وأكد أهمية التنسيق في المخططات السكنية، كاشفاً عن عدم إشراكهم في كثير من توزيع المشاريع الاستثمارية الزراعية، وأكد أنها تتم دون الرجوع إليهم، وطالب بوجود دور واضح للجيولوجيين في الدولة.
